الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيمة الحقيقية للإنسان

مدحت قلادة

2007 / 8 / 10
حقوق الانسان



الأمثال الشعبية التي نرددها، لها مغزي ومعني، وهي في أحيان كثيرة تشكل معتقدات لها جذور فكرية لدينا ولدي شعوب المنطقة وخاصة المنطقة العربية، فمثلا «معك قرش تساوي قرش» مثل شائع في مصر يردده كثيرون انطلاقا من إيمانهم بأن قيمة الإنسان فيما يملكه من أموال؟ وأن القيمة الحقيقة تزيد بزيادة رصيده في البنوك.

وإليك عزيزي القارئ قصة حدثت لي شخصيا توضح قيمة الإنسان، «كان لي صديق ذو إمكانيات ذهنية وعقلية محدودة جداً وترك الدراسة من المرحلة الإعدادية وسافر إلي إحدي الدول العربية واستطاع أن يصبح من أصحاب الملايين، وفي يوم من الأيام كنت عائدا إلي المنزل فوقف بسيارته بجانبي وطلب مني أن اصحبه في أحد مشاويره الخاصة فركبت معه فذهب إلي أحد البنوك وأخرج جوالين مغلقين نقلهما ساعي البنك إلي حجرة المدير وأحضر الموظف المختص الذي بدأ في عد ٢ مليون جنيه مصري بالتمام والكمال وكان صديقي ينظر لي بنظرات خبيثة بعد معرفتي بالرقم

وإذ بعد تمام الإجراءات البنكية لإحضار «حافظة إيداع المبلغ» طرق الساعي باب المكتب يطلب من المدير الجوالين ليستخدمهما في أعمال النظافة، وهنا أدركت أن قيمه صديقي الحقيقة مثل الجوال تماماً مهما كان معه من أموال لن تغير من كونه جوالاً، وله استخدام محدود، وأدركت أن قيمة الإنسان ليست في العملات والسندات التي يملكها لأن قيمة السندات تتغير هبوطا وصعوداً، وقيمة الإنسان ثابتة، قيمة الإنسان داخله ولا تزيد بالمدح ولا تقل بالقدح، بل هي قيمة ناتج أعمال وليس عن كلام.

إن الإنسان لا يقيم بما يملك من أموال بل إن للإنسان قيمة حقيقية أسمي وأرفع من هذا وإن قيمته في ما يحمل بداخله من أفكار ومشاعر صادقة أمينة سامية وأن الإنسان لا يجب أن يقيم علي أساس رصيده في البنك بل علي أساس عمله الحقيقي الذي يترجم قيمته داخل المجتمع والوطن بل إن أعماله تحدد قيمته ليس داخل مجتمعة فقط بل من الممكن أن تحدد قيمته داخل العالم، ومثال لذلك (لويس باستير ومدام كوري واينشتين ومجدي يعقوب وأحمد زويل وغيرهم كثيرين) بما قدموه للعالم وللمجتمع من خدمات حقيقية في مجال العلوم أو الأدب أو الفن وهنا تكمن قيمة الإنسان الحقيقة.

وبكل أسف السياسة بها كثيرون أمثال صديقي أصبحوا من أصحاب الملايين في غفلة من الزمن وكل مواهبهم الرقص علي إيقاع السلطة، وقيمتهم الحقيقة ليست في مراكزهم لأن المراكز ليست باقية بل قيمتهم في أعمالهم.

وأخيرًا قيمتنا في أعمالنا وداخلنا، ومخطئ وواهم من يظن أن قيمته خارجا عنه.

فهل يعي الساسة ورجال الأحزاب والإعلامين والوزراء ورجال الأمن والدين في مصر أن قيمتهم ليست بكلمات مفرغة من مضمونها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والسويد تعتقلان سوريين يشتبه بتورطهم بجرائم حرب


.. بريطانيا تحاول عرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية.. ما القصة




.. نقل أطفال مصابين في القصف الإسرائيلي على مدرسة النازحين في خ


.. In defence of free expression and peaceful assembly in solid




.. شاهد| لحظات اعتقال أسرة منفذ عملية الطعن في كرمئيل بالجليل ا