الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة والنضال الاقتصادي

صلاح الأنصارى

2007 / 8 / 4
الحركة العمالية والنقابية


تابع ماركس , خلال الفترة من عام 1861 إلى 1863 , تحليله للعلاقة بين العمل ورأس المال في مسودة الصياغة الثانية لـ ( رأس المال ) , وفى هذه الفترة , لدراسة سلعة ( قوة العمل ) والتي أعارها اهتماما بالغا , ولتحديد مقدار قيمة هذه السلعة , وتعبيرها النقدي – الأجور بشكل خاص .
لقد نظر الاقتصاديون البرجوازيون , إلى ( قيمة العمل ) كمقدار لا يتغير , ولا يتعلق بدرجة التطور التاريخي , وطورا مفهوم ( الحد الأدنى للأجور ) , الذي بموجبه يحدد مقدار الأجور بقيمة تشكيلية معينة ثابتة من وسائل المعيشة الضرورية لحياة العامل , إن ضحد هذا المفهوم اتاح لماركس تعليل ضرورة نضال الطبقة العاملة من اجل زيادة الأجور , وتقصير يوم العمل . وبين ماركس , إن مقدار ما يسمى بالاحتياجات المعيشية الضرورية وأسلوب تأمينها , يتعلقان , كثيرا , بوضع المجتمع الحضاري ... وهما نتاج التاريخ . ولذا , فعند تحديد مقدار الأجور , شأنه شأن قيمة قوة العمل , لا لزوم , البتة , للحديث عن الحد الأدنى ( للاحتياجات الضرورية ) , رغم إن الرأسمالية تسعى عمليا إلى ضغط قيمة قوة العمل وسعرها , إلى حدودها الدنيا .
من هنا تنتج الضرورة الاقتصادية لنضال الطبقة العاملة , نضالا لا هوادة فيه , من اجل ساعات عمل اقل , وزيادة في الأجور . ولاحظ ماركس عام 1865 انه إذا تقاعس العمال عن النضال ضد ( السلب والنهب الذي يمارسه رأس المال ) , ( فأنهم سيتشوهون , ويصبحون جمعا من الفقراء المتفسخين الذين لا أمل لهم , بالخلاص ) .
وبرهن ماركس على الإمكانية الاقتصادية لنضال العمال من اجل رفع الأجور . كان ريكاردو يقول: إن مثل هذه الزيادة لا تؤدى إلى زيادة قيمة السلع , بل إلى خفض معدل الربح الذي يناله الرأسمالي , فقط . إلا إن التعليل الشامل لهذه الفكرة الهامة , لم يعد ممكنا , إلا , بعد أن أوضح ماركس , وهو يعالج نظريته الخاصة بالربح الوسط وبسعر الإنتاج , أوضح بالاعتماد على قانون القيمة , التقدم الكبير في تشكيل السعر , وهو التقدم الذي تم مع الانتقال من علاقات صغار منتجي السلع إلى العلاقات الرأسمالية . وبين ماركس , إن ما أورده ريكاردو من ( استثناءات ) عن واقع أقره هو , واقع حركة الأجور التي ليس لها علاقة بمقدار قيمة السلع , هي استثناءات ظاهرية لا تخص إلا أسعار الإنتاج لا غير , ولا تمس قيمة السلع , وان زيادة الأجور , عندما تغيير معدل القيمة , لا تسبب إلا انحرافات أسعار الإنتاج عن القيمة , انحرافات يعوض أحداهما الأخر , وهى تمثل السير العادي لميكانيكية تشكل السعر الرأسمالي , ضمن اطر فانون الربح الوسط , وسعر الإنتاج وبهذا برهن نظريا على , تهافت الاعتقاد البالي الواسع الانتشار فى المجتمع البرجوازي حتى يومنا هذا , والذي مفاده , إن زيادة الأجور ترفع أسعار السلع .
ونتج عن هذا المفهوم الخاطىء استنتاج خاطىء , يصبح بموجبه نضال العمال من اجل زيادة الأجور دون جدوى , لان ما يخسره الرأسمالي بموجب هذه الزيادة يسترجعه نتيجة زيادة أسعار السلع التي يبيعها .
وعندما عالج ماركس في كتاباته عملية الإنتاج الراسمالى على مدى تطوره التاريخي , فصل لأول مرة , بين مرحلتين :
• مرحلة إخضاع العمل شكليا للرأسمال , ومرحلة إخضاعه فعليا له . وهما المرحلتان اللتان تناسبان شكلي فضل القيمة , المطلق والنسبي . ورغم إن إخضاع العمل الشكلي الذي يمثل ( وضعه تحت مراقبة رأس المال ) يبرز , تاريخيا , قبل الإخضاع الحقيقي الذي يتطلب إقامة الأسلوب الراسمالى للإنتاج , على وجه الخصوص فان هذا الاختصاص الشكلي يبقى بكامله حتى في مرحلة الرأسمالية المتطورة , شانه فى هذا شأن نتيجته – اى فضل القيمة المطلق .
إن إخضاع العمل , الشكلي للرأسمال يتسم بسيطرة علاقات الإنتاج الرأسمالية على الأساس الانتاجى القديم . ويكون فضل القيمة المطلق هو التعبير المادي عن هذه المرحلة في تطور الرأسمالية . هذا , وتحفز سيطرة العلاقات الرأسمالية زيادة استمرارية العمل وشدته , وتعاظم الإنتاج وتطور القوى المنتجة للعمل الاجتماعي .
كما إن إنتاج فضل القيمة النسبي , الذي يعتبر التعبير المادي عن إخضاع العمل , الحقيقي للرأسمال , يخضع بدوره للتطور . إن الانتقال من إخضاع العمل الشكلي للرأسمال إلى الإخضاع الحقيقي له يتعاظم بفعل ميكانيكية قانون القيمة , ونتيجة سعى الراسمالى إلى الحصول على فضل القيمة الاضافى , تحت شكل الفرق بين القيمة الاجتماعية لمنتوجه , وقيمته الفردية .
• ويوضح ماركس التأثير المزدوج الناجم عن الانتقال إلى إخضاع العمل الحقيقي للرأسمال , على وضع الطبقة العاملة . فإلى جانب تشديد الاستثمار , يجرى النمو الاجتماعي للطبقة العاملة . ( إن العلاقات الرأسمالية , تتمثل .. بالنهوض إلى درجة اجتماعية أعلى ) .
أولا : بالنسبة إلى العامل الفردي تكون تذبذبات أجوره حول قيمة العمل , ممكنة , من حيث المبدأ (وهى تصادف في واقع الحال ) .( وعلى النقيض من ذلك , فان الحد الأدنى لأجور الرقيق هو مقدار ثابت ليس له علاقة بعمله ). إن هذه التذبذبات تنشىء , كما يقول ماركس " حلبة كبيرة ( في حدود ضيقة ) لفردية العامل " , وتحفز العامل على ( تطوير قوة العمل بالذات) . وتوفر إمكانية " الارتقاء بفضل القدرة الخاصة والموهبة ... الخ إلى مجالات العمل الأكثر سموا , تماما , كما توفر الإمكانية المجردة لان يصبح هذه العامل نفسه أو غيره , رأسماليا , ومستثمر لعمل غيره . ويلاحظ ماركس : إن مهمة النقابات الاقتصادية , إنما تكمن في مقاومة هبوط أسعار قوة العمل ( الأجور ) إلى مادون مستوى قيمتها .
ثانيا : تؤدى العلاقات الرأسمالية إلى لا مبالاة العامل , التامة بمحتوى عمله وبالشكل الخاص لنشاطه . ( لذلك , فما دام تقسيم العمل لم يجعل قوة العمل وحيدة الجانب بشكل كامل , فان العامل الحر يكون , من حيث المبدأ , مهيأ مسبقا ومستعدا لإجراء اى تبديل في قوة عمله ونشاطه العملي ... إذا كان هذا التبديل وسيلة الحصول على اجر أعلى .
• ويلخص ماركس الوضع على الشكل التالي :
" إن جميع هذه العلاقات المتغيرة تجعل نشاط العامل الحر , أكثر شدة وأكثر استمرارية , أكثر حركة وأكثر مهارة من عمل الرقيق , هذا إذا لم نتحدث عن واقع أنها تجعل منه نفسه , قادرا على القيام بعمل تاريخي مغاير تماما ".

المرجع : الحركة العمالية العالمية
قضايا التاريخ والنظرية
إصدار
دار الجماهير الشعبية
دمشق










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا


.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل




.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا