الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كهربة المواطن العراقي

احمد ثامر جهاد

2007 / 7 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حتى فيما يمكن اعتباره ربيعا أو شتاءَ بشريا ، وحتى وان لم تتناولها الرواية العراقية في تاريخها الثقافي ،اعتبرت مشكلة إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق( وربما منذ فجر السلالات) إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها مواطن هذا البلد المكهرب منذ عقود عدة والى وقتنا الراهن بشكل جعل لها ( أي الكهربة المنشودة ) غلبة على كل هموم العراقيين وأولوية مطلقة توازي رغبة المرء في دخول الجنة أو الفرار من النار .
وفيما أخذت تلك المشكلة في راهن حياتنا العراقية أبعادا جديدة بتشابكها مع رديفتها المزمنة المشكلة الأمنية خلال ما يطرأ حينا وحينا من استهداف عمد لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية وكذا ضرب الخطوط الناقلة للتيار الكهربائي في غير مدينة عراقية أثناء اضطراب الأوضاع في هذه المدينة أو تلك،بدا الشأن الكهربائي متفاقما بشكل جعل الحل فيه اقرب إلى المستحيل بنظر المواطنين وربما حتى بنظر المؤسسات الحكومية ذات العلاقة. في المقابل تبدو الجهات الحكومية المعنية بشؤون الطاقة الكهربائية حثيثة الخطى في معالجة هذا الخلل الذي يفتك بمواطنيها في صيف عراقي لاهب لن يكون الأقسى في قاموس حياتهم المتصاعدة سوءَ ومعاناة، فهي ساعية (أي المؤسسات الخدمية) كما تدعي غالبا إلى إصلاح أو ترتيق هذا الخلل لكن بحلول مؤقتة تهدأ سخونة أعصاب الناس ،فيخلق سعيها مشاكل وصعوبات عملية أخرى بعد انقضاء فترة وجيزة، ليرى المواطن ان المشكلة الأساس قد تشعبت بقدرة عجيبة إلى مشاكل أخرى اشد تعقيدا، فيحتال المرء والحال هذه على سوء وضعه (الكهربائي) بتدبير خط مساعد من الجوار الأقرب ليبدو المواطن الصالح هاهنا فردا متجاوزا على الحق العام بنظر القانون وعرضة للعقوبة والمساءلة.
لكن خبرا سريعا يسمعه هذا المواطن المكهرب أو تقريرا قصيرا يشاهده من على شاشة التلفاز عن مبالغ خيالية لاستيراد محولات أو قطع غيار جديدة يكون كافيا أحيانا لتطمين جل مخاوفه وتمرير شهر أو اثنين بانتظار وصول القافلة المعجزة ،فيما يرى آخرون (بتشائم ثقيل) في تلك المبالغ الخرافية المخصصة لمعالجة كهربائنا الوطنية مؤشرا على سوء حاصل لا ريب سيفتح هول المبالغ فيه شهية من لا يكترث بهموم الناس ولا يقدر حيوية المعطى الكهربائي لسلامة الوجود البشري وبقاء النوع.
وفي الغضون يحار وزراء الكهرباء في اجتراح حلول ناجعة لهذه المشكلة الوجودية المزمنة ، تارة في الاعتماد الكلي على محطات المدن الآمنة ( من كانت آمنة منها ) التي عليها - ورغما عنها - ان تغذي المدن غير الآمنة بما أوتيت من طاقة إنارة وقدرة ضياء. فيثور غالبا أبناء المدن المفقرة إلا من كهرباء شحيحة وجدت على أرضهم يوما ما بحساب حكومي خاطئ استقدم حينذاك شركة هندسية أجنبية أصبحت اليوم من تراث متاحف المعسكر الاشتراكي في عدالة توزيع الثروات الوطنية.
ولن يكف المواطن الموتور ذاك عن سب من يحاول ان يسلبه آخر ما يملك في جحيم وجوده باعتبار ان تصريحات حكومية كتلك تؤجج في لاوعيه خشية تسلط مقيت قد يسلبه مرة أخرى نعمة من نعم الله وحقا بسيطا من حقوقه لا لشئ الا لعجز في تحمل المسؤول المركزي لمسؤوليته أو انعدام لكفاءته أو تفريغ لرغبة دفينة في تمرير الأوامر الوزارية من علو .
وفي مناخ قائظ كهذا يخادع المرء همومه ويلاعبها بتمرير الوقت فيتندر من ذاك الذي يتهم مدينة أو أخرى بمروقها على الخطط الإستراتيجية للسياسة الكهربائية الوطنية والتي تتسبب هي بعينها ولاشئ سواها بإرباك كهربة البلاد من جنوبها إلى شمالها. لكن المواطن ليس على صواب دائما خاصة حينما يترك لحسه المناطقي ان يغلب بلحظة انفعال عابرة حسه الإنساني المشفوع بضرورة مشاركة أبناء البلد الواحد حلو حياتهم ومرها..
وفي الليل بجلال ظلامه أو ببصيص ضيائه، سيجلس ذاك المواطن : وحيدا ، مغتربا ، كئيبا لا يفكر بالوزير ولا بالوطن ولا بحبيبته التي ترقب منه مشاعر مكهربة تحييها.
ومع تلاشي غيمة دخان ينفثها بدوائر بريئة ، يشعر المرء لحين بسعادة طاغية وهو يطالع عريه البدائي في مرآة فقيرة : تضحك أمامه.. فيدرك قصر عمره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ