الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف ظهرت البروليتاريا الفلاحية بالمغرب وماهي ظروف عملها ؟

حميد هيمة

2007 / 7 / 22
الحركة العمالية والنقابية



قبل الشروع في رسم ملامح الشكل الاجتماعي ودور الضيعات الفلاحية - كوحدات إنتاجية- في هذا التحويل الاجتماعي ، نذكر أن التركيب الاجتماعي القروي [ قبل 1912] قد خطا عدة خطوات على طريق التمايز والانقسام [ قبل 1912] ، غير أن هذه الصيرورة التطورية -التصاعدية ستنحرف عن مسارها الطبيعي بسبب ما أحدته انفلات الرأسمالية الأوروبية عن مركزها الأصلي وإدماجها القسري للمغرب بالاقتصاد العالمي في وضع اقتصادي واجتماعي وتاريخي لم يكن – المغرب- مهيأ له.
إن إقامة النظام الاستعماري ، مع ما يعنيه ذلك من ضخ للرؤوس الأموال الاستثمارية في الوسط القروي ، قد أحدت تغييرات مجالية ؛ بحيث أن توفير المجال الزراعي اللازم لتأسيس الضيعات الفلاحية الكبرى كان يعني انتزاع الممتلكات العقارية من الدولة كما الجماعات القبلية و تحويلها إلى أملاك خاصة مضمونة قانونيا بفضل المرونة القانونية التي وفرها ظهيري 1914 و 1915. وإذا كانت الملكية العقارية تمثل ، في نظر الساسة الفرنسيين، متكآت الوجود الاستعماري و ضمان استمراره ، فإن الإدارة لجأت إلى كل الوسائل و الحيل الممكنة لتوسيع تلك القاعدة العقارية ، حيث ستعمل على الإشراف على تأسيس عدد من الشركات« كالشركة الشريفة للاستعمار» 1920 التي ستعمل على إنشاء وتجهيز الضيعات و تفويتها للمعمرين المتدفقين من فرنسا ، وقد بلغت مجموع ممتلكاتها سنة 1924 حوالي 5470 هكتار منتشرة بمناطق القنيطرة ، مشرع بلقصيري ، سوق أربعاء الغرب ، حد كورت،،، كما وجهت « شركة سبو » تركيزها على تجفيف و تطهير المرجآت و استصلاحها ،،،.
و قد تواصل مسلسل تملك الأراضي بتشجيع من الأبناك الأوربية وهو ما أدى إلى تمركز مجالات فلاحيه ضخمة في يد المعمرين والقواد المخزنيون و شيوخ الزوايا [ الو زانية ] وقننوا ما كان بحوزتهم من أراضي و مصادر مياه مقابل الاستمرار في وظائفهم المخزنية التحكمية و الممارسات التدجيلية التضليلية.
وإذا كان مجموعة من الباحثين قد راهنوا على قدرة الرأسمالية الكولونيالية على تشطيب كل العلاقات الإنتاجية العتيقة ، فإن معطيات الواقع الميداني تعاكس هذا الطرح ‘ إذ ستعمل سلطات الحماية على تدجين و تطويع الأنماط الإنتاجية ما قبل الرأسمالية وتسخيرها لفائدتها.
لقد نجم عن عمليات انتزاع و مصادرة الملكيات العقارية و مركزتها في يد المعمرين و الإقطاعيين ، و تحويلها إلى مؤسسات اقتصادية و إنتاجية ، مع ما خلفه الانتقال من اقتصاد فلاحي طبيعي معيشي إلى اقتصاد نقدي سوقي ، إلى تحول جماهير فقراء القبيلة ، بالتدريج ، إلى فلاحين أجراء بضيعات المعمرين بعد الانفلات من الروابط الأيديولوجية والعشائرية-القبلية، التي كانت تشدهم فيما سبق إلى أراضي الإقطاعية القيادية أو الإقطاعية الدينية .
إن قيام الفلاحين ببيع قوة عملهم في ضيعات المعمرين كان مؤشراً حقيقياً على ظهور العمل المأجور بالمجال المدروس ( القنيطرة ، سيدي يحي الغرب ، سيدي سليمان ، بلقصيري...الخ . وفي هذا الصدد يسجل الباحث المغربي "عبد الله حمودي" أن« في منطقة الغرب ، كانت الفوائد الضخمة تطرح رهانات تتجاوز اختصاصات الحاكم ، فقد ساهمت أشغال البنيات التحتية الكبرى والاستيطان الزاحف في عرض الفلاحين والزج بهم في سوق الشغل ، وهكذا ظهرت بدرة البروليتاريا ».

2- ظروف العمل بالضيعات الفلاحية في ظل الأنظمة الرأسمالية الكولونيالية :

بعد استعراض الظروف الموضوعية المؤطرة ،من حيت السياق ، لنشأة نواة البروليتاريا الفلاحية ، ننتقل إلى إبداء بعض الملاحظات الأولية عن ظروف العمل بالضيعات الفلاحية :

1- أن التشغيل بالضيعات الفلاحية كان غير منتظم ، إذ أن أعداد المستخدمين يرتفع ويتقلص تبعاً لحجم العمل المطلوب ‘
2- أن كل الضيعات تضم فئتين من العمال فئة رسمية وقارة ، و تعمل طوال السنة و فئة مؤقتة سيتم استقدامها من الدواوير القريبة كلما دعت الحاجة لذلك ‘
3- لضمان السير العادي للضيعة ، يعمل صاحب الضيعة على تفويض بعض الصلاحيات للْعريف (كابران) المكلف بمراقبة العمال و غالباً ما يكون غريبا عن المنطقة !
4- أن كل العمال هم من جنس الذكور ، وهو ما يعني أن العمل بالضيعات كان يحتاج للعمل العضلي فقط ، في حين تكتفي النساء بالعمل في منازل المعمرين ، الأعيان ...الخ ‘
5- حسب بعض الوثائق فإن بيع قوة العمل كان هزيلاً ويتم دفعه أسبوعياً.
6- إن تأديب العمال وممارسة العنف عليهم كان يتم من طرف القايد وليس المعمر، فحسب أحد الشهادات ،فإن القايد ولد زازية (سيدي يحيى الغرب) يعاقب أي عامل تجرأ على استبدال العمل بضيعة أخرى أو تمرد على شروط الاستغلال‘
7- أن هذه الممارسات غالباً ما كانت تجلب غضب المقاومة ، إذ تسجل الروايات ، أن بعض أعمال المقاومة وجهت ضد الضيعات كإتلاف المحاصيل أو هدم منشآت الضيعة ، بل أن أحد المعمرين (LA GARDE) أفلت بأعجوبة من قبضة المقاومة.
السؤال الذي يطرح ، هو ماهي سياقات نشأة التعبيرات التنظيمية المعبرة عن مصالح هؤلاء العمال في غياب تقاليد نقابية؟

حميد هيمة ، أستاذ مادة الإجتماعيات ، السلك الثاني ، نيابة خريبكة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - بعض الناس عايزين يقاطعوا اللحوم والبيض زي الأسم


.. كلمة أخيرة - اختيار مستشفيات التأمين الصحي بعناية شديدة.. شو




.. كلمة أخيرة - متحدث وزارة الصحة: المواطن من حقه اختيار مكان ا


.. كلمة أخيرة-إدارة لقياس رضا المريض عن التأمين الصحي..عضو لجنة




.. هل المواطن راضي عن التأمين الصحي الشامل؟.. جدل على الهواء بي