الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات التركية: هل ستخرج البلاد من أزمتها؟

عارف جابو

2007 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يتوجه يوم الاحد نحو 42,5 مليون مواطن تركي من بين سكان البلاد البالغ عددهم 74 مليون نسمة للادلاء بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد. فقد كان رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان كان قد دعا الى انتخابات برلمانية مبكرة إثر فشل البرلمان في انتخاب وزير خارجيته عبد الله غول رئيساً للجمهورية، وحشد المعارضة العلماينة لمؤيدها الذين نزل اكثر من مليون منهم الى الشوارع في المدن الرئيسية بغية منع تولي اسلامي لرئاسة الجمهورية. كما تدخل الجيش وهدد حكومة حزب العدالة والتنمية من خلال بيان نشره الموقع الالكتروني للقيادة العامة لأركان الجيش التركي، جاء فيه: "ان المشكلة تتلخص في ان العملية الانتخابية الرئاسية مبنية على مجادلات بشأن العلمانية.... لا يمكن تجاهل ان الجيش التركي طرف في هذا الجدل وهو المدافع عن العلمانية وحاميها وسيعبر عن موقفه ويتحرك بشكل علني وواضح كلما اقتضت الضرورة ذلك". وقد أدركت حكومة أردوغان ان الجيش جاد في تهديده، وقد سبق له وان قام بثلاثة انقلابات منذ عام 1960 وفي عام 1998 ارغم حكومة حزب الرفاه الاسلامي بقيادة نجم الدين اربكان على الاستقالة، ويرى بعض المراقبين أن التهديد الاخير لأردوغان ودعوته لانتخابات مبكرة هو بمثابة "انقلاب ابيض" او على الاقل ارغام على الاستقالة، فما كان من أردوغان إلا ان يهرب الى الامام ويلجأ الى الشعب لتعزيز موقعه وموقع حزبه في السلطة ويرغم الجيش على القبول بأمر الواقع طالما يتشدق بحرصه على قيم الديمقراطية والجمهورية العلمانية.

هذا وتشير استطلاعات الرأي الاخيرة الى ان حزب العدالة والتنمية سيفوز بأغلبية مقاعد البرلمان في هذه الانتخابات وان أردوغان سيترأس الحكومة القادمة، ولكن لن يفوز حزبه بأغلبية ثلثي مقاعد البرلمان التي تمكنه من تعديل الدستور وانتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين صفوفه وبالتالي احكام قبضته على كافة مفاصل السلطة وابعاد العلمانيين المتشبثين بتعاليم اتاتورك عن آخر معقل لهم.
ورغم التوقع بأن حزب العدالة سيفوز بنسبة 40 % من اصوات الناخبين وهي نسبة تزيد على تلك التي حققها الحزب في الانتخابات الماضية حين فاز بـ 34 % من الاصوات، إلا انه سيشغل مقاعد اقل، حيث من المتوقع ان يجتاز حزب الحركة القومية عتبة الـ 10 % ويصل الى البرلمان الى جانب حزب الشعب الجمهوري المعارض بقيادة دانيز بايكال الذي تتوقع استطلاعات الرأي ان يفوز بـ 20 %. أما المرشحون الاكراد من حزب المجمتع المدني فيتوقع ان يصل حوالي ثلاثين منهم الى البرلمان ولكن كمستقلين، وذلك للالتفاف على شرط حصول الحزب على 10 %، ولكي يستطيع هؤلاء تشكيل كتلة برلمانية يجب ألا يقل عددهم عن عشرين نائباً.
وبهد التشكيلة المحتملة، سوف تتسم جلسات البرلمان المقبل بمشادات وصدامات حادة بين حزب العدالة والتنمية الاسلامي من جهة وحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض من جهة اخرى، والصدامات الاشد والاكثر حدة ستكون بين النواب الاكراد الذين سيطرحون المشكلة الكردية في البرلمان ويطالبون بحل لها، وبين حزب الحركة القومية الذي يرى ذلك تهديداً لوحدة البلاد والامن القومي. وتجدر الاشارة الى أن حزب الحركة القومية الذي يتزعمه دولت بغتشلي هو حزب قومي يميني متطرف كان متورطاً في الصدامات الدامية التي وقعت بين اليمين واليسار في تركيا في السبعينات والثمانيات من خلال منظمته الشبابية "الذئاب الرمادية" التي كان في صفوفها محمد علي اغجا الذي حاول اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1982. وقد استطاع هذا الحزب الاستفادة من القلق المتزايد لدى السكان إزاء الوضع الامني بعد تزايد حدة المعارك بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، وقد وظف ذلك في حملته الانتخابية، فزاد من حدة خطابه ووعد رئيسه باعادة العمل بعقوبة الاعدام اذا فاز بأغلبية الثلثين.

وإذا جاءت نتائج الانتخابات كما هي متوقعة، فانها لن تجلب الاستقرار للبلاد ولن تخرجها من أزمتها السياسية الحالية. سيتحتم على حزب العدالة والتنمية ان يشكل حكومة بمفرده وإذا لم يتمكن من ذلك، لا بد له من الحصول على دعم النواب الاكراد الذين سيطالبون بأخذ مطالبهم ووعودهم الانتخابية بعين الاعتبار في برنامج الحكومة المقبلة. وذلك ان المعارضة العلمانية والقومية المدعومة من الجيش لن تشارك في ائتلاف حكومي يقوده الاسلاميون. كما ان الجيش لن يقف مكتوف الايدي إزاء حكومة اسلامية مدعومة كردياً، فليس من المستبعد ان تزداد حدة الازمة الحالية التي ستشكل انتخابات جديدة اخرى خلال هذا العام مخرجاً لها، هذا اذا لم يتحرك الجيش ويستبق ذلك بانقلاب جديد ويسيطر على السلطة، رغم ان ذلك ليس مرحباً به لا من الجانب الامركي الذي يريد ان يكون حزب العدالة والتنمية نموذجاً للاحزاب الاسلامية المعتدلة في المنطقة، ولا من الجانب الاوربي الذي يراقب تطورات الوضع في تركيا عن كثب ويفضل وصول حزب أردوغان الى السلطة مرة اخرى ففي عهد حكومته تمتعت البلاد بالاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، والاهم من ذلك ان حكومة أردوغان حققت حزمة من الاصلاحات القانونية والدستورية وخطت بذلك خطوات جادة باتجاه اوربا لم يسبقها الى ذلك اي من الحكومات العلمانية السابقة.
وهناك ملفات شائكة عديدة تنتظر الحكومة المقبلة لعل اولها انتخاب رئيس جديد للبلاد سيكون لأردوغان القول الفصل في اختياره، والموضوع الاصعب الذي على الحكومة مواجهته هو المشكلة الكردية بعد تزايد حدة المعارك بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، وازدياد ضغط الرأي العام على الحكومة بعد الخسائر البشرية التي مني بها الجيش في الفترة الاخيرة.

_________
عارف جابو: محرر عفرين –نت
www.efrin.net








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح