الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قادمات من الشرق / 1

حسن جميل الحريس

2007 / 8 / 4
الادب والفن


أنا والليل وبعض السكارى المخمورين شاهدين على عودة تلك النسوة اللاتي يعملن في نوادٍ ليلية مشهورة بطقوسها وفق مفكرة شبه روتينية تمتد من أول ساعات ليلها إلى لحظات بزوغ فجرها الآتي بنوره لجميع العباد , كنت أختلس نظراتي إليهن من طرف نافذتي المجاورة لشجرة لبلاب زكية هربت من حضانة ليوان بيت جاري المقابل لبيتي وتسلقت جدران بيته وغزت بأغصانها وأوراقها معظم سماء حيّنا الهادىء في الليل والصاخب في النهار , صرخات المخمورات منهن خدشت حياء سكون فجرنا ونبهّتني أنه بات في حيّنا مومسات وافدات من بلاد شمال شرق آسيا الحسان , وكن يترنحن ويتدافعن بعنفوان شبابهن المسلوب بخيلاءٍ يثير لعاب من لحق بهن ليأخذ منهن مواعيد لجلسات سرية نهارية تعزف ألحانها بشقق متوارية بعض الشيء عن عيون السلطات , وذلك كله بإرادتهم الكاملة ضمن مصطلح يعرفونه جيدا وجاهزين له وهو / صب المال فوق أكوام البغاء / , لم يظهر عليها علامات اندفاعها للإثارة مثلما حال أخواتها , بل كانت تترصد حركاتهن وهنّ يتفاوضن مع بعض زبائنهن الذين أغدقوا عليهّن أموالهم بسخاءٍ لا نظير له أثناء تأديتهن عملهن بملهاهن الليلي , وقد لحقوا بهن لمضاربهن ليثبتوا لهن كرم حاتمهم العامر في محافظ نقودهم الغريزية فأغدقوا عليهن ببطاقات تعريف لهم ووجهوا لهن دعوات مغرية ممزوجة بقبلاتهم الحارّة التي سبغوها على مختلف مواضع أجسادهن البيضاء , تلك الفتاة جميلة جدا وقد أخذتني بذاكرتي إلى مشاهد لا زلت أذكرها جيدا حينما لمحتها مصادفة بزقاق حيّنا في نهار أحد الأيام , كانت تنزل بهدوءٍ على درج بيتها وبحركات مصطنعةٍ يشوبها بعض الإغراء , لا أعلم من كان يحدثها على جوالها المحاذي لديوان أذنها الممهور بالياقوت والمرجان , ولم تفارق ثغرها ابتسامتها الرقيقة التي أثارت لواعج هرمونات ذكرية لذكرين كانا ينتظرانها منذ ساعات أمام مدخل بيتها بسيارة فارهة سوداء , وعندما لوّحت لهما بكف يدها خرجا من نافذتيهما كأنهما الشيخ روبن هود ورفيقه اللورد الحجّاج وأثارا بصوتيهما نهيقا رفع من هوله سقف سيارتهما فوق الأرض عشرات الأمتار , إنها ذات الحسناء الواقفة على صدر فجرنا يستجديها روادها بلباقة وإحسان , تلك الصورة نقلتني لأسأل نفسي :
- ماذا تملك تلك الفتاة من ملكات إنثوية تجعلها مميزة عن مثيلاتها من الفتيات ؟؟!!
لها طول رائع يغطّي جسدها النحيل المرسوم بدقة وإتقان , ولا يشوب معالم وجهها أيّ نفور في نسب الحجم والجمال , ويرافق صدرها الباهي شموخ عنقها الموصوف بالأساطير والروايات , وهما يحجبان علّتها المرئية ببروز كتفيها قليلا إلى الأمام , ولكن ذلك كله لا يبرأ جرح سؤالي وإن جمعنا فوقه ثمرة حوضها المؤنس بتفاحة آدم كاختبار لها , فغالب الظن أن حقلها أتى ثماره وبات في زمن حصاده , فهو أشبه بمسكن شخصي تسكنه كلمة تعنيها بقوة وثقة وتشغله كله لتنسبها إلى بنات جنسها حواء , ومما يلفت انتباه كل من رآها قطعة القماش المرمية على جسدها والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال إدراجها تحت أي تصنيف متعارف عليه من أنواع أزياء النساء , ولا أظن إطلاقا أن في قاموسها كلمة تشير إلى مصطلح أكمام كالتي تستر طرفي أي إنسان , بل وأؤكد جازما أنها لم تعرف أبدا أن عليها ستر عورتها وإن بقطعة قماش صغيرة فكل معلوماتها تفيد أن حواء وآدم كانا يستران عورتيهما بورقتي توت خضراء , ربما ذهبت بأفكاري إلى جهة تحديد نوعية ستارها الطبيعي لتلك الحديقة الغنّاء , إذ كان علي أولا أن أقرأ مدى إدراكها لأهمية ذاك المكان وتحديد موضعه الرنّان بالنسبة لها , قبل أن أخوض بمسألة يعرفها معظمنا عن ذاك الحصن الزؤام , من الواضح أنها حددت مكانه وفق معارفها الفكرية تحت حوضها مباشرة أو على مسافة ليست ببعيدة عنه أقصاها بضعة ميلليمترات , لهذا لاحرج عليها إن خرجت بمحاسنه علانية ليكون بمثابة أنف بارز يحرسه حاجبان , لقد دفعت به كفاكهة صيفية باردة وسلّمت موسمها لمن يشتريه ليقطف منه ما يشاء مقابل أن يدفع لها تكاليف بلوغه زمن الحصاد , وعاد سؤالي بخفيّ حنين من حيث أتي وحل مكانه أخوه ليسألني :
- من وضع تلك الأفكار برأسها ؟؟ ومن هو المسؤول عنها قبل أن تنضج ثمارها ؟؟!!!
بالطبع أمها ..... بلى أمها !!!! لقد زرعت في حقول إدراكها نبتة فاسدة فأفسدت عليها حصادها , قالت لها بعد حرثها من وصاياها الطازجة :
- يا ابنتي .... أنت تملكين ثروة فريدة بين فخذيك لا تملكها أنثى قبلك أو بعدك .... لقد صنعك الخالق بقالب أستعمله مرة واحدة بك ولذلك ميّزك ... الرجال كلهم يريدون رضاك ويسعون لوصلك .... فتكبّري كما تشائين واختاري فأنا كلي ثقة بك .... وتريثي ولا تتسرعي باختيارك كما فعلت أنا فالدنيا مفتوحة لك ... وجرّبي كل شيء قبل أن تتزوجي لإن زواجك سيأسرك ... واعلمي أن والديّ حرماني متعتي ولن أحرمك متعتك فلا تفكري في كيفيتها المهم أن تعيشي زمنك ... ولكي تنجحي في حياتك اختاري رجلا غنيا أو ذو منصب هام يلبي أمرك ..... واحذري أن يعرف أهل حيّكِ وأقربائك ما أنت عليه كي تبقي بنظرهم تلك الفتاة البريئة طاهرة اليدِ ...... عليك بالستر مهما فعلتِ وأذناي صاغيتان لك .
غادرت فتاتنا مشهدنا وصعدت مع أخواتها لبيتهن وبقي عشاقهن ينشدون أن ترمي لهم إحداهن منديلها الملوث بأحمر شفتيها أو مما بصقت عليه ليلة أمسها قبل أن تذهب لوصلتها الاستعراضية الغنية بحركات الإغراء المقصود والمثير لهرمونات الأبدان , واستيقظ سؤالنا العاجي :
- ماذا تعرف تلك المرأة الوافدة عن حقوقها غير تلك التي علّموها إيّاها ملوك الدعارة والبغاء ؟؟؟ ....... يتبع يتبع يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-