الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توني بن : سيرة يساري بريطاني يدافع عن العدل والإشتراكية

يسري حسين

2007 / 7 / 31
سيرة ذاتية


السياسي العمالي توني بن , صورة للمكافح البرلماني من أجل الديمقراطية والعدالة على مدى نصف قرن , هي عمر عضويته تحت قبة مجلس العموم في ويستمنستر . وقد تقاعد عن العمل البرلماني في عام 2001 , لكنه لايزال يُعبر عن مواقفه خلال حضور مؤتمرات حزب العمال , الذي انتمى إليه في عام 1942 . وهو معارض شرس لسياسات رئيس الوزراء السابق توني بلير , الذي سرق في رأيه الحزب التاريخي في مواقع العمال والحركة النقابية والنضال وكراهية الحروب , وحوّل بلير هذا الحزب للدفاع عن رأسمالية جشعة غير عادلة وتحالُف عدواني مع اليمين المحافظ في واشنطن , بزعامة جورج بوش وديك تشيني .
وسيرة هي صفحة ناصعة لمناضل يساري , تولى عدة مناصب وزارية في حكومتي هارولد ويلسون , وجيمس كالاهان . واحتل السياسي البارز مقعده في البرلمان لمدة نصف قرن بالكامل , داخل صفوف حزبه ومعبراً عن الأفكار النقابية والعُمالية , رافضاً لكافة أشكال الرأسمالية المتوحشة , التي تستغل العمال وتشن الحروب العدوانية على الدول الخارجية . وكان البرلماني السابق على رأس مظاهرة المليون التي خرجت في 18 مارس عام 2003 تعارض الحرب على العراق وتندد بتحالف بوش وبلير الدموي . ووقف توني بن في جميع الندوات والمؤتمرات يدعو لوقف هذه الحرب وسحب الجنود البريطانيين , لأن العدوان غير شرعي والإحتلال لا يتمتع بغطاء قانوني دولي تسانده هيئة الأمم .
وُلد توني بن في لندن عام 1925 لأسرة مرموقة في العمل السياسي والبرلماني . وينتمي أجداده إلى طبقة أرستقراطية معروفة , لكنه قرر التخلي عن كافة الألقاب والإمتيازات الطبقية التي تسمح له بدخول مجلس اللوردات , الذي يضم الأعيان وأصحاب الأراضي والأثرياء . رفض بن أيضاً بعد تقاعده من البرلمان في عام 2001 الحصول على ألقاب تشريفية لأنه يعارض النظام الملكي ويدعو إلى جمهورية دستورية , واختلف مع زملاء له في الحركة العُمالية مثل لورد كينوك و لورد هاترسلي , حيث دخل مجلس اللوردات رغم الإنتماء لحركة عُمالية نقابية تُعارض التقسيم والإمتيازات الطبقية .
شارك توني بن في وزارتي هارولد ويلسون وجيمس كالاهان , من عام 1964 إلى 1979 , وتولى عدة مناصب وزارية معنية بالطاقة والتكنولوجيا والمواصلات . ومع سقوط حزب العُمال في انتخابات عام 1979 , وصعود اليمين الجديد بزعامة مارجريت تاتشر , وقف النائب اليساري في البرلمان ضد إجراءات الحكومة الرأسمالية , التي اتجهت لبيع القطاع العام وتخصيص الشركات العامة وطرحها في سوق الإستثمارات .
وكان النظام التاتشري مع تركيزه على بيع مرافق القطاع العام , يركز أيضاً على تقويض الحركة النقابية العُمالية . ووقف في البرلمان مع إضراب عُمال المناجم الذي قاده النقابي الشهير آرثر سكارجيل . كما إنه أيضاً ناصر نقابة عُمال الطباعة ضد روبرت ميردوخ , الناشر الأسترالي الذي اشترى تقريباً شارع الصحافة البريطانية وقام بإنقلاب ضد تاريخ طويل من حركة عُمالية نقابية كانت تتمركز في قلب هذا القطاع .
وناضل < بن > للوصول إلى منصب زعيم حزب العُمال , لكن المنصب ذهب إلى ليو هاترسلي , في ظل زعامة نيل كينوك , الذي قاد بدايات ما يسمى < حزب العُمال الجديد > بعد صعود النائب اليساري مايكل فوت إلى زعامته وقيادته للعُمال , في رد فعل على التطرف اليميني الذي قادته تاتشر .
وكان توني بن في البرلمان , هو صوت اليسار المدافع عن الحرية والحقوق , مع ايمان بالسلوك الديمقراطي والإعتراف بقوة التصويت المباشر والانتخاب الحر . ويعتز دائماً بدور برلمان ويستمنستر , الذي أجهض حكومات يمينية وعارض الحروب على الشعوب الأخرى . وكان موقفه من العدوان البريطاني على مصر واضحاً خلال التواطؤ مع فرنسا وإسرائيل في عام 1956 . وهو يعتز بهذا الموقف الذي كان من نتائجه إجهاض الغزو الغاشم وانسحاب القوات المعتدية من منطقة قناة السويس .
ويقف السياسي البريطاني مع الحق الفلسطيني , وهو يشارك في حملات المناصرة والتجمعات التي تدعو لإنهاء الإحتلال ووقف بناء الجدار العنصري العازل . وقد شاهدته مؤخراً في قاعة < فريندز هاوس> يهاجم توني بلير بقسوة لتراخيه في طرح القضية الفلسطينية وتسويتها سلمياً , لأنها المسئولة عن كل أوجاع منطقة الشرق الأوسط .
وقف < بن > بوضوح ضد عدوان إسرائيل الأخير على لبنان في يوليو الماضي . وأيد هو العلماني اليساري حزب الله اللبناني , لأن القضية في رأيه لا تتعلق بالأديان والطوائف , وإنما بالحريات والعدل وحق الشعوب في تقرير مصيرها .
وبعد تركه العمل البرلماني والوزاري , تفرغ توني بن لإلقاء المحاضرات والمساهمة في نشاط التظاهر والإعتراض على مواقف تحالف بوش وبلير . وقد ألّف 7 كُتب ضمّنها مذكراته عن فترة وجوده في حكومات عُمالية بريطانية .
ونشر توني بن كتابه المثير للحوار والنقاش بعنوان < الجدل حول الإشتراكية > وهو إسهام نظري وتطبيقي لعنفوان الفكر الإشتراكي وقدرته على حل القضايا البريطانية والإنسانية في العالم الأول الرأسمالي والآخر المرتبط بدول العالم الثالث .
والسياسي والناشط في مجالات حقوق الإنسان والبيئة , يدافع عن حق الشعوب في العدل والمساواة وبيئة صالحة لعيش الإنسان دون استغلال وقهر وطمس للهوية . ويندد < بن > بانتهاكات لحقوق الإنسان في دول العالم الثالث التي تحكمها أنظمة استبدادية . وموقفه صريح من ما جرى في العراق في سجن أبو غُريب وما تمارسه الإدارة الأمريكية في معتقل جوانتانامو .
يُشارك توني بن في كافة المظاهرات والندوات الداعية لوقف التسابق النووي , ويدعو إلى تطهير العالم من هذه الأسلحة المدمرة وينتقد بشدة موقف إسرائيل التي تحتفظ بقدرة نووية هي المسئولة عن التنافس الجاري الأن في الشرق الأوسط . ويقود البرلماني السابق المعارضة ضد خطط تجديد سلاح الردع النووي البريطاني الممثل في صواريخ ترايدنت .
وتتهم صحافة التشهير الشعبية النائب السابق بالتطرف والمعارضة والتعبير عن اشتراكية انتهى زمنها , لكن سيرة توني بن الناصعة بالمواقف الواضحة والانحياز للحق تُجبر صحافة < الزبالة > على احترامه وتقديره , لأنه تحول إلى < رمز > اشتراكي يؤكد صلاحية الفكر الآخر , والذي يضرب على أوتار الوعي ويؤكد أن الرأسمالية بشكلها الاستغلالي ضارة بالصحة الإنسانية , وأن الحروب هي الشكل البشع لنمو رأسمالي وحشي , وأن تصنيع السلاح وبيعه للدول الفقيرة , تجارة موت لابد من تحريمها وتجريمها .
وتوني بن , تلقاه دائماً في شوارع لندن , وفي محطات القطارات , يستخدم المواصلات العامة من قطار الأنفاق والباصات , وهو يقف يتحدث مع الجميع خصوصاً المهاجرين من ألوان وثقافات مختلفة . ويحترم النائب السابق فكرة تعدد الثقافات ويعادي الأحزاب العنصرية والفاشية ويقف ضدها .
وخلال التجمعات والتظاهرات التي تعارض اجراءات الشرطة والأمن ضد جالية مسلمة في بريطانيا , حيث تواجه التعنت , تجد توني بن بجانب هؤلاء , على الرغم من فكره العلماني الواضح . ويرى أن من حق كل مواطن اعتناق ما يشاء وارتداء ما يحب , فهذه هي الديمقراطية التي تسمح للجميع بالحضور والتواصل . واليسار البريطاني هو المدافع الوحيد عن حقوق المسلمين في بريطانيا بينما اليمين يُطالب بحصارهم وطردهم من البلاد إن أمكن .
وتوني بن وجه حزب العُمال العريق , الذي دافع خلال تاريخه وعلى مدى مائة عامة , عن الحريات والمساواة , ويتعجب المرء من قدرة < بلير > ومجموعته على سرقة هذا الحزب وتوريطه في الحرب على العراق ومساندة الصهيونية , والتحالف مع اليمين المتخلف في واشنطن .
ويقول توني بن , أن موجة < بلير > واليمين المحافظ طارئة وأن الأصل هو انتصار القيم الاشتراكية العادلة وأهدافها في مناخ إنساني يحمي الناس من الاستغلال والخوف والنهب والاستبداد والاستعمار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل