الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الامريكية وموقفها الصريح من الازمة اللبنانية

خالد سليمان القرعان

2007 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


موقف الولايات المتحدة منذ اندلاع الأزمة في لبنان كان بسيطاً، أي أن المسؤولية المباشرة عن الأزمة تقع على حزب الله، بينما المسؤولية غير المباشرة تقع على سوريا ولبنان، إن وقف النار - كحل مؤقت- عملية لا جدوى ترجى منها، لأنها ستعيد الوضع السابق دون معالجة الأحوال الجذرية للأزمة، أي أن وقف إطلاق النار ينبغي أن يقوم على أساس تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559، حيث يتم من خلاله تجريد حزب الله من سلاحه، بينما يقوم جيش لبنان وبدعم قوة دولية جديدة بالانتشار في جنوب لبنان، ويطبق سيادة الحكومية اللبنانية.

إن على إسرائيل أن تبذل أقصى طاقاتها للحيلولة دون المس بمدنيين أبرياء أو البنى التحتية، والامتناع عن زعزعة حكومة لبنان الديمقراطية الهشة، والسماح بتقديم المساعدة الإنسانية لها.

إن هذا الموقف ليس ناجماً فقط عن الدعم الرئيسي للنظام في إسرائيل؛ إذ أن الأزمة في لبنان من وجهة نظر الولايات المتحدة يتم النظر إليها قبل كل شيء ضمن سياق الجهدين الرئيسيين في سياستها اللذين يرتبط الواحد منهما بالآخر وهما: مكافحة الإرهاب، وضم إيران، أما حزب الله فإن الولايات المتحدة تُعرفه على أنه تنظيم إرهابي وأداة بيد إيران، وبالتالي فإنه يشكل خطراً مركباً.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن حزب الله خلال العام الأخير لم يرفع الفيتو في وجه تطبيق القرار 1559 فقط، وإنما حظي بتشجيع حركة حماس وتنظيمات أخرى من أجل تصعيد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، عدا عن أن توقيت اختطاف الجنود يُنظر إليه على أنه منسجم مع مصلحة إيران، لصرف أنظار المجتمع الدولي عن معالجة الملف النووي الإيراني، وبالتالي فإن من غير المفاجئ أن تكون معالجة موضوع حزب الله من جانب الولايات المتحدة في هذه المرحلة الزمنية تحديداً، مسألة جوهرية وأساسية معتبرة قبل كل شيء، وبما أن الأمر على هذا النحو، فإنه ليس هناك مبرر لتقييد الجهد العسكري الإسرائيلي، بل ينبغي تشجيعه، إن الولايات المتحدة لا تنظر إلى الأزمة الراهنة على أنها مشكلة تحتاج إلى حل فوري على المدى القصير، وإنما تعدها فرصةً للصحوة، والمس جسدياً بقوة كتلة الإرهاب (إيران، سوريا، حزب الله، حماس)، فالأمر يتعلق "بمخاض شرق أوسط جديد".

لقد فوجئت وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة مادلين أولبرايت -خلال ولاية الرئيس كلينتون (1997–2001)- من عدم توجه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إلى الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع الأول للأزمة، وذلك من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مع أنه لا يوجد أي مبرر لهذه الدهشة من جانب أولبرايت، فقد أثبتت الإدارة الأمريكية الحالية فيما مضى بأنها عندما تفقد صبرها، فإنه يفضل عدم التحدث مع أرباب السوابق الدولية أمثال ياسر عرفات وصدام حسين، إن احتمالية توقع إجراء إدارة الرئيس بوش مفاوضات حتى لو كانت غير مباشرة مع حزب الله، مثله مثل توقع إمكانية التفاوض مع تنظيم القاعدة، وقد قال مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة جون بولتون: كيف يمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع تنظيم إرهابي؟

يبدو أنه مع تسارع العملية الدبلوماسية أخذ الجانب المنطقي في الموقف الأمريكي بالتراجع، والنقطة المشكلة فيه هي النظرة التي شكلت من قبل برلمان منتخب بعد انسحاب الجيش السوري نموذجاً إيجابياً لنجاح للجهود الديمقراطية في الشرق الأوسط (ليست مؤكدةًً صحة هذه الرؤية؛ فطرد الجيش السوري هو شأن سيادي أكثر من كونه شأن ديمقراطي، إضافة إلى كون الانتخابات بموجب المفتاح الطائفي الغريب المثبت في الدستور، لا تمثل بشكل ديمقراطي سكان لبنان، لا سيما بسبب التفرقة إزاء الشيعة).

لقد أيدت الولايات المتحدة الحكومة اللبنانية برئاسة السنيورة أملاً في أن تطبق القرار 1559 تدريجياً، وتبسط سيطرتها على جنوب لبنان أيضاً، وفي إطار هذا التوجه وافقت الإدارة الأمريكية على مشاركة حزب الله في الحكومة بصمت، على الرغم من أنه تنظيم إرهابي بموجب التعريف الأمريكي.

لقد كانت الإدارة الأمريكية تعقد الآمال على أمرين اثنين: أولهما؛ أن تزداد قوة الحكومة اللبنانية مع الزمن وأن يضعف حزب الله جراء عدم وجود عسكري سوري، ثانياً؛ أن يصبح حزب الله أكثر مرونة واعتدالاً بعد مشاركته في حكومة ديمقراطية (إن هذا الأمل هو بمثابة مدماك جديد نسبياً ضمن وجهة النظر الأمريكية فيما يتعلق بميزان الديمقراطية، وكما أن العملية الديمقراطية في دولة تساهم في جعلها محبة للسلام، فإن مشاركة تنظيم إرهابي في العملية الديمقراطية تساهم في جعله معتدلاً)، وقد تمثل هذا الأمل من خلال التصريحات الأمريكية المتكررة خلال العام الأخير والأسابيع الأخيرة، التي تضع قدماً واحدة في الإرهاب والأخرى في السياسة، إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، مع أن هناك احتمالاً كبيراً في أن تكون مكانة حزب الله السياسية الداخلية قد ضعفت، ولكن لو كان هذا صحيحاً، فإننا لم نر لهذا الأمر أبعاداً منظورة إزاء سلوكه الإقليمي، فعلاقاته بسوريا وإيران لم تضعف، وتدخله في النزاع الإسرائيلي ومعارضته للقرار 1559 حالت دون تطبيقه، وعملية اختطافه للجنديين برهنت بطبيعة الحال، على أن جرأته وتطلعاته لم تتآكل، مما يعني أن أمل الولايات المتحدة بتقدم حكومة لبنان نحو الاستقرار والسيادة مع حزب الله قد تبخر، وبالتالي وضمن هذه الخلفية فإن الولايات المتحدة تواجه عملية في غاية التعقيد، فقد أعلن بوش عن ضرورة محافظة حكومة السنيورة على نفسها وبقائها أثناء هذه الأزمة، أما رايس فقد ذكرت أن انتهاء العنف، ينبغي أن يدفع بالسيادة اللبنانية قدماً إلى الأمام، ومن جهة أخرى لا ترى الإدارة الأمريكية حلاً للأزمة دون تطبيق القرار 1559، وتطبيق هذا القرار يلزم موافقة حكومة لبنان، لكن هذه الموافقة مرتبطة بمواجهة سياسية مع حزب الله، والذي من شأنه أن يؤدي إلى إسقاط الحكومة أو إلى نشوب حرب أهلية.

لقد أعربت الولايات المتحدة منذ اندلاع الأزمة عن تأييدها لحكومة لبنان فقط، ومع تسارع العملية السياسية ستضطر إلى الضغط عليها أيضاً، وهذا قد يؤدي إلى سقوطها، وهي مشكلة معقدة حقاً ربما لا مخرج لها.

لكي نزيد من تصميم حكومة لبنان على تطبيق سيادتها -ما قاله زعماء لبنانيون بهذا الاتجاه، لم يُترجم حتى الآن لقرارات رسمية مُلزمة- فإنه ينبغي على الإدارة الأمريكية تعزيز الجهات الوطنية في لبنان، وإضعاف مؤيدي حزب الله وسوريا، وهنا يجب الإسراع بالاتصالات المباشرة مع شخصيات درزية ومسيحية مع مواصلة العلاقة مع رئيس الحكومة السني، من جهة أخرى يجب على الإدارة الأمريكية العمل بالتنسيق مع دول عربية بزعامة العربية السعودية التي تتهم حزب الله وإيران بالتسبب في الأزمة، والتي -أي السعودية- تقود النشاط السياسي في هذا الإطار، لأجل تحلية قرص الدواء المر، وبناء مكانة الحكومة فإنه من المعقول جداً أن تقبل الولايات المتحدة بضم مزارع شبعا، وحل مسألة السجناء اللبنانيين كعناصر ضمن التسوية الشاملة، كما أنه يجب على مجلس الأمن أن يصوغ قراراً جديداً بطريقة تمنح الشرعية العامة داخل لبنان لاتخاذ الخطوات الواجب تنفيذها، وفي المقابل تبقي الولايات المتحدة موضوع الاتصالات المباشرة مع دمشق لمعالجة السعودية والاتحاد الأوروبي، ولكن تعارض أي إجراء يكافئ سوريا أو يساعدها في استغلال هذه الأزمة للعودة إلى لبنان، وفي حال تصدي حزب الله وسوريا لأي تعاون بين حكومة لبنان والأسرة الدولية، فإن هناك إمكانية لأن تلمح الولايات المتحدة -بالتنسيق مع إسرائيل- إلى اتساع دائرة الهجمات، وأن تتعدى أهداف البنى التحتية الوطنية وأهداف سوريا، كما أن على الولايات المتحدة أن تقوم بعمل مضنٍ وذكي، من أجل إيجاد المزيج الصحيح من الإغراءات والضغوط التي تجعل حكومة لبنان تقبل بالتسوية الدولية المتبلورة، إلا أن الإدارة الأمريكية معنية أيضاً بصمود حكومة لبنان، بل تتعزز على حساب حزب الله، ولكن هناك على ما يبدو شكاً في نجاح مثل هذه الخطوة قبل القيام بتصعيد عسكري كبير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الحبيب السابق-.. أطباء نفسيون يكشفون -الشخص الأخطر- في تتبع


.. لدعم -الصحة العقلية والنفسية-.. شركة صينية تتيح للعاملين بها




.. المستشار الألماني أولاف شولتس يتفقد أضرار الفيضانات بولاية س


.. العربية ترصد انتشال ضحايا القصف الإسرائيلي لمربعات سكنية في




.. الصين تروج لسياستها عبر مذيعي الذكاء الاصطناعي