الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسم بالكلمات

وسام النجفي

2007 / 7 / 23
كتابات ساخرة


إن إشتداد الصراع ، وتحول الكثير من المفردات الإنسانية الى لغة البارود ( الطلقة ) والموت قد جعل من الوصف جريمة بحد ذاتها قد يدفع المرء حياته ثمناً لذلك ، فالمشهد العراقي الذي تعكس مفاصله الدرامية حياة الغاب ومعادلة الغالب والمغلوب في حين تؤكد كل المقايسس إن الكل مغلوب ، وهنا قد لا أجد غير الرسم بالكلمات تعبيراً لوصف العراق. فلايستطيع اليوم نزار القباني مقاضاتي لأني أعيش حالة اللاقانون وفق ظاهرة الديمقراطية التي فرضها الزمن علينا بكل إنفلات وهستيرية ،فتفكك الخطوط الإنسانية جعلت كل فرد منا يستيقظ على صباحات فيها صوت البلبل يكون مدوياً بدل أن يكون شادياً و ( تنورالحاجة أم حازم ) ترتفع أعمدة دخانه فوق سماء بغداد حاملةً روائح لأرواح بشر وليس لخبز ، ونخيل البساتين يكون قطعاً كونكرتية تتحطم عليها كل أحلام العذارى ، وثمة سائل من أطراف الكرة الأرضية يسأل عن العراق ويطالب برسم بسيط بالكلمات عن وطنه !!!!!
لم يكن المرور في شارع المتنبي غير الدخول في عالم أخر، عالم يجلس فيه المتنبي بكل أسترخاء في أحد جوانب الشاهبندر وهو فخور بما خلده به الشعر وفجأة يتحول كل ذلك العالم الى نار وجرحى وكتب تحترق على ارصفة أفترشها الناس دهراً إنها أرصفة الحكمة التي حملت على أكتافها كل الثقافات والعلوم يوم كان الشارع يعج بالقراء والكتاب وبائع شراب الزبيب وعلى بعد أمتار يقف الرصافي بتمثاله يرنو ببصره نحو رصاصات تنطلق من مكان مجهول لتقتل كل جميل .
وبعد كل إعصار دموي أدعوا نفسي بأن تحلم ..وتحلم للخلاص من واقع مرير تترأء ى خلفه لوحات من الجماجم واشلاء مبعثرة هنا وهناك ولكن ثمة شيء بات حقيقياً بالرغم من إنه بدء كحلم !!
اي حلم هذا الذي جعل من جنان الصرافية مقبرة للأمان و( كومة حديد) تنتشر على أكتاف دجلة المثقل بالشيب ، أي حلم هذا الذي لابد أن تكون نهايته حقيقة في هذا العصر الممطر بالدمع والأسى ، فهل يكون حلمي مخترق كاختراق الأجهزة الأمنية ، ففي بلدي كل شيء مخترق و لا أعلم بأي قلم سأرسم ....
كلماتٍ ليست كالكلمات
...لأختزل خارطة بلد لا أعرف من أي جزء أمسكها ولا تتفتت بيدي كأي شمعة إنقطع بها خيط الحياة وهي في منتصف طريق تحفه الذئاب من كل صوب ، ولا أعلم أيضاً كيف سأعّبر عن لون تلك الكلمات ولون واحد يطغي على لوحة العراق إنه نفس اللون الذي ممكن أن يكون للحب لكنه بات أكثر للعنف والرعب حتى إصطبغ فيه كل شيء ، حتى مطريات السياب امست مطراً أحمراً ....
والمطر الأحمر في عيني .....
يتساقط زخات .... زخات
فــ (عيناكِ ) التي نادى بغابتها بدر ساعة السحر أصبحت ساعة أحتضار لكل الشرفات التي ينأى عنها القمر بكل إنكسار.
هكذا أرتسمت الحروف رغم أنوفنا ، كثيرة الميلان قليلة الإعتدال حلزونية النسق مبهمة التفسير مرفوعة الحزن مكسورة الأمل مجرورة المصير مشدودة بالألم وعليه يبدو السكون هو الشكل الطبيعي للكلام والكتابة والرسم لتكون لوحة صامتة كصمت الضمير اليوم أو صمت دجلة والفرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال