الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيرات في السياسة الخارجية المصرية

إلهامى الميرغنى

2007 / 7 / 28
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


منذ قامت ثورة 23 يوليو 1952 حاولت الثورة بناء الدور المصري كفاعل رئيسي عربياً وأفريقياً ودولياً.

كان الاستعمار الإنجليزي بجنوده وعتاده مقيماً علي قناة السويس ، لذلك جاءت اتفاقية الجلاء كخطوة أولي علي طريق التحرر الوطني ، أعقب ذلك الدور المصري في باندونج ومحاولة بناء كتلة عدم الانحياز وهي فكرة عبقرية في ظل القطبية الثنائية والاستقطاب الدولي في تلك الفترة.

كانت مصر تطلع إلي المحيط العربي الأمر الذي تجلي بأعلى صوره في ميلاد تجربة الوحدة المصرية السورية عام 1958 كتجسيد حي للتوحد القومي ولكن تجربة الوحدة كانت لها سلبيات كثيرة قادت غلي انهيارها ، وهناك عشرات الندوات والمؤتمرات ومئات المقالات التي حللت أسباب فشل تجربة الوحدة. ولم يتوقف نظام يوليو عند انهيار الوحدة وتطلع لنطاق أوسع هو النطاق العربي الذي تبلور من خلال بدء انعقاد مؤتمرات القمة العربية كشكل جديد لتفعيل النظام العربي .

عندما حدثت نكسة يونيو وعقد مؤتمر قمة الخرطوم كان لدينا نظام عربي فاعل ومؤثر وكان لمصر دور إقليمي وهي النظام المهزوم سياسياً والمحتلة أجزاء من أرضه ، إلا يعكس ذلك فاعلية وكفاءة السياسة الخارجية . كذلك فإن بناء منظمة الوحدة الأفريقية والدور الذي لعبته مصر في المحيط الأفريقي ساهم في بلورة دور مصري فاعل ليس إقليمياً وعربياً فقط بل دولياً وعلي مستوي النظام العالمي.

كان للرئيس عبد الناصر دور فاعل ومؤثر كرمز لتلك السياسة بالكاريزما التي كان يتمتع بها ، ومن خلال طموحه في بناء استقلال وطني وتنمية مستقلة . ولكن غياب الديمقراطية وانتشار الفساد والاستبداد جعل هذه السياسات تعمل بلا سند حقيقي وفي غياب تام للجماهير. كانت هناك تعبئة جماهيرية ولكنها تعبئة عاطفية حماسية ترافقت والخطاب السياسي الناصري.

عندما جاء الرئيس السادات تغيرت الصورة بشكل كامل فتحولنا من النظام العربي إلي لعن العرب ورفع النعرة المصرية المحلية وتحميل العرب والفلسطينيين مسئولية الحروب التي خضناها.وبعد أن كان الاتحاد السوفيتي هو الداعم لبناء التنمية المستقلة تم طرد الخبراء السوفييت ، وجاءت ذروة التحول خلال حرب أكتوبر عندما أعلن السادات أن 99% من أوراق اللعبة السياسية بيد الولايات المتحدة .
وبدأت مسيرة التحول السياسي الكبير الذي توج بزيارة السادات المشئومة للقدس وتوقيع اتفاقيات كامب دافيد وما تلاها لتبدأ مرحلة جديدة من انهيار النظام العربي والحروب الإقليمية التي بدأت في لبنان واستمرت لتمزق الوطن العربي إلي طوائف وقبائل. وقام السادات خلال هذه الفترة بالعديد من التجارب التكاملية الفاشلة سواء اتحاد الجمهوريات العربية أو الوحدة مع ليبيا ثم قصف ليبيا بالطائرات وتجربة التكامل السوداني وكلها كانت محاولات تكاملية من علي ارض التبعية الكاملة للولايات المتحدة وتوجهاتها من ناحية وللعلاقة الشاذة مع العدو الصهيوني من ناحية أخري.

لقد حدث تحول كامل في توجهات السياسة الخارجية مع غياب كامل للمشاركة الشعبية في صنع القرار وفي ظل تحول المؤسسات التمثيلية كمجلس الشعب إلي منفذ لسياسات الزعيم وليس موجهاً لها ، لقد قام السادات بحل مجلس الشعب عندما رفض 14 عضو فقط الموافقة علي كامب دافيد. وعندما جاء الرئيس مبارك لم يحدث تحول دراماتيكي كالذي حدث عقب وفاة الرئيس عبد الناصر ولكنه كان تطور في السياسة الخارجية بتطوير سياسات التبعية والعلاقة مع العدو الصهيوني.

رغم أن السادات أمام الحقيقة و التاريخ هو صانع التبعية والصلح مع العدو إلا أن الرئيس مبارك وبلا منازع هو صاحب تطوير وتنمية هذه السياسات ، فهو الذي أبد للتبعية الأمريكية والتطبيع الذي دخل مراحل التنفيذ التي تم تتويجها بتوقيع اتفاقية الكويز وتصدير الغاز و الأسمنت المصري لإسرائيل لبناء جدار الفصل العنصري ، والمشاركة في حرب الخليج الأولي.لذلك دخلت السياسة الخارجية المصرية الألفية الجديدة في ظل انهيار كامل للنظام العربي وتحول الجامعة العربية إلي ديكور سياسي وانهيار كافة التجارب التكاملية باستثناء مجلس التعاون الخليجي الذي أصبحت أهدافه الأمنية هي جوهر وجوده واستمراريته ضمن السيطرة الأمريكية علي الخليج العربي الذي توجد به قواعد قيادة القوات الأمريكية.

كما أن السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية شهدت تحول كبير لعبت فيه مصر دور داعم للسلطة الفلسطينية في مواجهة كافة الفصائل ولصالح المخططات الأمريكية الصهيونية من خطة تنيت إلي الرباعية إلي فض الاشتباك بين فتح وحماس.

وإذا تأملنا أهم دروس هذه المسيرة نجد التالي :
ـ إن السياسة الخارجية يجب أن تكون مرتبطة بقناعة شعبية وليس مجرد تعبئة عاطفية حتى يمكن لأصحاب المصلحة الدفاع عن مصالحهم . لذلك تأتي قضية الديمقراطية والمشاركة الشعبية كضمانة رئيسية لبناء سياسة خارجية تخدم مصالح الغالبية من المصريين .
ـ غياب الدور الفاعل والمؤثر للمؤسسات السياسة ومنظمات المجتمع المدني وعدم ترك أقدار الأمة في يد الزعيم الملهم مهما كان. لأن عبد الناصر بني نظام سياسى قوي ولكنه لم يوفر له الدعم والحماية القادرة علي الحفاظ عليه والدفاع عنه وعندما غاب عبد الناصر وحدث التحول الكبير لم تجد هذه السياسات من يدافع عنها فكانت النكسة الحقيقية.

من المهم أن تكون السياسة الخارجية المصرية مرتبطة ببناء القدرات الإنتاجية والتنموية لمصر لذلك توجد عدة أسئلة علينا أن نبحث لها عن إجابات وهي:
• هل استفادت مصر من ارتباطها الكامل بالسياسة الأمريكية ؟ وهل يمكن تعديل العلاقة في ظل موازين القوي الحالية ؟
• ما هو حجم الاستفادة من اتفاقية الشراكة الأوروبية وهل يمكن تطوير هذه الاستفادة ؟
• ما هو مستقبل التكامل العربي وما هي تصوراتنا لتطوير النظام العربي خلال السنوات القادمة؟
• كيف يمكن النظر للبعد الأفريقي وتأثيره علي مصر ؟
• ما هو مستقبل العلاقة مع إسرائيل خلال المرحلة القادمة؟
• كيف يمكن لمصر أن تستعيد دورها العربي والإقليمي ؟
• كيف نوفر المقومات اللازمة لتحقيق إرادة سياسية مرتبطة بمصالح مصر أولاً وأخيرا؟

الأسئلة كثيرة وتحتاج لجهد جماعي من اجل استيعاب الدروس وبلورة " بديل " للسياسة الخارجية نابع من مصالح مصر بعمالها وفلاحيها وطبقتها الوسطي...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان: حزب العمال أمام انتصار كاسح في وجه المحافظين


.. فرنسا.. بين قبضة اليمين المتطرف وتحالف -شبه مستحيل- للمعتدلي




.. فرنسا: هل تراجعت فرص اليمين المتطرف بالوصول إلى السلطة؟


.. هل الأغنياء يدخرون الأموال؟.. استشاري الاتصال المؤسسي علاء م




.. الأمور التي لا ينفق عليها الأغنياء أموالهم.. إليك أبرزها