الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نعيد بيريز للمشي على قدميه 2

محمد عبدالله الاحمد

2007 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تلقيت مجموعة رسائل تعليقا على المقالة الاولى "كيف نعيد بيريز للمشي على قدميه" بعضها ركز
على ان الكلام فيها بعيد عن الواقعية و آخرون اتهموني بالتنازل قابلا بوجود يهودي آمن في دولة
عربية كبيرة و بضمان دولي ! .
و بصراحة لم أكن أتوقع رود فعل مختلفة على المقالة الاولى رغم ثقتي المطلقة بوجود عدد كبير
من المشتغلين بالفكر ممن هم أقدر من غيرهم على ممارسة النظر الى المستقبل بعين المستشرف
الواعي القادر على تحليل مردود أي نوع من أنواع التفكير الجديد ضمن الكيان الصهيوني و حتى
عندنا للمستقبل . فردود الفعل اذن طبيعية و هي المطلوبة أوليا و لكن المطلوب ثانيا أي بعد
ردات الفعل هو التفكير .... التفكير العميق بالمستقبل ، المستقبل الذي سيجب ان يشترك في تنفس
هوائه كل البشر ، ان كانوا قاطنين في منطقتنا العربية أو قد رحلوا عائدين من الامكنة التي جاؤوا
منها محتلين و أعني اليهود . و سيشاركنا الهواء المستقبلي باقي العالم فنحن لسنا في جزيرة نحيا
منعزلين عنه و حتى لو حققنا اهدافنا القومية و الوطنية فهي ستكون جزءا لا يتجزء من قدر الامم
ككل و تفاعل الامم مع بعضها تفاعلا المفروض ان يكون سلميا و حضاريا .
لا اعرف بدقة من هو صاحب نظرية " نقطة الزيت في سطل الماء " و هي نظرية مبنية على هذا
المثال البسيط حيث سمعت من البعض أن صاحب النظرية هو الرفيق (صلاح جديد) رحمه الله و تقضي
النظرية أن اسرائيل تشبه نقطة زيت في محيط ماء عربي و تحافظ هي على وجودها من خلال بقائها زيتا !!

النظرية تثبت بمرور الزمن صحتها و لابد من الوقوف عندها مطولا بغية البحث عن مخرج مستقبلي
لمعادلة الوجود الازموي الذي امتد لمئة عام حتى الان بيننا و بين هؤلاء المحتلين . و من نافل القول
ان هذا المنطق ليس بديلا عن منطق المقاومة الا انه فعل تنظيري موازي يحاول
الوصول لعدة اهداف منها :
- اضفاء نظرية نهائية – ممكنة – تصبح هدفا سياسيا تحريريا للمقاومة هدفا يجعل العالم اكثر اقتناعا
بفعلنا النضالي ( اقصد ذلك الجزء من العالم الذي يستأهل احترامنا و يقف مع قضايانا )
- اعطاء عدد كبير من الاسرائيليين فرصة نظرية يحتاجونها لترك المشروع الصهيوني لصالح
مشروع آخر و ليس "اسرائيل شاحاك" و "فليتسيا لانغر" و "أميرة هاس" الا امثلة مهمة عن اسرائيليين
تحدوا المشروع الصهيوني و يمكن لنا فتح طريق نزيد فيه عدد هؤلاء و حجة هؤلاء .
- البدء عربيا بمناقشة بناء مستقبل آخر نكون فيه دولة كبرى تعود للانجاز الحضاري العالمي بموافقة
العالم الاخر – القوي – بحيث لا يعود مشروعنا الوحدوي القومي و لا حتى الاسلامي غولا مخيفا
للغرب و الشرق و لابد لتحقيقه من خوض حروب عالمية !!


تحول بنيوي في الوعي الغربي :
من المهم الانتباه الى ان حرب احتلال العراق لها ما بعدها ، و اهمه ان تغيرا في الوعي الامريكي الشعبي
لابد سيأتي بالعلاقة مع كامل قضيتنا و في الرأس القضية الفلسطينية ، فكما حدث بعد حرب فيتنام
أن حصل تحول في الوعي الشعبي الامريكي ضد الحرب و اثمان الحرب سيأتي هذا التحول مرة
أخرى و لكنه مرفق هذه المرة بالسؤال الاهم : كم يكلفنا المشروع الصهيوني ؟
فلا بد ان التكلفة الهائلة تكلفة الدم و المال ان تصنع تحولا ما في بنية التفكير لدى الناس في امريكا
و يبدأون بعدها بالبحث في طرق اقل كلفة للحفظ على مصالحهم في المنطقة دون استعداء ثلث العالم
المسلم الذي قررت فئة منه ممارسة الموت طيرانا في المشهد السبتمبري (11 أيلول) و هي لا ترى
دافعا لهذا أكبر من الظلم المهول الذي يحصل في فلسطين ( ثمن مشروع اسرائيل )!! و لا بد ان يدرك
الغرب كله ان التصالح و العيش المتسامح مع العالم الاسلامي له مقدمة واحدة اولى و اساسية هي اقامة
العدل ( العدل بالاتفاق) في فلسطين و هذا العدل يجب ان يحل قضايا القدس و اللاجئين .
و ليست التكلفة الهائلة التي يدفعها العالم ثمنا للمشروع الصهيوني سبتمبرية فقط فلقد جر سبتمبر وراءه
حربين في افغانستان و العراق و الله يعلم الى اين تسير الامور في المستقبل .
تحول بنيوي في الوعي العربي :

ان التحول البنيوي في وعي العالم لقضايانا قادم بالضرورة و هو قادم بتضحيات المقاومين و صمودهم
و لكن هذا الامر يجب ان يتوازي ايضا مع تحولات عندنا في الوعي تشمل :
- ادراك وحدة العالم و التعامل على هذا الاساس في القضايا حتى الايديولوجية منها
- تطوير المشروع القومي بحيث يتلائم مع وحدة العالم

كيف يتم تطوير المشروع القومي ؟
كان الفكر القومي في الماضي (الخمسينيات) رهينا لمرحلة مابعد الاستعمار القديم و الحالة العاطفية
القومية التي يتميز بها الشعب العربي اساسا و لذلك فقد تركز الفعل القومي نفسه على ردات فعل ثورية
و عاطفية و محاولات توحيد غلفتها الاخطاء و الارتجالات التي ارتكبها اناس كانوا ابناء زمنهم و لا
يجوز ايقاع اللوم عليهم باكثر مما يجب ، لكن المطلوب اليوم تحقيق تحول نوعي في التفكير القومي
و تحويله الى الفكر العلمي القائم على العمل الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي .
كما ان مسألة هي غاية في الحساسية و الاهمية لابد من النظر اليها بعناية وهي اننا لسنا في جزيرة
معزولة عن الامم و ان مشروعنا القومي صغيرا كان ام كبيرا لابد ان يغير تغييرا اساسيا في العلاقات
الدولية بكل ماتعنيه العبارة ، فاذا اضفنا لذلك اننا شعوب مستهلكة ولا ننتج 1% من الانتاج الاقتصادي
العالمي في كل المجالات (عدا النفط) و اننا مع الاسف نجلس في العربة الاخيرة في قطار التطور العالمي
في المجالات العلمية و الاقتصادية و السياسية ، فلابد من الاقتناع ان المشروع الوحدوي لايجب ان
يعادي الامم ! ( لا يجب ان يعادي مشروعنا القومي الامم ) !!
وعليه فان اية دعوة قومية و هي الطريق الى الخلاص و لا خلاص للعرب الا بوحدتهم ، يجب ان تأخذ
بعين الاعتبار هاتين المسألتين :
- التحول الذاتي في بنية التفكير
- تصالح الفكرة مع العالم الاخر
و لا اعني بالفكرة الثانية مطلقا التنازل اليوم على الارض لا للاحتلال الصهيوني في فلسطين و لا للاحتلال
الامريكي في العراق بل بالعكس تماما فاستمرار المقاومة على الارض اليوم كفيل بجعل العالم ينظر
باحترام اكبر لخياراتنا المستقبلية ، و هنا اؤكد ان كل الفكرة التي يجري الحديث عنها هي فكرة تأتي
تحت بند الخيار المستقبلي الواجب التفكير أي ( منتهى الحلم ) و ليست خيارات سياسية مطروحة اليوم
للتفاوض عليها بين اي طرف من الاطراف .

ان هذا الحلم الارادي الذي جاء في المقالة الاولى "كيف نعيد بيريز للمشي على قدميه " ليس سوى
حلم في الحقيقة ( و لكنه ممكن التحقيق) و قد يبدو مغلفا بالنوايا الطيبة و بعيدا عن صوت الرصاص
و الاستقطاب السياسي و العسكري و لكن الحقيقة اعجبت البعض ام لم تعجبه ليست كذلك ، فالحلم الذي
يبدو غير واقعي اليوم برأي البعض ماهو الا فتحة نور بسيطة في جدار لا يريد صاحب الفكرة ( الحلم )
من خلاله الا النظراليه من الجميع دون استثناء و لا مانع لديه من تحمل اصوات جلبة هي دائمة الجلبة فقط
اي كان مصدرها . ألم يقل غيفارة " الثورة تبدأ بحلم " .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا