الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تقافز العراقيون كالكنغر

محمد حاج صالح

2007 / 8 / 10
عالم الرياضة


الترجمة عن النرويجية: محمد حاج صالح

كان يوم الجمعة 13 تموز يوم حبور للعراقيين في النروج. فهل يدرك الصحفيون النرويجيون لماذا؟
تعامت تماماً وسائل الاعلام النروجية عمّا اعتبره ما يقارب الـ 20000 لاجئاً عراقياً حدثاً واسماً. في هذا اليوم جلس غالبية العراقيين في كل أنحاء النروج أمام شاشة التلفيزيون، ليتابعوا مباراة كرة القدم بين العراق وأستراليا في بطولة آسيا المماثلة لبطولة أوربا. لم تكن المبارة كأي مباراة، فالعزيزة أستراليا كانت هناك في البطولة لأول مرة. وعلى الرغم من أن الفريق العراقي كان تاريخياً من أفضل الفرق في آسيا، فإن المباراة اعتبرت كما لو أنها بين داوود وجوليات. مع ذلك استطاع العراق، بتميّز ووفق كل المقاييس الفنية، أن يهزم استراليا 3-1 . انتشى العراقيون هنا في أوسلو، ونسوا للحظات التعاسة التي لاحقتهم لأكثر من 30 عاماً.
لا أحد في غابة الإعلام النروجي الكثيفة أعار اهتماماً للحدث. إنما وبعد يوم واحد من المباراة امتلأت صفحات الرياضة بهستريا تعاقد بيكهام (اللاعب الانجليزي) للعب في أمريكا. نشرت، مثلاً، صحيفة "أفتن بوستن" ريبورتاجاً على صفحتين عن "بيكهام" في أمريكا، بينما أفردت فقرة صغيرة عن مباراة العراق-أستراليا، حيث احتلت استراليا موقع الفاعل (المقصود هنا الفاعل في النحو):
استراليا تحرز خسارة صادمة أمام العراق.
هنا حُسبت بيكهام - هستريا في أمريكا أكثر تشويقاً وأهمية من الفوز العراقي على استراليا في بطولة آسيا. وهنا أيضاً ومن خلال هذه التغطية الإعلامية، أو الأصح اللاتغطية، لحدث يهمّ 20000 عراقي، يمكن للمرء أن يستنتج أي نوع من النظارات يستخدم الصحفيون ليقدموا الواقع!فعندما يجري الحديث عن العراق، تقدم الصورة المقررة سلفاً والسائدة والمتكررة دوماً. إنها الصورة التي لم تعد تحكي عن الحرب على العراق كحرب ظالمة، حيث يقتل العشرات من الأبرياء يومياً، وحيث يموت الأطفال من الجوع. علينا أن نتذكر أن العراق ذاته وقبل ثلاثين عاما كان من دول الرفاه، وإنما يعود الفضل للنظام السابق وللسياسة العالمية التي ترفع راية الحرية والديمقراطية في أن يبحث العراقيون عن ملاذ آمن في شتى أركان الأرض. وبالطبع لا تريد وسائل الإعلام رؤية الحقيقة في أن بُنْية السيطرة العالمية هي التي دفعت العراقيين إلى اللجوء. هذه البنية في السيطرة لا تمسّ إلا نادراً في الصحافة النرويجية. بالمقابل وعبر إبراز واقع الصراع الديني لا تملّ الصحافةُ من إبراز الإسلامَ كسبب للفظاعة في عراق اليوم، وتلخص الوضع كالتالي:
الشيعة والسنة يتقاتلون في العراق، والقاعدة تستخدم البلاد منطلقاً لمهاجمة جنود الحلفاء.
يلاحظ العراقيون النرويجيون التقديم السيء الذي تظهره وسائل الإعلام النرويجية للحرب في العراق، حيث يجري التركيز على بعض الجوانب، بينما يتم تجاهل جوانب أخرى: فالإسلام أضحى في وسائل الإعلام علامة (ماركة) لهوية جوهرية عراقية سواء أكان لحياة العراقيين السابقة (قبل الحرب)، أم تلك التي يحاولون الآن ابتكارها والعيش فيها.
الثالث عشر من تموز كان يوماً أحس العراقيون فيه وبالملموس أن لهم وطناً أتوا منه. وطنٌ كانوا قد ساهموا في بنائه، وطنٌ غادروه في رحلة البحث عن حياة أفضل. ما من أحدٌ اهتم لأي طائفة ينتمي لاعبو الفريق، شيعة أم سنة أم كرد. فالفريق مثّـل بلداً لربما لن يكون موجوداً في البطولة القادمة بعد أربع سنوات.
احتفل اللاعبون العراقيون بالنصر بأن تقافزوا دائر مدار كالكنغر، ساخرين من بلاد لها جنود على الأرض العراقية، وتشترك في حرب لا تعنيها في شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواج رياضة الفروسية في روسيا وسط توجه لإحياء تقاليد المدرسة


.. ياسمين نوح كابتن فريق طائرة الزمالك تعلن الاعتزال عقب بطولة




.. جماهير الزمالك تحتفل مع سيدات الطائرة بالاحتفاظ ببطولة أفريق


.. ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني بعد خسارة برشلونة أمام جيرون




.. ولي العهد يحضر بطولة القفز على الحواجز على كأس جلالة الملك ا