الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفضاء الروائي في المغرب متعدد ويرتبط بالإنسان أصلاً

محمد الإحسايني

2007 / 7 / 27
الادب والفن


استجواب أجراه إدريس علوش
****
كان الشاعرالمغربي الأستاذ إدريس علوش، قد أجرى هذا الحوارمع الكاتب لمجلة الهدف الفلسطينية نوفمبر1998 أثناء اتعقاد المؤتمر 14 لاتحاد كتاب المغرب.فيما يلي الأسئلة المتعلقة بالرواية المغربية
*****
بالإضافة إلي كونكم ناقداً؛ فإنكم تكتبون النص الروائي، نقدياً؛ ما تقييمكم للرواية المغربية؟
*****
- الرواية المغربية مازالت في بداية الطريق خاصة المكتوبة منها بالعربية..في أواسط السبعينات لم أجد في بيليوغرافيا الرواية المغربية سوى نحو عشر روايات؛ بيد أنني أثناء التنقيب عن الرواية في المكتبة الوطنية –الخزانة العامة – في الرباط ، 1979، وجدت الكثير من القصص؛ وفي محاولة ترتيب بيليوغرافيا سردية، لم أكن أجزم أن العناوين التي عثرت عليها قصص أو روايات رديئة أو جيدة، لأنني لم أطلع عليها، باستثناء نظرة خاطفة على العناوين ومصادر النشر، وأسماء المؤلفين، وسنوات الصدور، أي أنني كنت أوثق لا غير. كانت هذه القصص قد أنتجها مغاربة قبل عبد الكريم غلاب، وعبد المجيد بنجلون، والعروي، وزفزاف، ومبارك ربيع، وغيرهم... عندما أقول إن الرواية المغربية لاتزال في بداية الطريق؛ وإن قطعت شوطاً هاماً؛ فإنني لا أنظر إلى التراكم المحتاج، ولا إلى الكيف المطلوب .
ثم إن ظهور الرواية في المغرب بشكلها المعتاد في البلدان الأوروبية جاء نتيجة ظروف وأوضاع أثرت في بنية المجتمع المغربي الذي تحول في البادية، بعد استقلال البلاد من مجتمع إقطاعي إل محتمع يكتنفه الصراع الطبقي، تسعى فيه البورجوازية الصغيرة في أحسن الأحوال إلى أن تتولى مقاليد الأمور، على الصعيد السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، وتكوين مجتمع مدني في شرائحه المتمثلة في الجمعيات، والاتحادات، والنقابات في تمثلها لنوع من اللبيرالية يرتكز على التعددية، وعلى المبادرات، خاصة بعد سقوط جدار برلين، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وحرب الخليج التي أثرت بدورها على البنية الثقافية في المغرب، وظهور قطب أحادي يعتمد في النظام الدولي الجديد ازدواجة المعايير.
ومع ذلك عرفت الرواية المغربية قفزات متعددة على محور الصراع بين مختلف الحساسيات بمقدار ما تتوالد الطفرات فيها.وهناك أيضاً تحولات نوعية على مستوى الإجناس: الانتقال من جنس إلى جنس أد بي آخر، مثلاً هناك أدباء تحولوا من الشعر إلى الرواية، أو المزاوجة بينهما.
الفضاء الروائي المغربي متعدد، ومتشعب، كيف توظفون الفضاء الذي تنهلون منه تفاصيل نصوصكم الروائية، وإلى أي حد يمكن اعتبار الفضاء صرورياً للبناء الروائي؟
***** - صحيح أن الفضاء الروائي المغربي متعدد ومتشعب: هناك فضاء الحارة في المدينة،فضاء البحروالجو، والجيل، والصحراء،الخ... هذا على مستوى الوجود العيني الملموس، والوجود المتحقق بالأبعاد المعروفة، فهو بهذا المعنى في مفهوم النقاد يستوعب كوعاء للأجداث الروائية.ولما كان كذلك على مستواه الوظيفي؛ فلابد أن يرادفه الزمن، حتى لكأنهما يشكلان عنصراً واحداً . إذن؛ فالفضاء يرتبط بالإنسان أيضاً قبل كل شيء أيضاً؛ ومن هنا يكتسب بعداً اجتماعياً ونفسياً.
وأجد بعض الحرج حنى لا أنجر إلى تفسير عملي الروائي، أوأفشي بعض حروف كلمة السر التي تعد مغلاقاً لايتوصل إليه سوى أمهر ودهاقنة النقاد الصادقين في عملهم ، والغير المدفوعين بنوازع ومفارقات إيديولوجية سخيفة؛ لكن دعني أقول لك بكل صدق، إنني توقفت طويلاً أمام عبارة الناقد والروائي المبدع الأستاذ محمد عز الدين التازي وهو يحلل روايتي الأولى المغتربون: " تشق الرواية لنفسها فضاء داخل بيئة بربرية...الخ:[ جريدة المحرر ص5 بتاريخ 1/ 12 /1974 – مجتمع مدني من خلال بيئة قروية- ].
أما لماذا وقفتُ طويلاً أمام العبارة المذكورة؛ فلأن الناقد كرر" ضيق الفضاء" مرتين ثم أضاف إلى ذلك مأخوذاً من النص الروائي ذاته عبارة " المحصورة بين جبلين". فاعتبرت يومذاك أن الفضاء مهما كان ضيقاً قد ينم عن البعد الاجتماعي للمكان الذي يسكنه أناس متميزون بثقافتهم ووعيهم؛ فهم أصحاب الأرض، وإليهم تعود، مهما قيل عن سذاجتهم ووعيهم الشقي وذلك بما سيتكشف من عناصر الصراع. والواقع أنني أجعل مثل هذه الفضاءات أمكنة واسعة عن طريق تحويلها إلى مستويات عالية[ الفقيه والمدينة والبجر، عناصر منفصمة، إصحاحات من سفر القطيعة، مذكرات كلب...؛البحث عن الجهات الأربع، تمثال يتكلم...
وأعترف لك هنا أنني أبذل حهوداً- غير عضلية- لأ جعل من المشهد الواقعي، لافضاء للمتعة، لكنني أستخدم موهبتي في الكنابة السردية، ومهارتي في التقاط أجزاء الواقع لأحولها إلى مشاهد فنية، عالم محكوم بعلاقات فنية تؤسس جماليته إلى حدما. ولذلك كثيراً ما يُتهم الكتاب الروائيون الذين يكتبون روايات متخيلة عن حاراتهم، وقراهم بأنهم يكتبون سيراً ذاتية. يأتي هذا التأويل عندما يعجز الناقد عن إيجاد المفتاح الحقيقي للنص ناسياً غياب المؤلف الى حدما، عن النص الذي يكتبه هذا الأخير، إذ أجبرته التطورات الحديثة على مغادرته. فالمؤلف لاقيمة له أمام نقد نزيه إلا نسبياً وفي الزاوية التي تثبت أبوته للنص الذي أبدعه.
ومن ثم، أعتبر الكتابة الروائية نوعاً من بحث دائم عن الحقيقة لايتوقف لا في واقعها المسطح بفضاءاته ؛ بل في عالم متخيل أصنعه أنا روائياً ومبدعاً.
أما إلى أي حد، يمكن اعتبار الفضاء ضرورياً في البناء الروائي؛ فهو بطريقة كلاسيكية كذلك، أي كان ضرورياً بجانب المقدمة، عرض الأحداث، والعقدة، والخاتمة...
في إصحاحات من سفر القطيعة، والأزمنة السبعة، أعتبر المكان مستبطنا بشكل ظاهر، ومرتبطاً بوعي كوني، وساحقا للإ نسان[ الذي أعلن فيه موته] في عدة مواقف. ومن ثم، أعتبر الفضاء نواة لتفرع الأحداث، سواء على مستوى الواقع أو على مستوى الذاكرة.وضياع النواة هو انفكاك الرواية، ويلعب الفضاء دوراً إخبارياً وإشارياً في ذات الوقت من خلال المخيال والتماثل في لغة شعرية لابد منها بالنسبة لعمل روائي أقوم به.
في الشرق، هناك صيحة للروائي السوري حنا مينا في كون الرواية ستصبح ديوان العرب، إلى أي حد تتفق مع هذا القول ؟
*****
- في نظري أن ذلك مجرد إنذار لما انعكس على الأدب؛ فإذا سلمنا جدلاً أن " الشعر ديوان العرب"؛ فإننا نتساءل: أين هولاء العرب الذين ألقوا بكل أشيائهم، وأخبارهم، على الشعر في فترات تاريخية معينة؟ أين نخوتهم؟ شجاعتهم؟ كرمهم؟ تضامنهم؟ طبيعي أن هذه القيم تدهورت الآن بشكل مسّ المجتمع العربي كله، وطبيعي أن ينعكس ذلك على الأدب، خاصة على جنس الشعر. وأي شعر نقصد بالديوان؟ لاشك أنه ذلك الشعر الذي يتحدث عن أيام العرب، وتاريخهم،ويدون وقائع ثقافتهم...
الشعر لم يع اليوم خـَطابياً يتلى في المجامع والأسواق، وتتمايل به العمائم يمنة ويسارا، لم يعد هناك من تصْدق عليه خطأ ًإمارة الشعركما كان الحال أيام حافظ ، وشوقي، وبشارة الخوري، وخليل مطران، والزهاوي، ومعروف الرصافي، وابن إبراهيم المراكشي...بل إن الشعر أخذ يتطور على يد الشابي وجماعة أبولو وشعراء المهجر،ثم أعلن عن قفزة نوعية على أيدي رواد الشعر الحر وزعماء قصيدة النثر،فتولدت مفاهيم أخرى لتحديد الشعر عن طريق المثاقفة والاحتكاك بالغرب.وطبعاً أن الانتكاسة التي أصابت الشعر أخيراً ما زالت لم تصب الرواية كجنس أدبي، وليس هذا يعني ان الرواية ازدهرت على حساب الشعر؛ بل أعتبرهما جنساً يكمل بعضهما بعضاً في الوقت الراهن، إن لم تُصب الرواية بدورها بالنكسة التي أصيب بها الشعر الذي مازال يعتمد على فن الإلقاء ودغدغة العواطف في عملية اغتسال وتطهير جماعي لدى كبار الشعراء وجمهورهم. غير أنني أعتقد أن ما يعنيه حنا مينا هو أن القصيدة الحديثة، وبسموها الفني، وكثافتها، وغناها، لم تكن متداولة بالطريقة التي تـُتداول بها الرواية التي غالباً ما تستعمل اللغة الثالثة أمام المتلقي، إلى جانب تعمقها أحياناً في شعرنة الرواية، ومعالجة الهموم المجتمعية أو النفسية شاقة طريقها نحو فضاءات الحرية، والكرامة، والمساواة، والحق في المواطنة العادلة مع ما يكتنف ذلك من واجبات نابعة من الوعي الفردي والجماعي. فالرواية إزاء معالجتها لمثل هذه الثيمات ديوان العرب المعاصرين وليس العرب الغابرين الذين يكممون أفواه النساء والرجال معاً.
كيف تنظرون إلى الراهن الأدبي بالمغرب بمكوناته الشعرية والقصصية والروائية والمسرحية والنقدية؟
*****
- ربما يكون هذا الموضوع الذي طرحتموه عليّ سابقاً لأوانه أو فوق مقدرتي: أكبر مني. لكنني سأحاول الإجابة عنه من خلال اتصالي ببعض الأساتذة الجامعيين الذين يترصدون حركات الشعر، والقصة، والرواية، والمسرح ، وحتى النقد، بحكم عملهم الأكاديمي، ويكتبون أيضا الرواية تلبية لطموحاتهم وميولهم المتقدمة.يرى هذا البعض من الأساتذة في الرباط ، أن هناك تقدماً في المجال الأكاديمي على المستوى النقدي، والدراسات، والبحوث. أما في الساحة الإبداعية ؛ فالسيادة للشعر، وكلمته حاضرة بقوة في الساحة : هناك الكثير من الشعراء أعطوا وما زالوا يعطون، إلى أن غيبتهم المنايا: أذكر منهم على سبيل المتال: مصطفى المعداوي، وأخاه أحمد المجاطي، الخمار وغيرهم.رحمة الله على الجميع . وهناك أحياء مازالوا يرزقون،أغطوا ومازالوا يعطون بدورهم الكثير: أذكر منهم محمد السرغيني، عبد الكريم الطبال، محمد الميموني،ثم جاء بعدهم شعراء آخرون طوروا الشعر، وارسوا دعائم القصيدة الحديثة، أتذكر منهم: عبد الله راجع،محمد بنيس، محمد بلبداوي، محمد بنطلحة،ثم حيل يطلق عليه جيل الشباب منهم نجمي حسن،وفاء العمراني، محمد الصابر،أحمد حافظ ،محمد أعرج،إدريس علوش. وقد انسى سهواً ذكر شعراء وشواعر، فمعذرة...
ويعتبر بعض النقاد أن بيت الشعر له دعائم وارتباطات متينة بحركة الشعر خارج المغرب، فهو بمثابة التيار الذي كانت تتزعمه مجلة شعر في لبنان في الستينات. أما على صعيد الرواية، فيتفق الكثير من النقاد أن الرواية الجادة بدأت أوائل السبعينات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى