الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي في سوريا ، ومسؤولية السلطة والدين .

سلطان الرفاعي

2007 / 8 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إن المواطنة الحقيقية المبنية على كوننا جميعا أبناء هذا الوطن ، تتحقق في الصيرورة التاريخية . وهذا التاريخ يظهر لنا اليوم ، وله خصائص ، مليئة بالمشاكل والأزمات والاضطرابات . خصائص تحول دون تبيان هذه المواطنة . فإنقسام المجتمع السوري الى مسؤولين امتهنوا التجارة والصناعة والاستثمار ، وتجار امتهنوا السياسة من جهة . ومواطنون مسحوقون ، هو مشكلة من المشكلات العويصة التي نواجهها اليوم --- فهناك أصحاب المليارات والاستثمارات الضخمة وبعض المسؤولين من الذين استفادوا كثيرا من مناصبهم وأصبحوا بين ليلة وضحاها من أصحاب المليارات وليس الملايين وبالدولار وليس بالسوري . وهناك أيضا ، المقهورون والمسلوبون من ثمرة أعمالهم ، والمحرومون من خيرات بلادهم . أي أن هناك طبقات متصارعة المصالح (تحت الرماد ) وبشكل فاضح جدا ---فكيف نعيش قيم المواطنة في مثل هذا الظروف ؟ .
وهل الرفيق فلان باشا ، وسيدي علان بك (عودة الألقاب) يتساوى في المواطنة مع فلان المعتر وعلان المسحوق . ؟
كيف يمكن هدم الهوة الكبيرة ، بين هذين العالمين ؟ وعندما نقول عالمين : نعنيها : فعالم الأغنياء والمسؤولين والسلطة عالم قائم بذاته ، هو عالم الآلهة والأبناء والأحفاد والأقارب والمحاسيب .
وعالم الفقراء المواطنين المسحوقين ، جماعة الفلافل ، والحفر المنتشرة في كل مكان ، وحاويات القمامة المنتفخة والتي تمتد آثارها على عدة عشرات الأمتار من الشارع . والركض وراء الباص ، والكهرباء المقطوعة ، ومياه الصفيح ، والغلاء الفاحش ، والجريمة ، والزحمة ، والضرورة القومية في افساح المجال لكل من هب ودب . ولا نستطيع أن نقول عن هذا العالم أنه قائم بذاته : بل يصح أن نقول : ميت حي بذاته .
ومع العلم أن التوجه الحكومي الغالب ، هو لصالح القائم بذاته ، وليس للميت الحي بذاته .
إن المواطنة الحقيقية ، مطلب شعبي مهم ، ولكن الصراع الطبقي يُفرق بين هؤلاء وأولئك ، وبشكل فاضح ومؤلم .

ما هو موقف السلطة والدين من الصراع الطبقي الحاصل اليوم ؟
لا يمكن أن نتجاهل أن موضوع الصراع الطبقي في سوريا اليوم ، يخلق مشكلة كبيرة وحقيقية أمام تطبيق مبدأي المواطنة واحترام الآخر . وحينما نبدأ البحث في هذه المسألة ؛ لا بد لنا من أن ننطلق من ملاحظتين اثنتين أساسيتين : الأولى هي التسليم بأن الصراع الطبقي (واقع قائم ) في مجتمعاتنا المدنية والريفية ، ولم يستطع حزب البعث ، وقد - وقد يكون نجح في البداية - عبر مسيرته الطويلة ، سوى استبدال أسماء بأخرى والحال كما كان عاد . في غياب الحس الإنساني عند الأغنياء الجدد ناهيك عن الحس الوطني ، عبر تهريب أموال الشعب السوري الى الخارج ، عوضا عن اقامة المشاريع الاستثمارية داخل الوطن (الخماسية) وغيرها من المشاريع الحديثة .
وعلى العكس تماما ، نرى ، أموالنا المنهوبة ، تتكدس في الخارج ، ونحن نشحذ الاستثمارات الخارجية ، وكأنه لا يكفي أننا بعنا شرفنا وأخلاقنا ، بل يجب أن نبيع أرضنا ، ونجعل من شبابنا عبيدا في هذه الشركات الخارجية .

والثانية هي أن اتخاذ الدين والسلطة موقف الحياد في هذا المقام أمر غير ممكن وغير صحيح ، ولا يساعد أبدا .
يجب الاعتراف إذا بأن الصراع الطبقي هو جزء من واقعنا الاقتصادي والسياسي والديني ، أي الإنساني ، بمجمل الكلام ، كما أن تطور هذا الصراع ، وازدياد الهوة ، سيؤدي على المدى البعيد ، الى استحالة تطبيق قيم المواطنة كما نرغب .
ورغم ادعاء البعض بأن (الصراع الطبقي ) شيء مصطنع ، لا بل قالوا إنه لا وجود له في سوريا ، لأن طبيعته تتنافى مع أبسط القواعد التي تسود العلاقات في المجتمع السوري . فاعتبروا هذا الصراع من صنع الشيوعيين والحاقدين والمغرضين . وعلى الرغم من ارتفاع اصوات الذين يعتنقون هذه الطريقة في التفكير ، فإن هناك شيئا أكيدا تطرحه هذه النظرة الى الأمور ، وهو أن الأستبداد والسلب وما يترتب عليهما من تجربة الصراع الطبقي ، لا يشعر بهما ولا يدركهما إلا من عانى هذه التجربة المريرة . وحلم ، بالمنزل الصحي ، والطعام الكافي ، والماء النظيف ، والهواء الغير ملوث . هؤلاء هم طبقة (المهمشين) وقد فقدوا القدرة على رفع أصواتهم في داخل الوطن وخارجه . وإن كانت الأوساط الشعبية المهمشة هي أول من يدرك حقيقة هذا الصراع ، فهذا لا يعني أن هذا الصراع غير موجود بين الطبقات المسيطرة بشكل من الأشكال . كما أن الذين يعتبرون أن الصراع الطبقي ما هو إلا إنتاج بعض العقول المعارضة المتهورة . سيعترفون يوما بوجوده ، وآثاره المدمرة .
يتبع
دمشق
8-8-2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس




.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع