الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهاربون من غزة

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2007 / 8 / 2
القضية الفلسطينية


يطالعني الرفيق طلعت الصفدي الساكن في مدينة غزة كل يوم بمقال أكثر جرأة من سابقه، ويتصل بي مساء كل يوم ليسألني عن رأيي بذلك المقال.. فأجيبه، أن مقاله يعبر بصدق عن مشاعر كل مناضل شريف.. وفي نفس الوقت أقول له-- أن جرأتك في نقد ممارسات حكومة حماس وقوتها التنفيذية، قد تعرضك للأذى لان أركان حماس حتما سيضيق ذرعهم بقلمك، ولن يسمحوا لك أن تواصل الهجوم عليهم.. لكن الذي أعجبني أكثر أن قلم هذا الرفيق لم يسكت أيضا عن فضح سكوت وإذعان وهروب من كانوا يختالون في غزة كالطواويس .. كما لم يسكت قلم هذا المناضل ألغزي عن توجيه النقد الصريح والواضح للسلطة الشرعية التي يمثلها الرئيس أبو مازن، لأنها لم تبذل ما يكفي لتعزيز صمود الشعب هناك، ودعم حركة النضال لإعادة الوجه المشرق لغزة الأبية.. وقد قلت للرفيق طلعت يا حبذا لو تحرك كل المناضلين ومن مختلف التيارات مثلك .. وخصوصا أولئك الفرسان الذين عرفناهم من على شاشات الفضائيات أكثر مما نعرف قادتنا المحليين.. وأولئك المسئولين الذين حكموا غزة لسنوات طوال واستحوذوا على كل مقدراتها وأهدروا كل ما كان يقدم لها..
عجيبة هذه الدنيا، والأعجب منها كيف يستطيع بعض القادة النظر في عيون أبناء شعبهم وهم يعرفون أن الناس ما عادوا يطيقون مجرد رؤيتهم، أو حتى على استعداد لإهدار ولو دقائق لسماع خطبهم وتصريحاتهم.. فبالأمس القريب كان فرسان الكلام في غزة يملئون الدنيا صراخا ويتفننون في التحليلات والتنظيرات-- وكأنهم أسياد الميادين.. وكنا هنا في الضفة الغربية ( الجناح الشمالي للوطن الواحد الجريح ) نظن أن أولئك هم بالفعل عظماء غزة ومالكي زمام أمورها، وأنهم يستطيعون وبإشارة منهم تحريك الجحافل بالشوارع والساحات لتهتف باسمهم وتموت من اجلهم-- ومن المؤكد أن فضائية فلسطين والفضائيات الأخرى، قد امتلأت رفوفها بأشرطة التسجيل لأولئك القادة والمنظرين ( المدنيين والعسكريين )..
لكن الزمن لم يمهل أولئك الزعماء، فتهاوت تلك الأسماء وكأنها أوراق توت في خريف غزة، وتوارت عن الفضائيات وعن وسائل الإعلام-- إلا القلة القليلة الأشد وقاحة.. لقد هرب أولئك القادة من غزة بليل مشبوه تلفه آلاف إشارات الاستفهام، وتركوا شعب القطاع وحيدا في مواجهة العاصفة الهوجاء التي اجتاحت غزة عند استيلاء حماس على مقاليد الحكم ورموز السيادة في القطاع.. هربوا من غزة ليستوطنوا فنادق رام الله وشققها المفروشة بمطاعمها وباراتها وملاهيها، وينفقوا بسخاء مما كانوا قد فازوا بنهبه من أموال الشعب..
أما رام الله المدينة الفلسطينية التي وبحكم جوارها لمدينة القدس المحتلة أصبحت العاصمة الغير متوجة للسلطة الفلسطينية.. رام الله بدأت تضج بأولئك القادة الفارين من ميادينهم، وبدأت تئن أيضا من فسادهم ومن رائحة عفنهم، الذي جلبوه معهم ليمتزج بمثيله الموجود أصلا عند أقرانهم في الضفة.. وقد يكون أصحاب الفنادق والمطاعم والبارات مرتاحون لوجود هؤلاء الذين ينفقون ببذخ.. لكن المواطن العادي في رام الله وفي كل مناطق الضفة-- الذي هاله ما حصل في قطاع غزة-- هذا المواطن الصادق بدا يتساءل لماذا يقيم هؤلاء القادة المعروفين والمشهورين هنا.. وليس في أكناف شعبهم في غزة..؟؟ والجواب واضح لدى ابسط الناس.. وهو لأنهم جبناء.. ولأنهم فاسدون ويخافون العودة-- ليس خوفا من حماس فقط.. بل خوفا من عيون أهلهم شعبنا الصابر في غزة .. أولئك الناس الذين عرفوا حجم الفساد الهائل الذي مارسه هؤلاء القادة .. وحجم الخزي والعار الذي جلبوه للنضال والمناضلين والذي وسيظل يلاحقهم أينما حلوا واستوطنوا..
لقد فر هؤلاء من الميدان، وانتقلوا ليمارسوا نفس أدوارهم الأولى كبطانة فاسدة وطفيليين، واختاروا البقاء في أماكن قريبة من الرئيس.. عل الرئيس ينفخ بصورهم ويعيد لهم هيبتهم المكسورة.. والمؤكد أن الرئيس أبو مازن سيكون أول واكبر الخاسرين إن قربهم منه، أو أعطاهم ما يريدون، لأنهم حتما سيكرروا نفس السلوك الذي مارسوه في غزة ويلحقوا مزيدا من الأذى بالرئيس وبمخططه لإخراج الشعب من أزمته.. والأجدر بالرئيس أن يواصل الإطاحة بهؤلاء الفارين الفاسدين، ويرسلهم إلى المحاكمات على جرائمهم كلها..
وإذا كان إعادة القطاع إلى جسد الوطن الواحد غير ممكن بانتفاضة مسلحة.. وغير ممكن بقوات دولية.. وغير مقبول بالدبابات الإسرائيلية.. عندها يصبح الطريق الوحيد الممكن هو تصعيد النضال الجماهيري في داخل قطاع غزة، دفاعا عن الحقوق والحريات، وتحريك الشارع للضغط على حماس رفضا واحتجاجا على استمرار خطفها للمشروع الوطني-- برفضها التراجع عما أقدمت عليه من انقلاب عسكري على الشرعية ولجوئها للحسم العسكري في خلاف كان يجب أن يحل بمزيد من الحوار أو حتى بالصراع السياسي البعيد كليا عن العنف.. ومادام هذا هو الطريق الوحيد، فان الأمر يتطلب تحرك القيادات السياسية الموجودة في القطاع-- وفي المقدمة منها القيادات الفتحاوية-- التي كانت والى وقت فريب قادرة على حشد عشرات الآلاف في فعاليات وأنشطة كفاحية.. لكن يبدو أن الأمور قد تغيرت، ولم يبقى في الميدان إلا أولئك القادة الشرفاء، الذين واصلوا الصمود بوجه العاصفة لأنهم مخلصون للوطن وللقضية.. ولان أياديهم أكثر بياضا من أولئك الفارين..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل