الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يركضون في قفص

طلال الغوّار

2007 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



رغم ما يطلقه الكثير من الأطراف السياسية التي يتشكل منها نظام الحكم في العراق عن السيادة والاستقلال والحفاظ على وحدة العراق الوطنية وغيرها من المقولات والشعارات التي يفهم منها إنها تصب لصالح الحالة الوطنية ,لكنها في حقيقة الأمر تظل بعيدة عن ارض الواقع ولا تمت بصلة إلى مضامين ما يطرحونه , فالممارسة العملية لهذه الأطراف والقوى وما يتجلى من سلوكهم السياسي , يظهر عكس ما يدعون ,وما هي إلا أغطية يحاولون ان يمرروا غاياتهم وأهدافهم من خلالها , فحالة الاختفاء وراء هذه المسميات والمقولات , أصبحت غير ذي جدوى ,أمام المواطن العراقي الذي لايمكن ان تنطلي عليه كل محاولات المخادعة والتضليل , وان تشخيص هذه القوى , وكشف غايتها وهويتها , لا يتطلب جهدا أو عناء , لسبب بسيط وهو إنهم جاوؤا مع الاحتلال وتحت رعايته ليقدمهم إلى الشعب العراقي كأتباع مخلصين له , وكأدوات تنفيذ لمخططاته ,فضلا عن نزوعهم الطائفي والعرقي والفئوي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يمثلوا الحالة الوطنية ,بل على النقيض من ذلك , كان لهم الدور الرئيسي في التأسيس لنظام المحاصصة , وما ترتب على ذلك من اصطفا ف طائفي ومذهبي وعرقي ,ليجروا العراق إلى ما هو عليه أليوم , في دوامة العنف والاقتتال والتخريب ونهب ثرواته وتبديدها والمحاولات المستمرة في تمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي , وإشاعة ثقافة المحاصصة وتعميقها في كثير من مفاصل الحياة الرئيسية .
ان حالة الانفصام بين القول والفعل جعلهم في حالة الإرباك السياسي ويتمخض عن ذلك مواقف تتخذها بعض هذه الأطراف والبعض الآخر يعلن عن مطالب معينة ثم يتراجعوا فجأة ليعلنوا عن مواقف ومطالب أخرى ,والتي يبدوا في ظاهرها ما يتناغم مع المطالب الشعبية والاقتراب من الحالة الوطنية , غير ان في حقيقتها ليست إلا محاولة لتحسين صورتهم وتخفيف حالة الرفض الشعبي لهم بتحالفهم مع المحتل وما ساهموا في اضطراب الأوضاع من خلال اصطفافهم الطائفي والفئوي , وفي الوقت نفسه فأنها خاضعة لمساومات مع أطراف أخرى قد يحقق بعض المكاسب المعينة لهذه الفئة أو تلك , والبعض الآخر من يفصح بشكل جلي عن حقيقته بتصريحات تفوح منها رائحة الطائفية النتنة بعد ان ضاقوا ذرعا بحالة التخفي وراء الدعاوى والشعارات التي لا تجسد حقيقة توجهاتهم الطائفية وهم في هذه الحالة كانوا أكثر صدقا مع أنفسهم وخصوصا ما تتضمنه هذه التصريحات من إقصاء وإلغاء الآخر , الذي لا يعني هذا الإلغاء السياسي للأخر فقط وإنما إلغاء الوجود الجسدي له .
ان قراءة بسيطة للمشهد السياسي (الرسمي)إذا جاز التعبير والذي يضم هذه الأطراف والقوى , يجد إنهم جميعا يتحركون ضمن مساحة محدودة لا يجوز تجاوزها , لان من يحكم مسارات عملهم و تحركاتهم اعتبارات داخلية وخارجية تبعدها كثيرا عن امتلاك الرؤية الوطنية , وهي كما نراها

أولا:: ان اغلب هذه القوى والأطراف قد جاءت مع المحتل ومنها من اصطفت معه لاحقا , وساهمت في تنفيذ برامجه وخططه ,وترى في الاحتلال مخلصا ومحررا, فمن يرى في الاحتلال (تحريرا) لا يمكن له ان تتمثل فيه الموقف الوطني حتى ولو في حدوده الدنيا فالعلاقة مع المحتل هي التي تحكم مواقف وحركة هذه القوى, فهي مهما حاولت ان توسع من دائرة حركتها ,فأنها تبقى مشدودة بحبل الاحتلال , لتظل في دائرة التبعية .

ثانيا:: التوجه الطائفي والعرقي والفئوي لأغلب هذه القوى جعلها محكومة بالرؤية الضيقة , التي تجتزئ الواقع وتحاول تعميم قانونها الخاص لتجعله قانون عاما , وهذا يعد مخالفة للمنطق وواقع الحياة , وقد استطاعت هذه القوى وبدعم مباشر من المحتل في توظيف هذه النعرات الطائفية والعرقية سياسيا , لينتج عنها وضعا شاذا قاد العراق إلى الفتنة والاقتتال الطائفي والمذهبي ,ومحاولة إحداث الشروخات العمودية في المجتمع العراقي وصولا إلى التفتيت والتقسيم ,وتشويه هويته وانتماءه العربي ,واستدخال قوى خارجية ساهمت في إشعال هذه الفتنة واستثمارها بالاتجاه الذي يصب لصالح أهدافها وغاياتها على حساب استقرار العراق والمواطن العراقي .
ان التحالف مع الاحتلال والبنية الطائفية والعرقية والفئوية المؤسسة لهذه القوى سواء كانت أحزاب أو تجمعات أو أفراد جعلت منها أسيرة المواقف والرؤى الضيقة ,ومهما ادعت بالوطنية وتشدقت بشعاراتها فأنها بعيدة عن الموقف الوطني المطلوب بحكم تبعيتها للمحتل وما تمليه عليها بنيتها الطائفية والعرقية والفئوية ,لتبقى ضمن هذه الدائرة الضيقة,ولا يمكن لها ان تتعدى الخطوط الحمر المرسومة لها,وتظل كما لو إنها تركض في قفص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة