الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا تكلم الرئيس في خطاب القسم...!! 2/3

بدرالدين حسن قربي

2007 / 7 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يبدو لمستمع خطاب الرئيس السوري في ابتداء ولايته الثانية أن كتبة المُطَوَّلة الرئاسية تناسَوا أن عام 2007 هو السنة السابعة والثلاثين لحكم أسرة الأسد وليست بداية الثامنة، وتناسَوا أن خير الكلام ماقل ودلّ فأطالوا متوهمين إقناع الناس بكلام سقيم. والأهم فيما يبدو أيضاً أنهم نسُوا تدقيق مدونةٍ كتبوها أو حتى قراءتها قبل أن يقرأها الرئيس المُجَدَد أو المُمَدّد له على مدى ساعات، فأكثروا فيها التنظير عن مُزدوجاتٍ ومَرَاوحَ من الكلمات والأفكار الخالية من الدسم من مثل المواطن المسؤول والمسؤول المواطن، والقوانين والتعليمات التنفيذية، والأفكار والنظريات والأفكار الأكاديمية، وصياغة القانون ولغة القانون وديناميكية إصدار القوانين..الخ.

كتبة المطولة الخطابية أشاروا مشكورين إلى القضية الكردية لأبناء شعبنا ومواطنينا ولو أنهم اختصروها في إحصاء 1962 ، وسهّلوها وبسّطوها على طريقتهم بدءاً من قول الرئيس للفعاليات الكردية: لاتوجد مشكلة. وهو يعني طبعاً أنها سهلة ومقدور عليها وقابلة للحل، وقوله كذلك: والمشاورات مازالت مستمرة.. عندما ننتهي من هذه القضية.. فالقانون موجود.. وهي قضية بسيطة.. وأعتقد أن هناك اجماعاً وطنياً في سورية حول ضرورة حل هذه المشكلة.‏
سيداتي آنساتي سـادتي..!! قضية بسيطة وسهلة وليس فيها مشكلة، وعليها إجماع وطني وقانونها موجود، وحلّها واجبٌ وقته منذ أمدٍ طويل، وقاربت سن اليأس ببلوغها 45 عاماً من العمر ، قضية بهذا التوصيف من السهولة والبساطة، ثم هذا حالها والعياذ بالله، فكيف العمل والحل في قضايانا المعقدة من القمع والاستبداد والفساد...!!؟

كتبة خطاب الرئاسة للنظام السوري أشاروا مشكورين صراحةً إلى أمراض مستعصية في بناء الدولة من ضعف العمل المؤسسي وفقدان المنهجية في العمل وتشابك المسؤوليات، إلى افتقاد الكوادر المؤهلة للإنجاز وتراجع الإحساس الحافز لأداء المطلوب فضلاً عن ضعف البنية الإحصائية وقواعد البيانات في الدولة مع ضعف آليات المتابعة والمراجعة والتقويم.
هذه الأمراض المشار إليها صراحةً في الخطاب هي لاشك جزء بسيط أشار إليه الكتبة بحسن نية أو سوئها لافرق ليشكل تمويهاً وتغطية وصرفاً للنظر عن أمراضٍ أشد وأنكى، وهي كلها لاشك نتاج موضوعي لنظامٍ قَدِمَ قبل أكثر من أربعة عقودٍ في يوم نحسٍ مستمر على ظهر دبابة منتعلاً بسطاراً، وأسس شرعيته على الوحدانية في النظام والأسرة كما هو البلاغ رقم واحد.
أكثر من أربعين عاماً أمضاها النظام الحاكم في البرّ والتقوى وعمل الصالحات وبناء المؤسسات وفعل الخير، فاختصر العمل السياسي الوطني وقيادته في حزب البعث القائد في الدولة والمجتمع، واختصر سورية الوطن فصارت سورية الأسد، واختصر تاريخها ليبدأ مع حكمه، وظهر الفساد في برِّ النظام وبَحْرِهِ وجوِّه، وبات فيه للفساد والنهب والقرصنة إمبراطوريات، وغدا له (أباطرة) لايتركون شيئاً يفوتهم، وقتل من الشعب قمعاً واستبداداً عشرات الآلاف حتى أوصل سورية الدولة والشعب بما فيها حزب البعث إلى حالةٍ من العقم، أوهنت منها العزم، وأضعفت منها النفسية، وأفقرتها من الكفاءات القادرة حتى أن ماأطلق عليه الحزب القائد في المجتمع والدولة مثلاً افتقد أن يجد في صفوفه يوم وفاة الأسد الأب شخصاً بعثياً وقيادياً مناسباً حسب المواصفات الدستورية للإمساك بدفة الأمر وتولي منصب الرئاسة من خلال ملايينه المزعومة فبان عجزه، وانكشف أمره، مما حدا بالجهات المسؤولة واستراتيجييها إلى تعديل الدســتور للخروج من أم الأزمات.

وأعلمَنا كتبةُ خطاب الرئيس أيضاً أن الأمن وحتى يأذن الله بأمر كان ومازال هو أولوية النظام الحاكم رغم عشرات السنين من حكم أسرة الأسد، عندما لفت الرئيس نظر سامعيه إلى أنه يجب أن تكون الأولويات واضحة.

أظهر كتبة الخطاب قدرةً عجيبة عندما أكثروا الحديث مستعينين أحياناً ببعض الأرقام الجدلية والمتوهمة عن تطوير اقتصادي وسياسي وصفوه بالصعوبة والتعقيد والوقت الطويل الذي يتطلبه، ولكن فضحته صراحة الرئيس عن الفترة الماضية عندما قال:
لم يكن لدينا الوقت حتى لمناقشة أية فكرة لا بالنسبة لقانون الأحزاب ولا لغيرها.. وحتى في مرحلة من المراحل.. حتى الأولوية كانت الاقتصاد.. لم يكن لدينا الوقت لمتابعة الوضع الاقتصادي.. كنا نخوض معركةً مصيرية.. وكان لابد من أن ننجح في هذه المعركة.. لم يكن هناك خيار أمامنا.‏
أما ماهي المعركة التي كان يخوضها النظام ومازال فيها يسبح، فهي بالتأكيد معركة المحكمة الدولية وإقرارها وتبعاتها. وأما كونها مصيرية فالرئيس ورغم تأكيده الدائم على عدم علاقة نظامه بها فإنه يعلم حقيقة الحقيقة، ومن ثم كان وصفه لها بالمصيرية. أما عن النجاح في هذه المعركة فهو بدوره أمر مبكر ولاسيما أن السيد الرئيس أشار إلى أهمية وخطورة أشهر قليلة قادمة. وأما كيف أن البلد ماشية والتطوير والنهضة ماضية على قدم وساق، والأمور عال العال في بلدٍ يُقرُّ رئيسه أنه لم يكن لديهم الوقت حتى لمناقشة أية فكرة في التطوير السياسي أو متابعة الوضع الاقتصادي، فهاهنا هي قدرة أصحاب السيرك عند كتبة الخطاب وبياعي الكلام.

يبقى رعب النظام السوري من المحكمة الدولية وتداعياتها الذي أراد الرئيس السوري إخفاءه حتى بعدم ذكرها ولو بكلمة واحدة ناظماً خفياً لكلمته، كما أن مطرقة المحكمة هي سر أسرار الخطاب الرئاسي في لحن القول الذي كان يتلوى وراء العديد مما كان فيه من أفكار وطروحات، كتبها في ظنّنا أناس ليسوا بعيدين عمن أعلنوا ويعلنون أن الولاية الأولى للرئيس بشار الأسد كانت مرحلة التحمية أو كما يقول حبايبنا المصريون (تسخين)، وأن الولاية الجديدة ستكون مرحلة الإقلاع في الوضع السوري.
فهل هذا الإقلاع هو ماأشار إليه الرئيس عندما قال: بأن عام 2007 عام مصيري، الأشهر القليلة المتبقية فيه ستحدد مصير ومستقبل المنطقة وربما العالم كله أم هو شيء غير هذا...!
هذا وغيره من لحن الخطاب الرئاسي مع حديثه عن الفساد والفاسدين وكلام آخر سيكون فيما يقال عنه: للحديث بقية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم