الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية ديمقراطيات الشرق الأوسط وموقع الكرد في معركة الديمقراطية العراقية 1-3

خالد يونس خالد

2003 / 10 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


                                    
د. خالد يونس خالد-السويد

الديمقراطية: الشكل والمضمون
يعتقد كثير من الناس في الشرق الأوسط بأن الديمقراطية الحقيقية تعني حكم الأغلبية عن طريق الإنتخابات، ووجود برلمان منتخب تتمثل فيه الأغلبية القابضة على السلطة حيث تشكل الحكومة، والاقلية المعارضة. لكن الديمقراطية ياسادة لاتعني ماذكرناها أعلاه، لأن الإنتخابات والأغلبية والأقلية في البرلمان هي مظهر من مظاهر الديمقراطية، وهي مهمة لإعطاء إطار معين تمارس فيه العملية الديمقراطية. أما الديمقراطية فلا تعني إلا الإعتراف بحق الشعب في تقرير مصيره بنفسه، وتعني الإعتراف بحقوق الإنسان وممارسة الإرادة الحرة والتعبير عن الرأي دون الإعتداء على الآخرين سيكولوجيا وفيزيولوجيا، وتعني أيضا إعطاء المعارضة الوطنية نفس الحقوق الديمقراطية التي تتمتع بها القوة القابضة عن السلطة. وإذا مافهمنا الديمقراطية بهذا المعنى الإنساني النبيل، وأخذنا بمقولة ونستون تشرشل، بأن الديمقراطية أفضل أنواع الحكم رغم أنها لا تخلو من عيوب، فإننا نفهم أيضا بأن هذه العيوب تكمن في بضعة نقاط أهمها:
     إن الديمقراطية الشكلية التي تحرم الناس والشعوب من حقوقها، وتنحصر في الإنتخابات فقط، هي ماعبر عنها المفكر الفرنسي جان جاك روسو بقوله: "الإنسان حر لحظة إدلائه بصوته، ومتى ما وضع ورقة التصويت في صندوق الإنتخابات رجع عبدا".
   كما أن الديمقراطية الشكلية التي تُفرَغ من محتواها الإنساني وتنكر حق الشعوب في تقرير مصيرها هي الديمقراطية التي قد تؤدي إلى سيطرة دكتاتور على الحكم بالإنتخابات وتحويل المجتمع إلى مجتمع شمولي مغلق على غرار النازية. فهتلر وصل إلى الحكم بالإنتخابات وليس من خلال فوهات البنادق والدبابات والصواريخ، ثم أفرغ الديمقراطية من محتواها الإيجابي وجر العالم إلى أتون حرب عالمية اودت بقتل عشرين مليون إنسان.

العراق ومرحلة التحرير
لاشك أن الشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته عانى الكثير من الظلم والعدوان والإستبداد والقهر على أيدي نظام البعث وصدام حسين المنهار، وقدم الكثير من التضحيات من أجل الحرية والكرامة الوطنية، ومن أجل تحقيق المجتمع المدني الديمقراطي، والإعتراف بحقوق الأنسان العراقي وحق الشعب الكردي والأقليات القومية العراقية بحقوقها الديمقراطية في ظل حكم الأغلبية العربية. لقد تحرر العراق من حكم الطاغية العراقي ، وتحرر العقل العراقي من عبودية الإنسان البعثي ليصبح إنسانا حرا يشعر بكرامته الوطنية، ويعتز بعراقيته. ولكن بعد تحرير العراق، بدأت عملية الإحتلال باعتراف أمريكا والامم المتحدة طبعا، لكن عملية الإحتلال ستزول كما يعلم الجميع، بعد الإنتقال من المرحلة الإنتقالية التي تشمل حالة الفوضى النسبي، وذلك بعد إمكانية تأسيس المؤسسات الديمقراطية، وإنتقال السلطة تدريجيا من سلطات الإحتلال الأمريكي إلى أيدي الوطنيين العراقيين ، وهنا تبدأ المرحلة الحاسمة، وهي مرحلة الممارسة الديمقراطية.
اعتقد بأن معركة الديمقراطية ستكون أصعب واهم المراحل على المدى البعيد، ولكن كيف ولماذا؟

معركة الديمقراطية في العراق بعد التحرير
من أجل أن تنتقل السلطة الأساسية من أيدي سلطات الإحتلال الأمريكي إلى أيدي العراقيين لابد من وجود مؤسسات ديمقراطية وتطور المجتمع من مجتمع العسكرة وانعدام الأمن والإستقرار إلى مجتمع مدني ديمقراطي يضمن السلام والأمن والإستقرار للمواطنين العراقيين. وفي هذا المجتمع ينتظر الشعب العراقي والشعب الكردي والاقليات القومية والدينية العراقية ان تحقق طموحاتها الوطنية في الحرية والإعتراف بالذات القومية والوطنية وحقوقها الديمقراطية بالمعنى الحقيقي للديمقراطية كما فسرناه أعلاه. وهنا يدخل المجتمع العراقي إلى مرحلة الممارسة الديمقراطية في الواقع الموضوعي. ولكن كيف تكون هذه الديمقراطية؟

نماذج فاشلة من الديمقراطيات الشرق أوسطية
أنا هنا لست بصدد تقييم أنظمة الشرق الأوسط  الشمولية، والأنظمة الوراثية والقمعية، والأنظمة التي تجري فيها الإنتخابات، حيث يحصل الرئيس على نسبة 99% أو أكثر. أتحدث بإقتضاب عن الانظمة التي تُصنف كأنظمة ديمقراطية نسبيا في المنظور الدولي.
   قال الكاتب والسياسي البريطاني ماكدووَل عن الديمقراطية في كردستان العراق بأنها "الديمقراطية الثالثة". وكان يعني بأنها ديمقراطية على نفس المستوى الديمقراطي في إسرائيل وتركيا، وكان يعني أيضا بأن ديمقراطية  كردستان العراق منذ مايو/أيار عام 1992 حيث أجرت فيها الإنتخابات البرلمانية  بعد تأسيس المنطقة الآمنة بحوالي سنة ، هي النموذج الثالث للديمقراطية في الشرق الأوسط بعد النموذج الإسرائيلي والتركي. لكن اريد هنا أن أنقد النماذج الديمقراطية التي تحدث عنها ماكدوولد وأضيف إليها إيران قبل أن أدخل معركة الديمقراطية في العراق، وأنقد من خلالها الديمقراطية الكردستانية في كردستان العراق والتي هي الأخرى وقعت في نفس المستنقع الديمقراطوي الشرق الأوسطي التي تحجب حقوق الإنسان.

النموذج الديمقراطي الإسرائيلي
في حوار عن الديمقراطية ومعضلات الشرق الأوسط  مع سيدة سويدية كنت أجهل إنتماءها الديني، وهي تحتل مركزا من المسؤولية، والحديث يدور على أهم ثلاث قضايا تشغل بال الإنسان في المنطقة وهي القضية الفلسطينية والقضية الكردية والقضية العراقية. سألتها عن الاسباب التي تدعو الغرب بتصنيف إسرائيل ضمن المجموعة الديمقراطية، فابتسمت باستئزاء وقالت وهي تهز رأسها، لا، أنا اشك كثيرا أن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية. واستغربتُ حين قالت بأنها يهودية سويدية وديمقراطية لكنها ترفض الإحتلال الإسرائيلي وقتل الأطفال بأسم الديمقراطية. فالجريمة تصبح اكبر ، والجرح يصبح اعمق حين تقوم إسرائيل بخرق حقوق الإنسان باسم الديمقراطية ، لأن ذلك يُظهر الشعب الإسرائيلي بمظهر الغباء الذي لا يفهم معنى الديمقراطية، ولم يتعلم منذ عام 1948 كيف يمارس الديمقراطية. 
  
هناك مَن يفهمون الديمقراطية على أساس الإنتخابات وإختيار برلمان. نعم هذه هي الديمقراطية التي تلائم الناس الذين يشترون الجرة المكسورة، لأنهم يجدون أنفسهم في هذا الموقع. جاء جحا يوما إلى البيت وهو يحمل جرة مكسورة، فسألته زوجته لماذا إشترى هذه الجرة المكسورة؟ ألم تكن هناك جرة أحسن؟ قال بلى ولن هذه الجرة هي التي تناسبنا. فالديمقراطية الإسرائيلية هي التي تلائم إسرائيل، إنها ديمقراطية الصهيونية ضد الحق العربي الفلسطيني، وهي ديمقراطية الإحتلال ضد حرية الإنسان الغير اليهودي. القتل وملاحقة الناس، وإعتبار الأطفال الذين يرمون الأحجار على الدبابات التي تقصف الناس، وعلى الجرارات التي تهدم المنازل، بالإرهاب. نعم أن ترمي الحجر على الدبابة والجرارة إرهابا، أما أن تهدم المنازل وتقصف الناس بالصواريخ فهو دفاع عن النفس، وهوممارسة ديمقراطية.

النموذج الديمقراطي التركي
الديمقراطية التركية هي ديمقراطية الأفاعي التي تجوب في طرقات المزارع فإذا ما مر البستاني ليروي مزرعته تلدغه هذه الأفاعي. إنها ديمقراطية الترك ضد الكرد والأرمن والكلدو آشوريين. فلا إعتراف بوجود الكرد بل أنهم أتراك الجبال، ولا إعتراف بحق الكرد لأن حقوقهم هي أن يكونوا خدم للترك. فليس مكان لغير الترك في تركيا العلمانية الديمقراطية إلاّ أن يكونوا عبيدا للترك. إنها ديمقراطية، يُنتخب فيه أعضاء البرلمان في إنتخابات حرة بالمعنى المحدود للكلمة، حيث الأغلبية والاقلية، تحكمها لجنة الأمن القومي من العسكر الذين ينتمون ليهود الدونمة الترك.
   العلمانية التركية هي علمانية ضد الدين، وضد القوميات الأخرى، وضد القرآن، حتى أن أتاتورك إعتبر القرآن "الكتاب الأسود" ومنع إستعمال الحروف العربية، وجعل من تركيا، تفقد هويتها الدينية، وهويتها الوطنية، وهي كذلك لحد اليوم. إنها تركيا الطورانية التي مزقت القوانين الإنسانية، وحرم الشعب الكردي والأرمني والآشوري من حقوقهم. تركيا لا تنتمي إلى الشرق، وترفضها الغرب، ولا تنتمي إلى الغرب، وترفضها الشرق. حتى الأحزاب الإسلاموية التي تقبض على السلطة في تركيا بأسم الديمقراطية، كما كانت في المانيا النازية، تعمل كل ما في وسعها لكي تتأقلم مع الفكر الأتاتوركي العنصري الطوراني الذي كان جنرالا في فترة حكم السلطان عبد الحميد، ثم أصبح شيوعيا، وهو من يهود الدونمة، ثم علمانيا مستبدا ضد الدين، على عكس العمانية الديمقراطية الأوربية التي تقر بوجود الدين، وتسمح ببممارسة العقائد، وتوافق على فتح المدارس الخاصة الدينية لكل الطوائف.
   تركيا التي تسمى اليوم بالكمالية، بغض النظر عن القوة القابضة على السلطة، من إسلاموية أو علمانوية، هي أثواب تغطي النواة الكمالية الطورانية في صحراء الديمقراطية التركية التي تحرم الشعوب والاقليات القومية من حقوقها الديمقراطية والإنسانية، وتعطيها الحق في أن تضع ورقة الإنتخابات في صندوق الإقتراع ثم ترجع عبيدا. إنها ديمقراطية إضطهاد الارمن والآشوريين وقصف القرى الكردستانية، وملاحقة القيادات الكردية في الداخل والخارج.

في الحلقة الثانية
الكرد والنموذج الديمقراطي الإيراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن