الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة واحدة لا تكفي

ميساء قرعان

2007 / 7 / 28
الادب والفن



أريد حياة أعيشها لأتعلم منها وأخرى كي أحيا فيها، هذه هي الرغبة التي داهمتني مؤخرا ، أو هي القناعة التي توصلت إليها ذات اكتئاب شتائي وحيث لم أتوقع يوما أن أكون ضحية لمثل هذه الرغبة، أي الرغبة في حياتين دنيويتين
بعضنا قد يرغب في حياة أخرى أملا في الاستزادة من السعادة أو أملا في تعديل بعض ما كان في الحياة الأولى، لكننا أحوج ما نكون للتعلم في حياتنا الأولى فمجموع خبراتنا بما تحويه من انتكاسات أو نجاحات وآمال وآلام وصدمات صدمة تلو الصدمة هو في الحقيقة ما يؤهلنا لخوض حياة أخرى
لأننا في الربع الأول من عمرنا الافتراضي نحلُم كثيرا وفي الربع الثاني قد نُنجز، وكثيرا ما نصطدم في هذا الربع بمعيقات وصعوبات وصراعات قد نخوضها رغما عنا ، فيها قد نحقق نجاحات لكننا نكتشف بأننا لم نزل في أول السلم، نبذل جهدا أكبر من أجل الوصول إلى وهم تحقيق الذات لكننا في عوز دائم لمضادات الانتكاسات ونكتشف -وحبذا لو لم يكن- بأن معايير النجاح والفشل وتحقيق الذات بما يليق مع التوقعات الموضوعية أو الذاتية تختلف كثيرا عما كنا نعتقد، فالذكاء والموهبة والرغبة في الانجاز والعمل بتفان واستقامة ليست هي المتطلبات لوصول أحدنا إلى مرحلة الرضى عن الذات ، بل على العكس من ذلك قد نكتشف بأن الغباء مضافا إليه الدهاء وبعض الفيتامينات المتداولة اجتماعيا ومنها النفاق وإتقان تلميع الذات والترويج الشخصي هي ما قد توصل أحدنا إلى بر الشعور بالرضى وتدفعه للاستزادة، هؤلاء اللذين يتقنون استخدام مثل تلك المهارات لا شك يشاركوني الرغبة في حياة أخرى لكن ليكونوا فيها من أسياد هذا العالم المُختل المعايير.
أما أنا وانسجاما مع قوالب النفاق الاجتماعي أقول: " أعوذ بالله من كلمة أنا" فلست أرغب في الاستزادة من السعادة التي عايشتها وأعايشها في حياتي الأولى ، لكنني أرغب في تعديل بعض ما كان فيها بأثر رجعي وعن طريق حياة جديدة، في الحياة الجديدة –لو كان لي حق الاختيار- سأختار أن أولد في مجتمع رعوي " أيكيولوجياً وثقافياً" لأمارس فيه الأميّة بتجلياتها، لأعيش فيه حالة من الصدق والبساطة بعيدا عن تعقيد العلاقات الاجتماعية التي فرضتها مدنيتنا المفرغة قلبا المكتظة بالأضواء قالبا.
في ذاك المجتمع قد أختار أن أكون جدتي لأمي التي لم يسعفها العمر كي أتعلم منها سر نكهة اللبن الرايب الذي كانت تحتفظ به في ثوب الماعز المحبوك يدويا ، هناك سأكون أخرى ليس لها علاقة بالثقافة والأكاديميات، تلك الأخرى، أناي في عالم وحياة أخرى لن تحلم فيها بعالم آخر أو مجتمع مثالي آخر لأنها تعلمت من حياتها الأولى أن ليس ثمة مكان للمثل التي كانت تسمى عليا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي