الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين القصرين وبين القبرين

ناهده محمد علي

2007 / 8 / 2
الادب والفن


قصة تسجيلية حدثت في الماضي العراقي القريب

أصبح مصير الفرد العراقي مثل كرة اليد برمي بها أشخاص عديدون , وتظل الكرة تدور حتى نهاية اللعبة , ومرمى الهدف هو ما بين قصرين كبيرين , الأول أجنبي والآخر عراقي , فيرمي كل منهما الكرة الى ملعب الآخر ولا يتلقفها وبكيل الإتهامات كل منهما بألقصور وعدم المهارة , ثم ينهار القصرين بفعل ضربات الآخر , ويبقى الفرد العراقي مُتعباً ومُثخناً بألجراح ولكنه باقِ .
تبدأ حكايتنا لإحدى النساء العراقيات , في صباح ذات يوم حيث يُقام مأتم لإمرأة عجوز متوفاة , إجتمع النساء في بيتها وأخذت كل واحدة تحكي قصتها للآخريات .
قالت ( أُم علي ) , إسمعن قصتي يا أخواتي وإبكين معي على ولديَّ . نحن نقيم في منطقة الشعب وهي منطقة شعبية ساخنة , وقد أراد إبني ( علي ) الخروج صباح ذات يوم , فمنعته بسبب الإنفجارات والقناصة , لكنه لم يمتنع وأراد الخروج ولو لساعة واحدة , كان يوماً ماطراً لكنه أبى وكان عصبي المزاج بسبب طول تواجده في البيت , فأراد الخروج وخرج , أحسست بوخز في قلبي فركضت الى الشارع , لم يُعلمني أحد بشيء وبقيت أبحث عنه في الأزقة ثم وجدته لكنه كان ممدداً والدم يسيل من فمه , فصرخت ومرَّغت وجهي بألتراب , وحمله معي الآخرون إلى البيت , وبكيت طويلاً على ولدي البكر وأشعر به من حولي أينما ذهبت .
ثم جاء رمضان وأراد إبني الصغير ( عثمان ) وهو في السابعة عشر من عمره أن يشتري قميصاً للعيد وهو لا زال صائماً , قلت له اُصبر يابني حتى يأتي العيد فقال لي ( منو أبو باجر ) , أمسكت الباب فإبتسم وقال سأعود بسرعة فإنتظريني , قلت سأنتظر عند الباب , وكنت أسمع صوت الرصاص طوال اليوم لكنني وللحظة سمعت صوت رصاص مميَّز وكأنه نعيق البوم أو عواء ذئب جائع , فركضت الى الشارع وقالو لي إنه هنا , فوجدته متيبس الشفتين عطشان , نظر اليَّ نظرة واحدة وأغمض عينييه بهدوء , وظممته الى صدري وبقيت أصرخ , ألم أقل لك إنتظر العيد , ألم أقل إنتظر العيد , وذهب عثمان ودفنت ولديَّ في كربلاء وقد وجدت بيتاً صغيراً قديماً ما بين القبرين لأبقى بينهما ولا أبتعد عن أحد منهما , ثم طلبت الى زوجي أن يذهب لجلب متاعنا وأثاثنا من بيتنا القديم , ولم يُمانع وذهب , لكنه ذهب ولم يَعُد الى الآن .
وبعد شهور من هذه الحادثة شاهدتها إحدى الحاضرات في المأتم تدور حول قبري ولديها وهي ترش الماء وتقول :
نطرتك يبني ساعات العمر كلها ... مثل الحمايم لشوكت دتطــــــــــير
ونطرتك يبني آهات العمر كلها ... مثل نطر العطاشى لحين حفر البير
نطرتك والدمع جوى على خدي ... مثل جوي الجدم تلهب على الجيــر

ثم أقفلت المرأة بابها ولم تُشاهَد بعدها في أي مكان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح