الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرح ممنوع في العراق

نبيل ياسين

2007 / 7 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


انه لقرار وحشي لامثيل له. كنا , في السنوات التي سبقت سقوط صدام نكتب ما لايصدقه العرب. ذات يوم صدقني رئيس تحرير احدى الصحف العربية حين روى لي كيف ان تاجرا لبنانيا في باريس حدثه على عشاء جمع الاثنين مع اخرين, قرر عدم العودة الى العراق والمتاجرة مع عدي. كانت القصة كما يلي: ان عدي دعاه في سنوات التسعينات الى غداء في احد مطاعم متنزه الزوراء بعد ان جاء من باريس حاملا بضاعته الثمينة من ساعات يد واربطة عنق وبدلات وغيرها منتظرا ثمنها وثمن بضاعة سابقة لم تسدد. في الطريق , وكان عدي يسوق السيارة والتاجر اللبناني يجلس معه وسيارات الحماية خلفه,ك توقف عدي فجأة وامر حمايته بالنزول لتاديب صبيين يضحكان ويتقافزان على الرصيف بمرح انساني صبياني. ذهل التاجر وتملكه الخوف وهو يرى افراد الحماية يركلون الصبيين حتى ادموهما وحين سقطا على الارض نادى عدي عصابته للعودة. نظر عدي الى وجه التاجر اللبناني الشاحب وضحك وساله ان كان حزينا على مصير الصبيين , وقبل ان يجيب التاجر ضحك عدي مرة اخرى وقال له: لا اريد ان ارى عراقيا يفرح.

هذه قصة خيالية بالمقاييس القصصية الواقعية ولكنها قصة حقيقية باسلوب الواقعية السحرية الذي يتندر نقادنا بمعرفته منذ تعرفهم على ماركيز حتى اليوم.

فاز الفريق العراقي لكرة القدم بواقعية سحرية على كوريا الجنوبية, ثالثة فرق كأس العالم عام 2002 ووصل الى الدور شبه النهائي , الامر الذي لم يحصل في زمن سيطرة عدي على الكرة العراقية وفريقها الوطني الذي كان يخرج من هزيمة الى اخرى ومع كل هزيمة سجن وحلاقة شعر وتقريع.كيف يخسر الفريق العراقي في زمن صدام وبنه عدي ويفوز في زمن التخلص من صدام وابنه عدي؟ الفرح ممنوع في بلاد الرافدين في زمن صدام وابنه عدي رئيس اللجنة الاولمبية فكيف يمكن الفرح في بلاد رافدين بدون صدام وابنه عدي؟

خرج عراقيون يتحدون في فرصة فرح عراقي وفرها لهم فريقهم الوطني, العراقي, السني الشيعي الكردي التركماني الصابئي المسيحي الجنوبي الشمالي الشرقي الغربي الذي فاز باسم العراق والعراقيين في بطولة اسيا. كيف يمكن للفرح ان يكون عراقيا والاخوة العرب ينتعتوننا ببلاد الحزن وان اغانينيا مليئة بالنحيب والنشيج الصامت.لقد اجتمع على العراقيين بقايا صدام وعدي وبقايا السلفيين المتزمتين الذين لايعرفون حلالا في الاسلام الا وحرموه, كـأن حلال محمد حلال الى يوم القيامة, وحرام محمد حرام الى يوم القيامة لم يوجد كقاعدة في الاسلام.

من حق العراقيين ان يحزنوا ويقيموا المأتم ويكتبوا المناحات ويقرأوا التعازي. وحتى هذا الحق اخذ يتعرض للمصادرة والانتهاك. فما من مجلس فاتحة الا وتهدد . وقد شهدت كثير من مجالس الفاتحة هجوما انتحاريا على المعزين وعلى المشيعين وعلى الناحبين.اما الفرح فليس حلالا في بلاد الرافدين وفق تعاليم القاعدة في بلاد الرافدين وهي ليست من بلاد الرافدين, ووفق تعاليم صدام وابنه عدي لمشايعيهم من ابناء الرافدين, فما بال بلاد الرافدين كانت وماتزال عرضة للاغتصاب من الغزاة والسفاحين ؟

هتاك مفارقة تغذي الارهاب بشكل غير مباشر, وهي ان كثيرا من متعلمينا ومثقفينا وسياسيينا يعتبرون العراقيين البسطاء رعاعا يستحقون القتل لانهم يحتفلون بفوز فريقهم الوطني لكرة القدم بينما لم ينتخبوهم في الانتخابات السابقة. انهم ليست مفارقة بسيطة, انها دلالة عميقة على الخواء السياسي والفكري , ودلالة مؤثرة على انعدام الاطار الوطني العراقي والانتماء بدلا منه, الى اطار حزبي ايديولوجي كان ومايزال بديلا عن الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو