الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضليل بامتياز

حيدر عوض الله

2007 / 8 / 6
القضية الفلسطينية



يمتلك الخطاب الحمساوي السياسي والإعلامي قدرة هائلة على التضليل، وقدرة مدهشة كذلك على تطويع كل سلوك سياسي، وتعزيزه بالمسحة"الدينية" لتسويقه إلى جمهور غير محصن أمام هذا النوع من التضليل، بحيث تصبح كل خطوة سياسية، مهما تجاوزت "خطوطهم" الأيدلوجية والفكرية الحمراء، أمراً متاحاً إذا مكنهم من الظفر بغاياتهم. ففي القاموس الحمساوي ذخيرة هائلة من المبررات، شرط إحالتها إلى مقياسها "الديني"،أوالفقهي ،أو بمقاربتها بقياس "السلف على الخلف". ويتيح لهم المخزون الديني الذي يجري تقديسه ذخيرة لا تنفد في مواجهة أي استحقاق أو تحد مهما بلغت درجته. وبالاتكاء على مفهوم "التقية" تستبيح الحركات الاسلاموية كل ما هو"مقدس" بما في ذلك " مقدساتها"هي. والمعيب أن هذا الخطاب المسلح حتى قدميه بالتضليل والهجوم الكاسح على الحركة الوطنية، وصل حد التخوين، يواجه بركاكة وتلعثم غير مفهوم، مع أن هدف حماس وسلوكها السياسي قد انتقل نوعيا من مرحلة التبشير إلى مرحلة التنفيذ، ولم يعد هناك مجال لاجترار الأوهام حول إمكانية "تطويع"حركة حماس وهضمها في النظام السياسي الفلسطيني على علاتّه. إن من يتكئ على "عقلانيته" الركيكة للعب دور "الحكيم" في معركته الوجودية، وفي التصدي لأدوات نفيه المطلق بشعارات وضوابط أتت عليها حماس نفسها ، لايفعل في الحقيقة سوى تمكين خصمه السياسي من الظفر به.خاصة وان التضليل الحمساوي انتقل إلى طور جديد يذكرنا بخطابين متناقضين من حيث الشكل،لكنهما في خدمة بعضهما البعض من حيث المضمون والنتائج، ألا و هما خطاب الإدارة الاميريكية وخطاب بن لادن: "من ليس في جبهتنا فهو في الجبهة الأخرى"! إذ يتيح هذا الفرز السطحي والمغرض، الفرصة للهجوم على الأطراف الأخرى والمتصارعة مع كلا الجبهتين إما بعزلها أو بالاصاق تهمة العمالة بها، وعلى هذا المنوال تحاول حماس أن تفرز الساحة الفلسطينية بين تيار "ثوري، مقاوم" تمثله هي، وتيار خياني مرتم في أحضان الولايات المتحدة وإسرائيل، مع أن القليل من التدقيق في نتائج الانقلاب الحمساوي يشير على عظيم الخدمات التي قدمها وسيقدمها انقلاب حماس لإسرائيل وحليفتها الإدارة الأميركية تماما كالخدمات الجليلة التي قدمها بن لادن وتنظيم القاعدة للولايات المتحدة في المنطقة.
تحضرني في هذه المناسبة، أيضاً، النقاشات المطولة التي جرت في المجلس المركزي الفلسطيني ، والتي يعتقد الكثير، منها أن المعركة مع حركة حماس هي معركة دستورية يمكن أن تكسب من قبل قوى منظمة التحرير الفلسطينية، إذا جرى تحزيم هذه القوى بالمزيد من الشرعيات القانونية والدستورية. صحيح أن حسم مسالة الشرعية مهم، ولكن المهم أيضاً هو ماذا ستفعل بهذه الشرعية وكيف يمكن تطويرها والانتقال بها، من مستوى القوة النظرية إلى القوة المادية المباشرة، والقادرة على الإطاحة بالانقلاب الحمساوي وتبديد نتائجه، فلدينا من الشرعية أكثر مما نستهلك.
يتوجب على الحركة الوطنية الفلسطينية، والتي ستشعر على جلودها، أبعاد انقلاب حماس، أن تستعد لما هو أكثر بكثير من المقاومة اللغوية، أي الانتقال إلى مستوى المقاومة العملية لانقلاب حماس، الأمر الذي يرتب عليها وضع خطة ملموسة لمقارعة حماس في قطاع غزه وتحويل انقلابها إلى عبء ضاغط عليها من خلال تشجيع التمرد الوطني والشعبي على سلطتها في غزة وتطويره باتجاه عصيان مدني شامل، يقوده ائتلاف وطني مكون من القوى السياسية والاجتماعية، ينضج حسم الصراع مع الانقلاب بالشكل المناسب وفي الوقت المناسب، وتجفيف شعبيتها في الضفة الغربية من خلال تقديم نموذج جاذب للجمهور يتخطى بصورة جذرية النموذج الذي قدمته السلطة حتى الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟