الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مياه الأمن القومى

مهدى بندق

2007 / 8 / 3
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


للدولة في مصر، منذ عصر الرعامسة وحتى الآن ، استراتيجية أمن قومي لا تتغير. أساسها أن الحدود الجغرافية السياسية ليست هى حسب ما يجب أن يُدافع عنها. بل ينبغي أيضاً الدفاع عما أسماه المؤرخ البروسي فون ريليكة بالمجال الحيوي، أى المناطق المتاخمة ، أو المؤثرة فى الواقع الحدودى للدولة. ذلك ما يفسر حروب رمسيس في الشام وعلاقات حتشبسوت التجارية والثقافية بالصومال (بلاد بونت وقتها) ثم حروب صلاح الدين وقطز في فلسطين وحلب، ومحمد على في السودان والحجاز حتى آسيا الوسطى، وأخيراً عبد الناصر في حرب اليمن.
فإذا كانت المؤسسة العسكرية المصرية لا تغمض العين عما يحدث الآن في غزة وجنوب السودان ودارفور والقرن الأفريقي ، فإن الدولة المصرية بعامة مطالبة بتوظيف كل الوسائل الموازية لحماية الأمن الخارجى ، الذي هو مصب الأمن الداخلى في النهاية.
وأول هذه الوسائل تحديث التعليم لينتج القادة العظام ، والضباط الواعين بحقائق الصراع الدولى ، والجنود المؤهلين لاستخدام التكنولوجيا المتطورة ، علاوة على المخترعين والمهندسين الفنيين ، ومن وراء هؤلاء جميعاً العلماء ورجال الصناعة والعمال المهرة، والفلاحون منتجو الغذاء.
وبجانب تحديث التعليم، وادخال مناهج البحث العلمي التجريبي فيه من المدرسة الابتدائية وحتى الجامعة ، تأتي وسيلة العناية بالصحة العامة. فمما لا شك فيه أن القوات المسلحة – لتؤدي دورها في حماية الأمن القومي – لا يمكن أن تقبل في صفوفها إلا الشباب من المواطنين الأصحاء الخاليين من الأمراض المزمنة والمستوطنة.
هنا تأتي الالتفاتة الى قضية مياه الشرب ، التى انفجرت فجأة. والحق أن كلمة فجأة هذه غير دقيقة ، فلا ريب أن ما حدث ويحدث من عطش قرى بأكملها، جنباً الى جنب أحياء كثيرة في المدن المصرية ، ليس إلا حصاد عقود من الاهمال وانتفاء الصيانة والتلكؤ في إحلال المعدات والماكينات المنتهي عمرها الافتراضى. وكلها تجليات لاستشراء الفساد، وغياب المراقبة الشعبية والنيابية، والتحوصل على منظومة للتعليم تنفر من الحداثة، وتستعصي على التحديث. ولكن تبقى أزمة مياه الشرب في حد ذاتها انذاراً لا غش فيه ، بالأفدح والأخطر. فالأمراض الناجمة عن شرب مياه غير نقية، قد تتحول الى أوبئة تعصف بشعب مصر جميعاً. وقتها – لا قدر الله – فإن الحديث عن الفساد، وقصور التعليم ، وضعف الديمقراطية، سوف يغدو قصائد ندم ، ولات حين! وقتها أيضاً – لا قدر الله – لن تكون ثمة جدوى من محاولة المفكرين الاستراتيجيين الربط بين الأمن الخارجي والأمن الداخلى.
فالأمن لا يبحث عنه إلا الأحياء.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 1000 وفاة في الحج .. والسعودية تؤكد أنها لم تقصر • ف


.. الحوثي يكشف عن سلاح جديد.. والقوة الأوروبية في البحر الأحمر




.. النووي الروسي.. سلاح بوتين ضد الغرب | #التاسعة


.. مخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع إقليمي يمتد بين البحرين الأ




.. نشرة إيجاز - استقالة أعلى مسؤول أمريكي مكلف بملف غزة