الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظواهري وسياسته الإنتهازية في الترويج لمشروعه

محمد مصطفى علوش

2007 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ما فتئ الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري يلقي حزماً من النصائح والتوجيهات لحركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين، في محاولة منه لإحراجها في مواقفها السياسية التي تبنتها منذ وصولها للسلطة، وحتى انكفائها في قطاع غزة. والملاحظ في خطابات الظواهري في الآونة الأخيرة هي كثرتها، قياساً على تصريحاته السابقة، وكأنها تتواكب مع التغيرات الدراماتيكية السريعة للتحالفات والتبدلات السياسية في أكثر من موقع على خريطة العالم الإسلامي..
لكن ما هو لافت أيضاً أن جميع خطابات الظواهري تتناول حماس إما بالنقد أو النصح، فتارة يستلطفها، وتارة يقسو عليها، وخلال الخطابين الأخيرين للظواهري بما فيهما الخطاب الأخير كان نقد ونصح الظواهري لحماس بمثابة إحراج لها أمام المجتمع الدولي، الذي لا تفتأ حماس تستلطفه لكسبه، في الوقت الذي لا تعيره القاعدة أي اهتمام، بل يسوؤها ارتماء حركة المقاومة حماس والتترس خلف بعض الأنظمة العربية الداعمة لها بين الحين والآخر، كما هو حال المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبد الله الذي لم يألُ جهداً منذ تنصيبه ملكاً في دعم الشعب الفلسطيني وخيارته السياسية، ولا سيما حماس.
فالظواهري على ما يبدو ما يهمه في هذه المرحلة التي تتعرض فيها حماس لانتكاسة على الصعيد الشعبي داخلياً وخارجياً، فضلاً عن العداء الدولي لها بفضل الفخ الذي نصبته لها إسرائيل والولايات المحتدة في إفشالها المرة تلو الأخرى من إنجاز أي أمر وعدت به ناخبيها الفلسطينيين؛ خصوصاً أنها المرة الأولى التي تصل بها حماس للسلطة.
ما يهم الظواهري في هذه المرحلة من خلال خطاباته المتكاثرة على نحو غير مألوف في الآونة الأخيرة هو تحقيق عدة أهداف كانت القاعدة حرمت منها، لا سيما بعد الاستهداف الذي واجه التنظيم في العراق وانصراف كثير من العشائر السنية عنه، حين وجدت في مشروعه تفتيتاً للعراق ودعوة لاتخاذه منطلقاً لتبيت عمليات عسكرية ضد أعداء القاعدة من أنظمة خارج العراق، وبما أن حماس تعاني الآن صراعاً مريراً بين إثبات وجودها السياسي والحفاظ على مصداقيتها لدى الناخب الفلسطيني فإن الظواهري وجد بها مثالاً جيداً يصل من خلال نقدها وإحراجها إلى تحقيق ثلة من الأهداف تتلخص في النقاط التالية:
أولاً: استدراج فصيل داخل حماس على افتراض ما تردّد من وجود فصيل متشدّد داخل حركة المقاومة الإسلامية حماس طالما كان يرفض الحوار مع فتح للثورة على خيارات حماس السياسية التي لا يخفى على أحد مدى التغير والليونة التي طرأ عليها مع وصول حماس للسلطة، وحتى اليوم لا سيما بعد اتفاق مكة.
ثانياً: إحراج حماس أكثر فأكثر، لا لشيء سوى توجيه رسالة من خلال إحراجها لقطاعات عريضة من الشباب المتدين سواء في فلسطين أو في أي بقعة من العالم، ومضمون هذه الرسالة: "إن تبني الإيديولوجيات الوسطية لدى فئات من الحركات الإسلامية كالإخوان في مصر وجبهة العمل الإسلامي في الأردن وحماس في فلسطين خطة خاطئة وفاشلة وكلاهث خلف سراب، والدليل ما حل بهؤلاء بعد وصولهم للسلطة في كل من مصر والأردن وفلسطين حيث لم يتغير شيء على أرض الواقع، وأن تبنيهم للديموقراطية وممارستها ليس إلاّ تمثيلية تضحك بها الأنظمة على شعوبها وأحزابها المعارضة.
ثالثاً: محاولة إبعاد حماس عن الاقتراب ممن يُفترض أنهم أعداء للإسلام وأهله، كما ترى القاعدة في النظام الحاكم في السعودية المنبع الذي لا ينبض من تفريخ الجهاديين الذين يُستدرجون لمناطق النزاعات حباً في الجهاد تحت شعار الثأر للأمة والذود عن عرضها وأهلها، وقد رأينا في تنظيم فتح الإسلام كيف أن عدد السعوديين الذين غُرّر بهم تحت شعار مكافحة الهجمة الصليبية على لبنان والوقوف في وجه المد الشيعي الإيراني وصل إلى نسبة 30% من أفراد التنظيم متخطين عدد أفراد أي جنسية أخرى في التنظيم بمن فيهم اللبنانيين أو الفلسطينيين أنفسهم، فالمظهر الذي ظهرت فيه القيادة السعودية في اتفاق مكة من إخلاصها وتفانيها في جمع الفلسطينيين والحرص على قضيتهم ومدهم بالدعم المادي والمعنوي كان ليحُول كثيراً من تجنيد الكثير من الشباب الخليجي وخصوصاً السعودي في التنظيمات التي تتبنى الفكر القاعدي في العالم، وما دعوة الظواهري لحماس بنقض اتفاق مكة تحت ذريعة أنها باعت أربعة أخماس فلسطين لليهود إلاّ تحريض واضح وتشكيك ليس بحماس ومنهجها فقط بل بجدية الدعوة السعودية ونيتها في جمع الفلسطينيين أصلاً، الأمر الذي يسهل الطعن الدائم والتشكيك المستمر بسياسة المملكة، ويظهرها بمظهر العدو للأمة والدين فضلاً عن سائر الأنظمة العربية.
وهكذا نرى أن الظواهري الذي يعيب على حماس تغير مسلماتها وأجنداتها واعتمادها السياسة البراغماتية في البقاء في السلطة هو نفسه يمارس هذه السياسة ولو بطريقة مختلفة؛ إذ يتخذ من حماس سلّماً يصعد عليه، ويسجّل رواجاً لمشروعه القائم على تبني العنف مع المستعمر والحاكم الجائر على السواء.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا