الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير التقصير

احمد مجدلاني

2007 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تشكيل لجنة للتحقيق في تداعي وانهيار القوى الشرعية والمؤسسات الرسمية في قطاع غزة بعد أيام قليلة من حدوث الزلزال الكبير ، وكذلك انتهاء اللجنة من أعمالها خلال شهر تقريبا من تكليفها بمهامها بمرسوم رئاسي ، الذي أضفي على مهمتها طابعا رسميا، من جهة، وإلزاميا للمثول أمامها لكافة المعنيين من جهة اخرى، يعتبر امراَ في غاية الأهمية ، ليس لأنه المرة الاولى في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية نتعرض لانكسارات، وانتكاسات وعادة ما تقوم لجان التحقيق ، إما لخنق الحقائق او لتجهيل الفاعل او المسؤول تحت اعتبارات مختلفة حكمت مسيرة الثورة ، وطريقة تعاملها مع الكوارث والنكبات على قاعدة ليس بالامكان أفضل مما كان .
الميزة الايجابية الآن وقد تكون مرحلة تدشن فيها السلطة الوطنية الفلسطينية وقيادة م.ت.ف. مرحلة جديدة من الشفافية ، والمكاشفة والمحاسبة ، بعد الحدث الكارثة في قطاع غزة بالإسراع في تشكيل اللجنة ، واتخاذ الرئيس وأثناء عملها العديد من القرارات طبقا لتوصياتها ، وفقا لمبدأ الثواب والعقاب في منح الترقيات وأوسمة الشرف ، وتنزيل الرتب والطرد من الخدمة ، وإذا ما كانت هذه الإجراءات الأولية ، قد أعطت شيئا من المصداقية لعمل اللجنة من جهة ، ولجدية الرئيس في المحاسبة والمكافئة ، فإنها بنفس الوقت أثارت العديد من التساؤلات التي أشارت إلى ان هذه الإجراءات قد تكون الاولى والأخيرة من اجل طي الملف ، والاكتفاء بما تم اتخاذه من إجراءات واعتبار ما عوقب على انه كبش الفداء للتقصير .مثل هذه التكهنات منتشرة في أوساط كبيرة وواسعة في الشعب الفلسطيني، غير ان الإعلان عن الاتجاهات العامة للتقرير بمؤتمر صحفي من قبل مستشار الرئيس ، قد أعطى بعضا من الجدية ،وبكل تأكيد سوف تتعزز هذه الجدية حين الإعلان عن التقرير كاملا للجمهور حتى يصبح بمتناول جميع أفراد الشعب وأمام القوى السياسية والمؤسسات الشعبية والمجتمع المدني والأهلي .
هذه الشفافية التي طالما كانت مطلبا لكل محاولات الإصلاح السياسي ، ولكل لجان الإصلاح الإداري التي تشكلت منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية .
بيد ان الإفصاح والنشر رغم أهميته وضرورته لا يمكن ان يشكل حلا بحد ذاته ، فإن العديد ومن التوصيات التي خلصت لها لجنة التحقيق في التقصير والذي يمكن ان يسمى تقرير ( التقصير) ينبغي وهكذا يتوقع الجميع مع هذا العهد الجديد من الشفافية،الذي أملته ظروف انتكاسة غزة ، ان تتحول هذه التوصيات إلى برامج وخطط عمل تتوفر لها الآليات والإمكانيات لتطبيقها واعتبار ان هذه التوصيات رغم انه ليست بالجديدة ، نقطة تحول في ميسرة إصلاح ، وإعادة بناء وتجديد الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفقا للقانون أولا ، وطبقا لمعايير الكفاءة والمهنية ، وليس وفقا للمعايير السياسية الفصائلية التي حكمت بناء وتركيب هذه الأجهزة خلال المرحلة الماضية .
ورغم ان التقرير في جوانب كبيرة منه قد شخص واقع حال الأجهزة الأمنية، والقوات العسكرية، من حالة التردي البنيوي، والانهيار المعنوي، وافتقاد الدافع والحس بالمسؤولية ، علاوة إلى ضعف الإمكانيات المادية والتسليحية ، وهي كلها جوانب مهمة في حسابات المعركة العسكرية ونتائجها المحتملة .
غير ان هذا التشخيص في جوانب منه بحاجة إلى تشديد اكبر على دور القرار السياسي ، باعتبار ان القوات والأجهزة منفذة لهذه القرارات وليس صانعة لها ، ومن هنا تبرز أهمية تحديد المسؤوليات على المستوى السياسي ، ليس فقط تلك المتعلقة بسوء التقدير وقراءة الوقائع والنوايا بشكل خاطىء او تلك التقديرات المبالغ فيها بالقوة ، او التقليل من قوة القوى الانقلابية ونواياها ، بل ان المقصود بالمستوى السياسي القيادة السياسية التي تركت قواتها ، خلال فترة طويلة بدون إعداد او توجيه ، وبدون تحديد الحلقة المركزية في مهماتها ، وكذلك في بنائها السياسي والمعنوي ، وهذا التحديد من شانه ليس تحميل المسؤوليات فقط للقيادة الميدانية التي غابت عن مسرح العمليات والمواجهة رغم أهمية وجودها ، وكذلك وجود القيادة السياسية كقوة معنوية بجانب وإمام القوات العسكرية .
ان غياب المسؤولية السياسية إلى جانب القيادة الميدانية ، لا يجب ان يثير لدى اللجنة الاندهاش والاستغراب بحالات الاختراق الكبيرة في صفوف هذه القوات والأجهزة، فعلاوة على العامل المادي الذي اثر على جميع القوات والأجهزة بما فيهم الموظفون المدنيون خلال السنة والنصف الماضية وربما كان سببا في بعض هذه الاختراقات ، فإن العوامل الأخرى لا تقل أهمية ولا تأثيرا عنها في حدوثها .
ان النتائج التي توصلت إليها اللجنة والحديث عن مواصلة مهامها ، من اجل تطبيق توصياتها، يتطلب أيضا توسيع نطاق عملها ليشمل المؤسسات المدنية ، والوزارات والهيئات العامة ، واستخلاص الدروس والعبر من التجربة ، لإعادة بناء المؤسسات الوطنية بشكل شامل .
بيد ان هذه المهمة الكبيرة المناطة باللجنة رغم التقدير لدورها وكفاءتها ونزاهتها ، ينبغي ان تكون في إطار وطني شامل ، ويقتضي واقع الحال كذلك إجراء مراجعة شاملة للأداء والسياسات على صعيد مشاركة القوى السياسية والمجتمعية ، لان ما يجري ليس شانا فتحويا داخليا ، وليس شانا يمس جهة معينة بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، بل هو شانتا وطنيا عاما ونتائجه وتداعياته الجميع يتحمل نتائجها وتداعياتها ، ومن هنا فإن هذه المراجعة الوطنية الشاملة ، ينبغي ان تؤسس لشراكة سياسية حقيقية في إطار م.ت.ف. وفي إطار السلطة الوطنية والحياة السياسية والمجتمعية ، شراكة ليست مبنية على مبدأ المحاصصة وإنما مبنية على مبدأ الشراكة في اتخاذ وصنع القرار السياسي ، والسياسات العامة والوطنية ، وهذا لا يعني البتة إحلال هذه الشراكة كبديل عن المؤسسات الشرعية المنتخبة ، بل تعزيزا لها ، ولدورها ودعما لتوجهاتها .
ولا يمكن ان تصبح الدعوة لمحاسبة حركة حماس على انقلابها على الشرعية والخيار الديمقراطي واقعية وجدية بدون بناء هذه الشراكة ، وبدون توجيه رسالة واضحة لحركة حماس ان الانقلاب على أسس الحياة السياسية الديمقراطية لا تعني سوى العزلة السياسية والخروج عن الشرعية الوطنية، التي تضفيها الحركة الوطنية بقواها مجتمعة وليس بأساليب الانقلاب والحسم العسكري لإدارة التباين السياسي .
لقد فتح تقرير لجنة " التقصير" الباب على مصا ريعه لا جراء مراجعة شاملة ونقدية وجدية لكافة أوضاعنا ، وينبغي ان لا نضيع هذه الفرصة ونقبل بأنصاف الحلول ونكتفي بملامسة الوقائع وليس العمل على تغييرها .

د.احمد مجدلاني
رام الله
1.8.2007










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟