الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الفرحة الفريدة والأحزان المقيمة.

عزيز الحاج

2007 / 8 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان الانتصار الرياضي العراقي حدثاً مفرحا وحيدا بين جبال الأحزان العراقية المستمرة منذ عهد صدام والمتواصلة بعد الحكم الطائفي والعنصري والدموي.
لقد تناولنا في مقال خاص في أعقاب الانتصار الفريق العراقي وصوله للنصف النهائي. كانت فرحة تحدت كل التيارات السياسية باسم الدين؛ تحدت الذين منعوا ملابس الرياضة في العراق؛ تحدت مقتدى الصدر الذي سبق وأفتى بأن لعب الكرة حرام والأفضل الاستعاضة عنها بالفروسية والمبارزة بالسيوف!!
إن ما يشوه ويجرح هذه الفرحة الفريدة والوحيدة هو استمرار المآسي العراقية المتلاحقة، وآخر ذلك فشل مؤتمر اللاجئين العراقيين. كما نشر يوم 29 تموز المنصرم تقرير منظمة أوكسفام OXFAM الخيرية الدولية عن الوضع الكارثي لأكثر من 8 ملايين عراقي في الداخل، بينهم نسبة كبرى من الأطفال.

لقد كان المفروض أن يتخذ مؤتمر اللاجئين خطوات ناجعة لتحسين أوضاع أكثر من مليوني عراقي، يعيش معظمهم ظروفاً صعبة جدا في سوريا، والأردن، ومصر. لقد تبارت منظمات ودول أجنبية لإنجاح المؤتمر، وتم الحصول على 129 مليون دولار تقدم للدول العربية المضيفة؛ لكن ما جرى مع الأسف مزايدات هذه الدول طمعا في أموال أكثر، بل منها من قدم لوائح بأعداد اللاجئين تتجاوز العدد الحقيقي.

إننا نفهم الصعوبات الكبرى التي تواجه هذه الدول بسبب النزوح العراقي الكثيف جدا إلى أراضيها. إنها لا يجب إنصاف نكرانها، ولكن كان على حكومات هذه الدول أن تتفهم أكثر الدواعي القاهرة التي أرغمت المليونين على الهجرة وتعذر عودتهم بسبب سوء الأوضاع الأمنية وتدهورها المستمر في العراق.

أجل، إن قوى الإرهاب المجرمة، وصعود الأحزاب الدينية للسلطة بنهجها الطائفي، وتجاهلها التام للمشاكل اليومية المزمنة التي يعانيها المواطنون، هي أسباب هجرة العراقيين بعد موجات الهجرة زمن حكم الطاغية صدام، خصوصا بعد استفحال الطائفية، ومطاردة المسيحيين ونهب ممتلكاتهم. لقد كان على الحكومة العراقية نفسها أن تقدم أكثر من مليون على الأقل لصندوق اللاجئين، ولكن!! إن تقريرا دوليا جديدا يتحدث عن حاجة 8 ملايين عراقي في الداخل لمساعدات عاجلة وليس فقط اللاجئين إلى الخارج رغم أن مأساة هؤلاء مضاعفة.

يقول التقرير إن 4 ملايين عراقي داخل بلادهم يعانون من النقص الغذائي، و43 بالمائة منهم في فقر مدقع. وإلى جانب هذا الوضع، نجد انتشار الفساد الإداري، وإلى ما قبل شهور كان ما "اختفي" من أموال التبرعات الدولية 8 مليارات لا غير! أما ما يحصل عليه النواب من رواتب وامتيازات فحدث ولا حرج. إن كل حارس لنائب من حمايته يقبض شهريا 2500 دولار؛ فإذا تذكرنا العدد الكبير من هؤلاء الحرس تكون اللوحة أكثر رعبا. إن لرئيس المجلس وحده 200 حارس يشغلون طابقا بكامله في المنطقة الخضراء، وكل نائب متقاعد، ولو قضى في البرلمان شهورا قليلة، يأخذ راتبا تقاعديا بمبلغ 2500 دولار شهريا. مع كل هذا النهب الصارخ يأخذ البرلمان العتيد عطلة صيفية طويلة تاركا مشاكل الشعب والبلاد بكل خفة وعدم مبالاة. نضيف لكل هذا النهب تهريب النفط على أيدي يعض المليشيات والأحزاب الحاكمة وبعض المحافظين في الجنوب.

إن كثيرين من العراقيين داخلا يقولون ما معناه :" طيب، البلد غني فليأكلوا هنيئا مريئا، ولكن ماذا فعلوا مع الحكومة لمكافحة البطالة، ومعالجة مشكلة الكهرباء، والماء؟!!!"، بل حتى الشوارع والأحياء لا تزال مملوءة بالقاذورات رغم مرور أكثر من أربع سنوات على الخلاص من النظام البائد.
نعم إن انتصار فريقنا الكروي يثلج الصدور وينعش قلوبا ملؤها الهموم؛ لكن الأحزان الكبرى مستمرة، ولا يبدو أي ضوء يبشر بالخروج من الجحيم العراقي المظلم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط