الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقفون ولكن...؟!

وهيب أيوب

2007 / 7 / 26
كتابات ساخرة


عندما ألقى الطبيب محاضرته، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين، أمام طلاّب الثانوية، وبحضور بعض الأطفال من الصفوف الابتدائية، رأيت الأطفال يتهامسون ويضحكون عندما أخرج الطبيب سيجاره وشرع بالتدخين مُسترسِلاً بمُحاضرته؟!.
إن أحد أشد الأمراض فتكاً في الثقافة العربية، هي ازدواجية المثقف وتبدُّل صوره. فهو دائب على القول بالشيء والعمل بنقيضه.
إن مُجرد اكتناز المعلومات وحفظها عن ظهر قلب، مسألة لا تفي بالغرض لكي تُسمّى أو تُصبح مُثقفاً. وما لم تتحول المعرفة إلى موقف وسلوك، ومشروع تغييري حقيقي، فالأجدر تسميتها دجلٌ ونفاقُ وخداع.
عزيزي...
إذا كنت مثقفاً تدّعي قلب المُجتمع وتغيير العالم، هل من حقنا أن نسألك، لماذا لا تستطيع تغيير نفسك؟ وإن كنت تنادي بالمساواة وحرية المرأة ، إذاً لماذا يشتكيِ الجيران من بكاء زوجتك وبناتك وصراخهن ليل نهار، مُزوّدين بعلامات بعض الكدمات على وجوههن؟!. ثم يسمعونك في المقاهي ومجالس المثقفين أمثالك، تشطح كثيراً في انفتاحك وعلمانيتك وتحضّرك، ثم تُردِد نساء الحي من حولكم أعقاب ، شكوى بناتك وزوجتك عن كثرة تزمُتك وفرض الحجاب عليهن عنوةً، وأنك تمنعهن من الخروج والدخول إلاّ بإذنٍ خاص منك؟!
عزيزي المثقف... كثيراً ما نسمعك في مجالسك الثقافية تنظِّر وتحاضر في حرية الرأي والرأي الآخر . وغالباً ما تستشهد بأحاديثك المُتقَنَة المُتَأنِقة، واسترسالاتك المُستفيضة، بمقولات لفولتير وروسو وديدرو وسواهم، فجأةً نشاهدك في حوار على بعض الفضائيات وخاصة الجزيرة "الاتجاه المعاكس"، موتوراً ومتوتر الأعصاب، مُستميتاً في إخراس زميلك الآخر مُصرّاً على ابتلاع كل الوقت، ثم مقاطعته عند أوّل عبارة يتلفّظ بها، حتى دون أن تُدرِك ما يريد قوله؟!
أنت يا صديقي...؟ دائم الحديث والترويج عن المثقف العضوي وارتباطه بالناس وهمومهم، ومثالك الأعلى غرامشي (أنطونيو غرامشي)
أرجو ألاّ تقاطعني الآن أيضاً...، واسمح لي أن أفضح بعض ممارساتك وسلوكياتك التي تتناقض تماماً عما تقول وتكتب وتدّعي وتنظِّر، وتوزّع نصائحك ذات اليمين وذات اليسار، على جمهورك الذي تستغبيه وتحدثه من برجك العاجي وكأنك نصف إله أو تكاد...؟!
كثيراً ما يُطرَب البعض عندما تتحدّث عن الصدق والوفاء والاستقامة والالتزام والنظام. في غيابك يشكو أصدقاؤك وآخرين، أنك تكذِب كثيراً، وسلوكك فيه اعوجاج "ما فَتَح ورَزَق"، وأنك لا تبرّ بعهد ولا بوعد، وغالباً ما تتأخر عن مواعيدك وأحياناً لا تأتي أبداً، وأنك لا تقف بانتظام حتى على باب فرن الخبّاز، وكثيرون قفشوك مراتٍ عدة وأنت ترمي أكياس القمامة في وسط الشارع، وتطفئ أعقاب سجائرك داخل المستشفى، وتسحقها بقدمك على الرخام الأبيض؟!
ثم أنك في خلواتك مع المُقربين إليك، تُكيل الشتائم والنقد الصارخ الصارم على أهل السلطة ونظام الحكم، ولا يلبث أن يراك الناس على الشاشات في مناسبات عِدة تُكيل المديح وتزايد على أهل النظام أنفسهم، وكأن لسانك الآخر أكله القط، ثم أَطلقتَ يدك المثقوبة لتبايع وتبصم بالدم؟!
وما أكثر الذين سمعوك وأنت تُنظِّر وتتشدّق عن النضال والتضحيات في سبيل الحرية والتحرر، من نظام القمع والاضطهاد، وبناء المجتمع المدني العلماني التقدمي الديموقراطي، وعندما طُلِب صوتك أو توقيعك أو كلمتك حول اعتقال بعض زُملائك من مثقفين وصحفيين ومفكرين ومعارضين سياسيين وغيرهم. يُقال أنك عَمِلتَ أُذُنٌ من طين والأُخرى من عجين، ويُقال أنهم لم يلمحوا خلقتك لعدة شهور؟!
يُقال، أن وراء كل هزيمة عسكرية، خيانة مُثقفين. لا ، بل لا شك أن وراء أي هزيمة سواء عسكرية أو اجتماعية أو سياسية واقتصادية، إلاّ وكان سببها خيانة مثقفين.
مُعظم المثقفين في عالمنا العربي، يقولون الشيء ويفعلون خلافه، ومعظمهم أيضاً يباعون ويشترون في سوق النخاسة ( على أونى ، على دوّي ، على تري) لمن يدفع أكثر.
هؤلاء جميعاً يُسَّمَونَ مجازاً مثقفين ، غير أنهم مثقفون ولكن....؟!

وهيب أيوب
الجولان المحتل – مجدل شمس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في