الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام في مستقبل العلاقة الايرانية الاميركية

سهيلة عبد الانيس

2007 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


منذ قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979 والعلاقات الإيرانية- الأميركية في تدهور مستمر وصلت أحياناً إلى درجة قصوى من التصعيد والتهديد، مع ذلك كانت هناك بعض الأوساط في الولايات المتحدة تتطلع دائماً إلى وضع تستعيد به إيران "الشاه" وان كان ذلك يبدو مستبعداً في الأمد المنظور، ويكاد يكون الأمر مستحيلاً، لكن الاعتراف به أمرٌ واقع ومحاولة اختراقه أمر لابد منه فحجم المصالح بين الطرفين كبير، وهذا ما اشار إليه كيسنجر بالقول "ان بلداناً قليلة في العالم لها مصالح استراتيجية مشتركة كما لإيران وأميركا، لكن الثورة قطعت علاقات إيران مع الولايات المتحدة ووصفتها "بالشيطان الأكبر" ويضيف "ان ثمة أمم قليلة في العالم تملك الولايات المتحدة أسباباً أقل للتشاجر معها أو مصالح أكثر توافقاً مما هو الحال مع إيران". وإيران تدرك انه في ظل موازين القوى الدولية السائدة ان علاقتها مع الولايات المتحدة تشكل المفتاح الرئيس لمستقبل دورها السياسي في المنطقة. وبالمقابل تدرك الولايات المتحدة أهمية الدور الإيراني في المنطقة، فسياسة الاحتواء التي اتبعتها الولايات المتحدة تجاه كل من العراق وإيران بداية تسعينات القرن الماضي ميزت بين النظام العراقي (السابق) الذي لا يمكن إصلاحه واتمت بالفعل تغيره بقوة الفعل العسكري ، وبين نظام طهران الذي ارتكب بعض الأخطاء "القابلة للتصحيح" .
وعلى هذا يرى بريجنيسكي "ان الولايات المتحدة الأميركية لا ينبغي لها أن تمضي في عزل إيران، فنحن نحتاج الى علاقة استراتيجية معها في المدى البعيد اذا كنا ننشد ليس فقط الاستقرار في الخليج وانما أيضاً منفذاً إلى آسيا الوسطى حيث توجد مخزونات كثيرة من الطاقة المهمة للعقدين القادمين".
ويتفق أغلب المحللين ان الولايات المتحدة بعد أن أتمت احتلال العراق تسير قدماً نحو تقرير الدور الإقليمي لإيران بنفسها لأنها تدرك أصلاً انها لا تستطيع إغفال دورها نهائياً. فإيران تملك نفوذاً استراتيجياً كبيراً لكونها تقع على المدخل الاستراتيجي لاحتياطيات النفط من جهة وتملك نفوذاً مذهبياً سياسياً لدى حوالي 60% من سكان العراق من جهة أخرى.
وقد مثل احتلال العراق الوقت المناسب لإيران لتحقيق غايتها في التقارب مع الولايات المتحدة، إذ استطاعت الولايات المتحدة بدخولها العراق من زيادة ثقتها بدورها الامبراطوري على المستوى الدولي وسعت إيران من وراء اعتمادها سياسة الحياد الى تحقيق أعلى درجة من المكاسب لكون الحرب الدائرة في العراق هي حرب بين أعدائها ولا صلة لها فيها وعملت على توظيف الأزمة لتحقيق مصالحها سواء في شكل تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة أو مع النظام العراقي الجديد، أو "في الأقل" ابعاد شبح خطر ادراج إيران في قائمة الدول المعارضة للعدوان. وتدرك إيران ان الولايات المتحدة ساعية ومصممة في تنفيذ سياستها الرامية إلى تغيير سياسات المنطقة. من جهتها عملت الادارة الاميركية على اعتماد استراتيجية الوجود العسكري وتحقيق الولاء السياسي لها في المنطقة، وهذا ما قد يضطر إيران الى قبول أحد الخيارين: أما تقديم الولاء السياسي مرغمة أو القبول بالتهديد العسكري. وعلى ذلك قد يكون الحوار وسيلة لتكلل جهودها لفرض السيطرة على المنطقة.
وعليه يمكن تصور علاقات اكثر طبيعية مع حكومة طهران بمجرد أن تضع إيران حداً لأعمالها غير الودية، فلا يجب اعتبار العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بمثابة صدام حضارات أو انها بمثابة معارضة الولايات المتحدة لوجود دولة ثيوقراطية دينية في إيران، فلم تكن الولايات المتحدة على الإطلاق تنوي أن تضع حداً أو نهاية للبعد الإسلامي للجمهورية الإسلامية في إيران. ويشير إلى ذلك بريجنيسكي بالقول" ان اطالة أمد العداء الأمريكي الإيراني ليس في صالح الولايات المتحدة لأن المصلحة المتحققة في نهاية المطاف يجب أن تقوم على الاعتراف بوجود مصلحة استراتيجية مشتركة في استقرار ما يعد منطقة إقليمية ملتهبة بالنسبة لإيران، ولابد من الاقرار ان مثل هذه المصلحة يجب أن يسعى إليها الطرفان معاً وان لا تعد منّةً يقدمها أحد الطرفين للآخر، اذ ان وجود إيران قوية، حتى وان كانت مدفوعة دينياً هو في مصلحة الولايات المتحدة على ان لا تكون متعصبة ضد الغرب"و يرى ان المشاركة السياسية الفاعلة بين الولايات المتحدة وحلفائها تجعل من المحتمل وبدرجة كبيرة أن تتحول إيران في النهاية من عملاق بشع غريب إلى دولة مساهمة في إقرار الأمن والاستقرار في المنطقةوهذا ما تسعى إلى تحقيقه في المدى المنظور.
وعليه يمكن القول ان تحديد مدى التقارب الإيراني- الأميركي المتوقع خلال المرحلة القادمة سيتوقف في اغلب الظن على المصلحة الوطنية الإيرانية، فإيران لاترغب باغلاق الأبواب كافة مع واشنطنبل تعمل على الوصول إلى حلول وسط معها، الا ان هذه المحاولات لم تنتج بفعل تمسك الولايات المتحدة بسياسة استقطابية حادة تجاه إيران.
ومع ذلك فأن من الخطأ ان نبالغ في مدى وعمق العداء او الخلاف بين الطرفين وإمكانية استمراره على ما هو عليه مدة طويلة، فعلاقة إيران عبر التاريخ هي كعلاقة الابن الضال بوالده، يثور الابن الضال على أبيه ويتمرد عليه ومن ثم يعود إليه، فإيران الابن الضال وهي في طريق عودتها إلى أحضان الولايات المتحدة (الأب) بكثير من العتاب وقليل من الشروط بعد قطيعة، تجاوزت العقدين.وهذ ماتكلل ولو بشكل محدود في اللقاء الثلاثي الذي جمع ايران باميركا في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل