الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقمة النفط... ولغة التبرير.

رشا الطيار

2007 / 7 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تواصل ازمة المحروقات يربك حياة العراقيين, الذين يعيشون اسوء ايامهم بجالها , خاصة بعدان رفعت الحكومة تسعيرتها للمرة الثالثة , والايام حبلى بالمفاجات ربما هناك مرة رابعة وخامسة.وووو.
تقوول على الملئ انها اتفقت مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2005على رفع الاسعار .
ليستعيد سعر المحروق العراقي عافيته وتزيد من مدخوله كونه يمر بوقت عصيب بسبب تركة سياسة صدام حسين وما بطشت يداه بالنفط العراقي ,وتقارن بينه وبين محروق الدول المجاروة خاصة التي لاتملك نعمة نفطية كالعراق .
في نفس الوقت تعلن بين الفينة والاخرى بانها تسعى لرفع معدلات اجور الموظفين والعاملين في القطاع الخاص وكذلك توفير فرص العمل للعاطلين وتحريك عملية الاقتصاد بصورة شاملة.
متناسية ان قرارها ينعكس سلبا على مجمل السلة الغذائية للعائلة المنهكة،اذ ان رفع الاسعار رفع بدورة اسعار المواد والبضائع ,فمستوى الاجر العام لموظف الحكومة يصل الى 150$ امريكي اي قرابة ال200الف دينار عراقي, والموظفيين هم الطبقة العامة الوسطى في العراق.
ففي ايام يفقد الوقود من محطات البيع (الاهلية والحكومية), ويصبح محظوظا من يملئ خزان سيارته بالبانزين من السوق السوداء حتى لو اضطر لشرائه ب3اضعاف السعرالرسمي.

غريب ان يحصل هذا في بلد يملك احتياط نفطي يقدرب 11%من مجموع احتياط النفط العالمي, لتدرج ازمة المحروقات (المزمنة) فيه ضمن ملف ازماته الاخرى (الامن ,الخدمات, الاقتصاد, الخ).
بعض التقارير الصادرة عن الكونغرس الأمريكي و اللجنة الرباعية الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة و البنك والصندوق الدوليان ,اضافةللصندوق العربي للإنماء ، تحدثت عن الكثيروالكثير من الفساد في قطاع النفط العراقي وغيره من القطاعات. وتتحدث ايضا عن المبالغ الطائلة التي خسرها العراق خلال الاربع سنوات المنصرمة.
فبدلا من استئناف عمليات تصديرالنفط الى الخارج , استؤنفت عمليات تهريبه الى الداخل و الخارج الى الدول المجاورة ولصالح من؟.. لا احد يعرف ...!

فالحكومة والقوات البريطانية التي اخذت على عاتقها حماية البصرة من اي طارئ على علم بما يحصل من اعمال التهريب في جنوب العراق , عشرات الصهاريج تسلك يوميا الطريق المحاذي للضفة اليمنى لشط العرب، وتقوم بتفريغ حمولتها من النفط الخام في سفن راسية بنفس المكان الذي تنتشر فيه بقع النفط المتسرب, وفق لروايات اهالي البصرة انفسهم.
فهناك 7 منافذ بحرية على شط العرب للتهريب تسيطر عليها الميليشيات ومافيا النفط ,ويبدو ان هذه الاعمال باتت عصية على الحكومة لتمسك بزمامها . بل و تتخذها ذريعة لتبرير ازمة المحروقات الحالية .الى جانب العمليات التخريبة التي تطال الانابيب الناقلة للنفط .

كان عدي النجل الاكبر للرئيس العراقي صدام حسين يعطي الضوء الاخضر لاعمال تهريب النفط الخام ليحصل مقابل ذلك على عائدات ضخمة..

وهذا يعيد ببالي كلام لاحد المسؤولين في البصرة " ان الوسطاء في عملية التهريب كانوا يدفعون لعدي صدام حسين 80% من ارباحهم. اما اليوم فيمكن لهم ان (يثروا) ما دام عدي لم يعد في هذه الدنيا"
وكأنه يقول في خلده( الله لايجيبه خل الناس تستفاد) , فعدي كان ياكل الكعكة والوسطاء ياكلون بقاياها.

في العراق تسود لغة التكرار حتى تخال السياسيين ببغاء من كثر تكرار نفس التبريرات ....فلا شئ سواه خاصة في ازمة المحروقات منذ الاطاحة بحكومة صدام حسين الى حكومة نوري المالكي.

عامر جهادالمستشار الاعلامي في وزارة النفط, يبرر... عذرا.! يكرر "العمليات الارهابية تستهدف الانابيب المغذية للمصافي حيث استهدف الانبوب الرئيس لمستودع الكرخ في منطقة اللطيفة الساخنة والذي يغذي عاصمة بغداد ومن الصعب الان ,ذهاب كوادرنا الفنية لاصلاحه رغم تنسيقنا مع الجهات الامنية لتامين حياتهم فهم غير فعالين في هذا الامر"
وكأن العاصمة هي الوحيدة دون بقية المناطق من تعاني الازمة .
فالعمليات التخريبية لم تتوقف يوما يقابلهاضعف في الاجراءات الاحترازية من الجهات الحكومية.والمواطن يدفع الثمن في كل مرة.

لا تكمن الازمة في تهريب النفط الخام خارجا ,بل في تهريبه من داخل محطات بيع الوقود خاصة الحكومية, ليباع من قبل اشخاص يعرفون ب(البحارة) في السوق السوداء بسعر يصل الى 1500دينار للتر البانزين الواحد حسب المناطق في حين يباع داخل المحطة ب 450 دينار.
والظريف يحصل هذا في وضح النهار لان الحياة تخمد في العاصمة في وقت الظهيرة, وامام رجال الشرطة .


وباتت حركة المركبات قليلة جدا في العاصمة بسبب ازمة الوقود.حتى سيارات الاجرة رفعت هي الاخرى اجورها بسبب البانزين ,يقول البغداديون (صارو يضربون بالعالي اهل التكسيات) فاجرة التكسي في العراق هي ذاتها الاجرة في لبنان. لان البغدادي اليوم يبتاع البانزين لملئ خزان سيارته, ليشغل مولد الكهرباء ويركن سيارته في الكراج.

نحن في الصيف اذ لايحمل العراقي هم مادة النفط لتشغيل المدافئ ,بل البانزين والغاز السائل ,فاسطوانة الغاز هي الاخرى تقض مضجعه, فقد لجأ الى بدائل قديمة استخدمت قبل 50 سنة في عملية طبخ الطعام , منها ما يعرف ب(الجولة ,البريمزوطباخ النفط) وكلها مواقد تستخدم مادة النفط , قد تختلف في شكلها لكن وظيفتها واحدة .
فسعر اسطوانة الغاز يتراوح مابين ( 25 -50) الف الدينار في السوق السوداء, رغم ان سعرها الرسمي لايتعدي 5الاف دينارا .
المواطن ممتعض من رداءة نوعية الوقود الان , العديد من الحوادث حصلت بسببها .
قبل اسبوع توفيت (عدوية) 30سنة , جيراننا بنفس الحي اثر انفجار موقد النفط (البريمز) عليها, على ما يبدو انه سرب بعض النفط اثناء اعدادها الطعام ما سبب حرقها ,و( البريمز) يعود لوادتها ,يصل عمره 40 سنة , وتركت عدوية طفلين مصطفى وليث ولا يتجاوزا الخامسة من العمر
(البريمز) عاش اكثر من عدوية (رحمها الله) ,التي حين سمعت بموتها المفاجئ حسبتها ماتت في انفجار سيارة مفخخة ولم يخطر ببالي قضى عليها (البريمز) مطلقا ونحن في القرن ال21.

اتذكر حديث لعصام عبدالرحيم الجلبي وزير النفط العراقي المستقيل من منصبه إبان حكم الرئيس صدام حسين في احدى الصحف القطرية حول الازمة الحالية كان قد تطرق لرداءة المنتوج النفطي محملا مسؤولية ذلك الى ضعف الاداء الحكومي فيقول" منذ أكثر من سنة ونصف أصبح من المستحيل نظرا للظروف الأمنية أن يتم إنشاء أي مشروع أو عمل من الكادر العراقي , للاسف لم تقوم الحكومة بسد ثغرات القطاع النفطي, فالنوعية والكمية هي أقل جودة من في السابق حيث لم تخضع المكامن النفطية الى اعمال الصيانه خلال السنوات الاربع الماضية"...

ما يصيب المواطن بعيد عن اهل الحل والعقد من الساسة العراقيين, بفضل مرتباتهم العالية التي تكفيهم معاناة الشارع , سواء ارتفعت الاسعار ام بقيت على حالها.

ح. ش مسؤول في احدى الوزارات الامنية لايهتم لشئ من الازمة يقول (راسي بارد من الكهرباء) ويوضح"لدينا في البيت مولدتين كبيره اشغلهما بالتناوب 6ساعات لكل واحدة والبانزين يجلبله لي يوميا من السوق سائقي الخاص ب80 الف دينار ,لا احمل هم اي شئ".

يتداول البغداديون الاحاديث حول وفرة المشتقات النفطية في وسط وجنوب العراق ولا نتطرق الى الشمال لانه مستقر سياسيا على رأي المثل الشائع (خط ونخلة وفسفورة).
في الجنوب مناطق لم تشمل بالزيادة الاخيرة في الاسعار, لانها واقعة تحت سيطرة الميليشات المسلحة الشيعية,لكن في وسط العراق في محافظة كربلاء مسقط راس رئيس الحكومة نوري المالكي ترتفع الاسعار حتى اكثر من العاصمة, الكربلائيون يفسرون السبب بكثرة حركة المركبات في ظل الامان الذي تنعم به نوعا ما مدينتهم خلاف بغداد.


ازمة المحروقات تنشط في غياب قانون النفط والغاز المثار حوله جدل واسع بين اطياف خبراء الاقتصاد والنفط وبعض الشخصيات الحكومية.
مؤخرا دعا(108) خبيرنفطي واقتصادي عراقي مجلس النواب, الى التريث في اقرار القانون قبل اجراء تعديلات عليه للمحافظة على الثروة النفطية وليس هذا .

بل يقولون "إن تمرير القانون بوضعه الحالي دون الانتباه إلى التبعات المتوقعة من تنافس بين الأقاليم و المحافظات، و ما قد يترتب عنه من نزاعات ستؤول لا محالة إلى تكريس حالة الانقسام و الفوضى و الشرذمة، و خير مثال لذلك الإعلان المنفرد الأخير من حكومة إقليم كردستان في عرض (40) قطعة استكشافية للاستثمار الأجنبي، دون حتى انتظار القانون الاتحادي و دون وجود خطة مركزية مقرة شاملة لعموم العراق بضمنها إقليم كردستان".

قانون النفط والغاز يؤول بمسؤولية منافذ النفط في العراق الى الاقاليم دون الرجوع الى الحكومة المركزية في بغداد , الامر الذي ولد مخاوف لدى بعض السنة بعدم حصولهم على شئ من كعكة العراق النفطية,فمناطقهم تفتقرابارالنفط الخام خلاف الجنوب والشمال ,ومطالبات مجلس النواب العراقي بعدم الصويت له واقراره يبدو انها تذهب ادراج الرياح فقد جرت تعديلات في الصياغة اللغوية لقانون النفط والغاز فقط دون المساس بمحتواه, تماشيا مع رغبة غالبية اعضاء البرلمان الحالي من الشيعة والاكراد اما اصوات السنة المطالبة باجراء تغيير على القانون يبدو انها لاتلقى اجابة ولن تلقى مستقبلا, اي نقمة هذه التي ينعم بها العراقيين من النفط.
رشا الطيار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ماذا عن إصدار محكمة عسكرية حكما بالسجن سنة بحق المعارض


.. مشاهير أمريكا. مع أو ضد ترامب؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الولايات المتحدة وإسرائيل ..الدعم العسكري| #التاسعة


.. ما هي التقنيات الجديدة لصيانة المباني الشاهقة؟




.. حماس تتهم إسرائيل بقطع الطريق على جهود الوسطاء | #غرفة_الأخب