الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنزة السيد -سوغان- وعنزة معالي الوزير!!

صالح اهضير

2007 / 8 / 5
كتابات ساخرة


ثمة في الأدب الفرنسي حكاية مشهورة تحمل عنوان:"عنزة السيد سوغان" /La chèvre de M.Seguin للروائي والشاعر الفرنسي: Alphonse Daudet المتوفى سنة 1897م – (*).
وخلاصتها أن هذا المزارع لم يكن محظوظا مع عنزاته قط..فقد أصيب بحالة من التذمر واليأس من فرارها كل مرة في اتجاه الغابة عند الجبل هناك بعيدا، إلى درجة أنه قرر ذات صبيحة ألا يحتفظ بأية واحدة..ولكنه ما لبث أن استعاد بعض أمله موطدا العزم،بعد أن ضاعت منه سبع عنزات، على أن يقتني الثامنة،مع الحرص هذه المرة على أن تكون أصغر سنا علها تتعود على العيش في مزرعته. ثم شرع الكاتب في تعداد أوصاف العنزة الجديدة وما أحاطه بها صاحبها من الاهتمام والرعاية..إلا أنه مع الأسف كان واهما! إذ ما لبثت أن ضاقت ذرعا بثقل القيود، فقررت الرحيل إلى الجبل نحو الفضاء الفسيح لتقع في نهاية المطاف لقمة سائغة بين أحشاء الذئب الذي باتت تصارعه حتى مطلع الفجر..
ولقد فكر السيد معالي الوزير أن تكون له عنزة مثل عنزة السيد سوغان،ولكن بمواصفات أفضل تليق بمقامه..ومن ثمة فقد تعهدها بالرعاية الكاملة،ووفر لها كل ما لذ وطاب من الأعلاف،وما تستوجبه الضرورة من الوقاية الصحية والاستطباب،ولم يضيق عليها الخناق بالقياس إلى السيد سوغان..بل فك عقالها، وأطلقها تسرح وتمرح متى شاءت وأنى شاءت..
ووجدتها العنزة فرصة سانحة للتسلل من حين لآخر إلى الحقول المحاذية لضيعة معاليه لتعيث فيها فسادا وتأتي على الأخضر واليابس،في غفلة عن أعين "سرّاحه" – عفوا رعاة عنزته -..ولم يكن يجرؤ أحد من الساكنة على تقديم شكاية أو عريضة احتجاج أوحتى إبداء أدنى اعتراض،لأنهم يدركون مسبقا أن أية بادرة من هذا النوع ستبوء لا محالة بالفشل الذر يع..ولذلك كانوا يلتزمون الصمت، مادام شعار"الصمت حكمة" شعارا تتشدق به ألسنة أعضاء الحكومة الموقرة! ولذلك لم يكن معالي الوزير يخاف على عنزته من الذئاب البشرية، كما لم يراوده قط أن تطاوعها النفس الأمارة بالسوء بالفرار هناك بعيدا صوب الجبل..وأنى لها أن تفعل ذلك وهي تنعم بالحرية المطلقة والعيش الرغيد ؟!
لقد كان معالي الوزير أكثر سعادة وأوفر حظا من السيد سوغان ..فقد كانت عنزته عنزة حلوبا وولودا..تدر على ضيعته الممتدة في كل الاتجاهات أرطالا وأرطالا من السائل الأبيض المصفى وتنجب له قطعانا من العنزات والجديان السالمة من العيوب بحكم سلامة مورثاتها الجينية الأصلية،والتي تناسلت بدورها لتتضاعف بعد ذلك أعدادها جيلا بعد جيل.
ومع ذلك،فقد كان يستشيط غضبا وتستبد به نوبة انفعال وتثور ثائرته من وقت لآخر،لينحي باللائمة على " سرّاحه" – عفوا رعاة عنزته – مؤاخذا إياهم على سوء التدبيروالتسييروالرعاية الواجبة في حق عنزة معاليه !
ثلة من المتملّـقين ممن يدّعون أنهم يفهمون في"الشؤون الحيوانية"، الذين طمس الجشع أبصارهم، وتضخمت كروشهم من فتات موائد معالي الوزير، الذين قال فيهم المثل العربي:"سمّن كلبك يتبعك.."،سألوه ذات مرة في خشوع:لم لا يطلق سيادته اسما على عنزته المحفوفة برعاية الله على غرار عنزة السيد سوغان التي كان يدعوها: "بلانكيت" ؟!..انطلقت من فيه ضحكة مروعة إلى أن بدت نواجذه الداخلية..استحسن الفكرة ثم حك قـنّة رأسه الأصلع وقال متسائلا:وماذا تقترحون لعنزتنا من الأسماء؟ على التو،غمرت وجوههم أسارير الاستبشار والزهو ثم قالوا دفعة واحدة وبلا تردد : فلنطلق عليها يا سيدي:"عنزة معالي الوزير" !!!...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) – للاطلاع على نبدة من ترجمة الكاتب وحكاية العنزة كاملة،انظر الموقع:
http://www.alalettre.com/daudet-intro.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية


.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!




.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع