الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤمن بالديمقراطية يا صديقي... حتى النهاية

علي وتوت

2007 / 8 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مؤمن بالديمقراطية، فهي ولود ... والاستبداد عاقر... نعم الديمقراطية ولود... والاستبداد عاقر!!! مؤمن بالديمقراطية، فهي منظومة قيم وأساليب حياة ترقى بالإنسان ليسمو بإنسانيته.
ففي ظل ظلمةٍ حالكة يعيشها العراق... أرض السواد !!.... وتنامي حالة اليأس والقنوط التي يعتاش عليها العراقيون... العراقيون، وهم يشاهدون ما يحدث لوطنهم، وفي وقت تتساوى فيها عذاباتهم.... وهم يرون فقدان الأحبة وقتل أحلام العصافير... ونهب أموال العراق وخيراته من قبل العابثين والمفسدين.
إذ يبدو أن عذابات العراقيين والعراقيات وحدها، التي توحدهم من أقصى شمال العراق حتى جنوبه.... فالمصاعب التي تكاد تتشابه بـ(النوع)، تختلف بـ(الشـدة)... إذ إن انعدام الأمن يكاد يكون عاماً... على الرغم من أن البعض يتحدث عن أمنٍ تشهده المحافظات والمدن الكردية في شمال العراق.... ومن الواضح أن هذه القضية نسبية... فالسياسيون الأكراد يعرفون أنهم، وفي ظل دعوات البعض منهم لإقامة إقليم كردستان (أو دولة كردستان كما يتطرف بعضهم) يواجهون المارد التركي الذي يتهيأ للتدخل ووأد المشروع من أساسه، ولذا فإن ضرب المناطق الحدودية للعراق بحجةٍ تواجد أنصار حزب العمل (الكردستاني) التركي المعارض، أو يضرب بدون حجة هو أشبه بمرانٍ للمؤسسة العسكرية التركية التي تنظر للعراق على أنه لا زال جزء من تركيا العثمانية، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن المدن الكردية قد تشهد في بعض الأحيان اختراقات لحصونها الآمنة من قبل الجماعات الإرهابية، فتزهق في العملية الإرهابية الواحدة أرواح العشرات من الأبرياء. كما أن صفة (الأمن) فإنها تصبح سبةً في ظل ما يحدث في مدن ومحافظات الوسط والجنوب العراقي، كما نعي جميعاً. فهذه المدن وبعد أكثر من أربع سنوات لم تزل بعضها تشهد يومياً مواجهات بين الحكومة من جهة، وتيارات مختلفة من جهةٍ أخرى، لاشك أن أهمها التيار الصدري. لكنها جميعاً شهدت في مرحلة زمنية أو أخرى اختلالاً أمنياً كبيراً هدد أمن الناس وحياتهم.
أما النقص الحاد في الخدمات والبنى التحتية في العراق، فلا يكاد يختلف عليه اثنان في شمال العراق أو وسطه وجنوبه. وتبدو هذه القضية مرتبطةً بتبرير (الاختلال الأمني) الموجود في بضعة مدنٍ عراقية، لكنها لا تجد مبرراً مدن ومناطق وصفت بالأمن (غير الفساد المالي والإداري الذي ينهش جسد العراق، ويفتك بأرواح مواطنيه). فالطاقة الكهربائية لا تكاد تصل إلى العراقيين في معظم مدنهم سوى أقل من نصف ساعات اليوم، وقد تصل في بعض المدن كالعاصمة بغداد إلى أقل من ساعتين يومياً.. إذ يقال بان مليارات خصصت لمشاريع خدمية (كالكهرباء والماء، ولازالت مدن كاملة تعيش في ظلام شبه دائم!، وكذا خدمات أخرى كالمياه الصافية... إذ إن مياه الشرب الملوثة تحصد أرواح الأطفال !!... أما الشوارع فإنها لا تصلح للبشر، فهي تفتقد التبليط أو حتى الرصف، مثلما تفتقد الأرصفة النظيفة، وسواءً كان العراقي يركب سيارة، أو يمشي سيراً على الأقدام فإنه يحس بمهانة وإذلال الشارع، صاعداً أو الحائق أو المبلطة أو غيرها من الخدمات التي يفتقد إليها العراقيون... بشكل مخزٍ... في ظل وارداتٍ عملاقة لبلدٍ نفطي.
غير أن هذا جميعاً، لا يضاهي ما يحدث من ارتباك وفساد وسوء إدارة، تتعلق بعمل المؤسسة السياسية في عراق ما بعد الاحتلال!! ... ففيما يخص (الوجود العسكري الأمريكي في العراق) تغير المشروع من (تحرير العراق) إلى (احتلاله)، ومن البحث عن أسلحة الدمار الشامل وتحرير العراقيين وضمان حقوق الإنسان إلى الحرب ضد الاحتلال، ومن (جي كارنر) الذي ظل مشرفاً لسنوات على التجربة الكردستانية في شمال العراق، فكان عرابّها ومنسق خطواتها، إلى سيء الصيت (بول بريمر) الذي تغيرت معه الخطة الأمريكية في العراق تماماً، فكان أن تحولت من جعل العراق أنموذجاً في الديمقراطية والتعددية والرفاه الاقتصادي، إلى جعل العراق ساحة للحرب العالمية ضد الإرهاب!!.
أما ما يخص النخبة السياسية العراقية فقد انحدر المشروع بشكلٍ مخزٍ، من النموذج الديمقراطي إلى المحاصصة (الطائفية/الأثنية)، التي رعتها سلطات الاحتلال، وتحولت أخيراً إلى دعم وتسليح العشائر لمحاربة القاعدة ومواجهة المليشيات الشيعية.
ومن قبول بريمر على مضض بمجلس للحكم كان يضم (25) خمسةً وعشرين عضواً، في تجربةٍ مشوهة عن المشاركة في الحكم، إلى حكومة ٍ انتقالية – يذاع عنها أنها استلمت السيادة –، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية التي كانت للمرجعية الشيعية دور فاعل في دفع الشيعة البسطاء للمشاركة فيها، فيما كان للزخم القومي والاضطهاد الذي واجهه الأكراد طوال عمر الدولة العراقية الحديثة أثره الفاعل في دفع الأكراد البسطاء في المنطقة الشمالية للمشاركة فيها.
بعد كل هذا التنوع في المؤسسة السياسية وفي ظل ظروف الاحتلال، يبدو مشروع صناعة دولة مؤسسات، يسيطر عليها القانون، وتعتمد النظام الديمقراطي بعيداً عن التحقق، على الأقل في السنوات القليلة القادمة. إذ تبدو الدولة العراقية في ظل الاحتلال الأمريكي ضعيفةً إلى حد الضياع، ومخترقةً من الناحية الأمنية..... فالوعود طالت... ولم يحقق المنتخَبون لناخبيهم شيئاً يُذكَر.
في ظل كل هذا الضيم والقهر وانجراحات الوطن... أجدني مؤمنـاً بالديمقراطية... ومتفائلاً بالمستقبل المشرق للعراق في ظل النظام الديمقراطي، والثقافة الديمقراطية.... وعلى الرغم من هفواتٍ هنا... وإنكساراتٍ هناك.... فالديمقراطية ستنتصر يا صديقتي... في هذه الحرب الضروس ضد الاستبداد والدكتاتوريات بكل أنواعها سياسية كانت أم لاهوتية...
لكنني على الرغم من كل ذلك، أعلنها (نعـم) كبيرة وعالية.... مؤمن يا صديقي بالديمقراطية، فهي ولود ... والاستبداد عاقر... الديمقراطية ولود... والاستبداد عاقر....... مؤمن بالديمقراطية، فهي منظومة قيم وأساليب حياة ترقى بالإنسان ليسمو فوق الصغائر.
إذ ينبغي التأكيد هنا، على أن العمل على تحقيق (دولة المؤسسات) و(مجتمع القانون)، وهي أول عوامل توحيد الجماعات العراقية وأول عوامل قوتها، لا يتم إلا بتفعيل الثقافة الديمقراطية، ثقافة المواطنة والمساواة القانونية، وجعلها تساهم في بناء شخصية الإنسان العراقي منذ نعومة أظفاره، بتدريبه على حق اتخاذ القرار، وتحمل المسؤولية عنه. وهذا لا يتم إلا بنبذ القيم والثقافة التقليدية التي تشيع في الاجتماع العراقي اليوم، وتحيلنا إلى الماضي، لكن لهذا الموضوع وقفةٌ أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا