الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شتان ما بين المستطيل الاخضر ..والساحه الخضراء !

فواز فرحان

2007 / 8 / 1
عالم الرياضة


كرة القدم تعلمنا قبل اي شئ ان يكون للانسان هدف يسدد نحوه او يرسم طريقه للوصول اليه على المستطيل الاخضر الذي يمثل ساحة الحياة والجماهير المحيطه التي تمثل المجتمع الذي يقيم هذا الانسان واداءه وتحقيق اهدافه, ربما تكون فكرة فلسفيه لكنها تعبر في طياتها عن نظرة ما الى كرة القدم التي حققت في العراق اكثر بكثير مما حققته السياسه ورجالها فعادة ما تكون الرياضه وخاصة كرة القدم امتداد لحالة الاستقرار والرفاه الموجوده في المجتمع الا في الحاله العراقيه التي اثبتت العكس او اثبتت استثناء وخروج عن القاعده لاسيما وان البلاد تعيش حاله غليان لا تتوقف الا عندما تطلق صافرة البدايه لاي مباراة يلعبها المنتخب الوطني العراقي وتعيش حالة هدنة طوال تسعين دقيقه او طوال يوم بكامله ان كان هناك فوز للمنتخب..
نحن نعلم ان اكثر الشعوب عشقا لكرة القدم هو الشعب البرازيلي ومن بعده الالمان والانكليز بالتساوي وان هذا العشق لا يمتد حد الجنون كما هو الحال في جنون كرة القدم عند العراقيين فلو قدر ان توجهنا للبرازيل عند فوزها بكأس العالم في اي مرة من المرات وقلنا لهم ان الشوارع مليئه بالسيارات المفخخه وان الاحتفال يحوي في طياته مخاطر الموت ربما ستكون النتيجه ان برازيليا واحدا لن يخرج الى تلك الشوارع وسيفضلون فتح قناني الشمبانيا والبيرة ببيوتهم والاحتفال بها وكذلك الحال هنا في المانيا او اية دوله اوربيه اخرى لن تخرج الجماهير الى الشوارع في حاله تلقيها انذارا من السلطات بوجود قنبله في الشارع او اية اشارة مخيفه اخرى فكيف اذا كانت سيارات مفخخه!! اذا هو حب يصل حد الجنون في التحدي وهروب من الاحزان والواقع الى الامام الى عالم افتقده هذا الشعب وهو عالم الفرح والاحتفال والتعبير عن السعادة مهما كلف الامر والرياضيون كما نعلم هم بعيدون عن السياسه والانتماءات في الحاله العراقيه لكن ايادي الاجرام لم تتركهم في لحظه من لحظات سعادتهم وفرحهم كما حدث بعد نهايه مباراة كوريا مع العراق في مباراة الدور شبه النهائي واصطادت ما يقارب الستين من الذين تحدوا باحتفالهم كل المخاطر ودفعوا حياتهم ثمنا لعشقهم الجنوني هذا رغم انهم لم يتلقوا الدعم ولو المعنوي سوى من لاعبي المنتخب انفسهم الذين توشحوا بالشرائط السوداء تعبيرا عن حزنهم على ضحايا الحادث ليضافوا الى قائمة ضحايا العراق الاخرين في المجالات الاخرى..
وشاهدنا الخط التصاعدي في الاداء العراقي الذي عبر عن تماسك خطوطه وتقديمه الافضل من مباراة الى اخرى حتى الوصول للنهائي والظفر بكأس الامم الاسيويه لاول مرة فقد كان ذلك حلم اي عاشق لكرة القدم العراقيه لان اللقب القاري ينقل الفريق الى مصاف الكبار في القارة وشاهدنا التناسق في الخطوط العراقيه التي عبرت عن روح الوحده عند الفريق والوصول الى الهدف المنشود ربما تعطينا تجربة امم اسيا درسا في تعلم الطريقه التي تقودنا الى تحقيق الهدف والتي عبرت عنها مجموعه من الخصائص التي كانت تميز العراقيين وهي الوحده والغيرة والحرص والاندفاع ونكران الذات وفوق كل ذلك العزيمه وروح التحدي التي تجلت في المباراة النهائيه بأسطع صورة حتى اننا بدأنا بالاحتفال مع نهايه الشوط الاول وادركنا ان هذه الخصائص ستحقق النصر لا محاله..وربما نتشابه نحن العراقيون في المشاعر التي نتحلى بها وهي المقارنه بين تلك الحاله وحالة السياسيون الذين استأنفوا صراعاتهم على السلطه في اليوم الثاني من الفرح العراقي ولم يتحلوا بروح الفريق الواحد ولا العزيمه العراقيه القادرة على تجاوز المحنه ولا روح التحدي والشعور بالانتماء بل العكس تماما حتى اننا نشعر ان من الافضل تغيير اسم المنطقه الخضراء الى المنطقه السوداء لانها فعلا تمتلئ بالافكاء السوداء التي لا تفكر الا في خدمة العاملين فيها حصرا وما يحدث خارجها فهذا لا شأن لهم به لا مقارنه بين الافعال التي جسدها الفريق العراقي على المستطيل الاخضر والاخرى التي يجسدها السياسيون في الساحه الخضراء فهي لا تحوي اطلاقا اي تشابه واذا ما تمكن لاعبي المنطقه الخضراء من السياسيين من اجادة فن ادخال الفرح والسرور الى النفس العراقيه الجريحه حينها سيكون هناك قبولا لاجراء اي مقارنه لان اللاعب بفوزه وانجازه يرفع اسم بلاده عاليا ويجعل الجماهير تعيش افراحا بما تسمو على كل الجراحات في نفس اي مشجع ,اما السياسي فعليه تقديم انجاز كما فعل الرياضي الذي كافئه الشعب والاتحاد الاسيوي والحكومه ايضا اما السياسي فبأنجازاته سيكافؤه المفكرون والتاريخ والشعب والمؤرخون ليحجز له اسما خالدا كما هو الحال مع الكثير من السياسيين في العالم امثال غاندي ولينين ومانديلا.. السياسيون في المنطقه الخضراء يلعبون دون ان تكون هناك اهداف امامهم (عارضات وشبكه) دون ان يحددوا الهدف الذي ينبغي التصويب نحوه فكيف سيحصلوا على التشجيع أذا؟ ثم اين هي تلك الجماهير التي ستتفرج على مباراة تخلو ساحتها من عوارض وشبكه يتم التسديد نحوها بلا شك هذا نوع من تضييع الوقت ولن يضحي احد منا بوقته للتفرج على مباراة من هذا القبيل..
ان شعبنا رغم مأسيه فأنه شعب حساس ومدرك وفوق ذلك هو شعب ذكي يبحث عن النتائج دائما في الحدث وليس على اللعب والتفنن رغم اهميتهما في بعض الاحيان ففي مشاركته في كأس العالم بالمكسيك عام 1986 كانت الاراء تتمحور على انه قدم مستوى لا بأس به لكننا وجدنا الفريق العراقي في موخرة التصنيف في تلك البطوله بعكس كاميرون روجيه ميللا ونيجيريا رشيد يكيني في عامي 90 و94 على التوالي فقد كان اداءا مصحوبا بالنتائج والاسلوب والموقع وهذا ما نتمناه في كل مشاركه عراقيه في اي بطوله يخوضها من الان وصاعدا وعنصر التخطيط هنا مهم للغايه فاليابان خسرت عام 1982 مع العراق بنسبه كبيرة من الاهداف وبعد البطوله قرر اليابانيون وضع استراتيجيه للكرة اليابانيه تسير عليها تضعها في العشر سنوات الاولى على قمة القارة وفي العشر الثانيه من المنتخبات العشرة الاولى عالميا ومنذ ذلك الحين يسعى اليابانيون لتحقيق الهدف الثاني بعد ان حققوا الاول بجدارة وكذلك فعلت كوريا وتفعل اليوم دول جنوب شرق اسيا كما شاهدنا بأم اعيننا في المستوى المتطور الذي ظهروا به خاصة منتخب فيتنام الذي كان محاصرا لعقود ثلاث مضت وتمكن من التغلب على تأخره ووصل الى الدور الثاني وهي خطوة رائعه لهم لاسيما وانهم ارتاحوا للفوز العراقي بالكأس لانهم شعروا ان منتخبهم لم يخرج الا على يد البطل في هذه البطوله..نعم كرة القدم بحاجه الى عنايه لكي توحد الناس لكي تعطيهم الامل بالحياة بأن هناك ما يجمعنا وما يوحد مشاعرنا ويجعلنا نعيش لحظة من لحظات السعاده القليله في حياتنا نحن العراقيون !!المستطيل الاخضر هو ساحة الحياة واللاعب هو الانسان الذي يخوض معترك الحياة مع نظرائه الاخرين والهدف هو المعنى من الحياة والجمهور هو المجتمع البشري وبشكل عفوي يعلق الاغلبيه على المباراة التي تنتهي بالتعادل بدون اهداف على انه تعادل سلبي اي دون معنى حتى لو حفلت بالمحات الفنيه والتكتيكيه لان الهدف هو المعنى..اننا نتوق دائما الى الفرح عبر الرياضه او الفن او اي مجال اخر المهم ان يكون يحمل في طياته وحدة مشاعرنا ..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 40 شركة و17 قناة.. -المتحدة- قصة نجاح فى الدراما والإعلام وا


.. مكاسب مالية ضخمة لمنتخب جورجيا في بطولة أوروبا لكرة القدم




.. بطولة وطنية للبادل تُقام للمرة الأولى.. ترقبوا المبارات النه


.. أزمات متتالية تواجه معظم أندية كرة القدم التونسية




.. كولر عن ضغط مباريات الأهلي: ما يحدث لا أراه في أي مكان بالعا