الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي

ثائر العذاري

2007 / 8 / 10
الادب والفن


في خضم اهتمامنا بالأدب النسوي المعاصر لا يمكننا إغفال قلم مميز جدا، قلم رحاب الهندي ، الصحفية والقاصة ، التي تتميز كتاباتها بالجرأة الشديدة في معالجة قضايا المرأة ، اذ يمتزج في كتابتها الجد بالهزل والسخرية المرة بالمعالجة الموضوعية حتى تضيع معالم الحدود بين النقيضين.
ثمة موقف واضح من الرجل والرجولة يغلب على كتابات رحاب ، وأحاول في هذه المقالة إبرازه بوصفه الثيمة الأساسية التي تحاول الكاتبة تصديرها الى وعي القارئ خلسة.
إن قراءتنا أي نموذج من كتابات رحاب تقريبا يمكن أن يوصلنا الى موقفها من الرجل ، ولنأخذ مثلا (حب الخطيئة) التي أنقلها هنا كاملة لتوضيح الفكرة:

((حين شهق متعة الإنتهاء من حالة اللقاء، استرخى وهو يضمها لصدره مبتسماً قائلا ًبحنو: أنت أكثر من رائعة، اختفت في صدره صامتة، وحين أحس بدموعها، شربها بشفتيه متسائلاً: لم كل هذا البكاء ألست سعيدة معي؟ ابتسمت بألم متسائلة: سعيدة؟! وأنا أغرق معك في بحر الخطيئة! أنفجر غاضباً: هل نعيد الحديث كل مرة بهذا الموضوع؟ أجهشت بالبكاء هامسة: أنت لا تشعر بعذابي. وإستمر غضبه: وأنت لا تقدرين ظروفي. تركها وإتجه للحمام ليغتسل، وحين عاد وجدها قد غادرت وبقايا دموعها على الوسادة!! النساء من وجهة نظره متعة للجسد فقط.
فلكل منهن مذاقها الخاص، وطعمها المختلف، وعقولهن غالباً ناقصة وتعسة، لا تفقه أمور الحياة..
"النساء جميلات في هيجان السرير فقط".))

تصور رحاب المرأة هنا بصورة المضحية ، والرجل بصورة المستغل غير الآبه بالتضحية الكبيرة التي تقدمها شريكته، ولكن ما دافع المرأة لهذه التضحية الكبيرة؟ هذا السؤال يضم بين طياته مفتاح نصوص رحاب الهندي. والعبارة الأخيرة في القصة تمثل ثيمة أساسية قضية المرأة كما تبدو في نصوص رحاب.

في (لا للزواج) تظهر صورة الرجل ذاتها، اذ تبدأ القصة :
((كان دوما يحاول إقناعها :الزواج مقبرة الحب ستتكاثر المشاكل من كل صوب الأهل والأولاد والحالة الأقتصاديه والعمل وهموم الحياة فلا لا للزواج وما أحلى الحب، كانت تسكت على مضض وحين تفكر لتجيبه يسكتها بقبله طويلة. ))
هذا الرجل الذي يعرض الفكرة على انها عقيدته في حياته نفاجأ في النهاية بأنه محض محتال لا يبغي غير استغلال المرأة بوصفها جسد من غير مراعاة لإنسانيتها:
((واستمرت حكايتهما طويلا تلتقيه كل أسبوع في مكان مختلف ينهلان من نبع حبهما ويغادران ،وكانت المفاجأة الصدمة حبيبها الذي لا يؤمن بالزواج متزوج منذ ثلاثة أعوام ولديه طفلان !))
وتحاول رحاب اقناعنا بأن هذه هي الطبيعة ، فالرجل بطبيعته وخلقته لا ينظر الى شخصية المرأة وصفاتها كأنسان بل ينظر اليها من زاوية كونها واحدة من (جنس النساء) لا غير. ففي (إنها فتاتي) تصر القاصة شجار طفلين في مدرسة ابتدائية لأن كل منهما يدعي أن (حنان) حبيبته ويكتب اسمها على كراسته. وحنان هنا شخصية وهمية لا نعرف شيئا عنها لأنها كانت تنقل وجهة نظر الطفلين الذكرين ، فليست حنان عندهما غير انثى .
وفي (أنوثة مبكرة) ترتقي قليلا لتظهر مجموعة من الصبيان الذكور الذين يتشاجرون من أجل ابنة الجيران:
((وقبل أن تلقي العباءة عن كتفيها سمعت صراخا في الزقاق وحين أطلت من النافذة كان شباب الزقاق يتشاجرون فيما بينهم دون أن يعرف احد السبب أقفلت الشباك واستغرقت في ضحك متواصل))
ما يظهر في هذه النهاية هي ان المرأة تدرك منذ صغرها نظرة الرجل اليها ولذلك يكون هذا الاندفاع والشجار مثار سعادة لها، لكنه أبدا ليس مصدرها الذي تستمد منه الحب كما هي حال الرجل.
وفي (خائنات) تعرض لنا فكرة أخرى تعزز هذه الصورة ، غالمرأة كثيرا ما تيأس من وجود الرجل الذي يحبها هي لشخصيتها وليس لأنوثتها، فتلجأ الى الزواج ممن لا تحب على أمل أن تحبه وتحمله على حبها فيما بعد:
((جن جنونه كان حانقا على موقفها منتفضا لكرامته التي يظن إنها جرحت تابع صراخه: وأنا وحبنا ووعودنا ثم كيف تتزوجين غيري أم هل ستبقين حبيبتي ؟ ابتسمت بسخرية نظرت إليه بتحدي وقالت: بالتأكيد لا سأتزوج من اختارني له زوجه وقد أحبه أما أنت فلك أكثر من حبيبه كما اعترفت. أغلقت الباب وهي تسمع صراخه كاذبات خائنات!))
ويمكننا الآن اجابة السؤال الذي طرحناه أولا، فرحاب في كتابتها تنطلق من فكرة واضحة تفيد بأن الجنس عند الرجل شهوة عابرة تتلاشى دون أن تكون مرتبطة بحب مستمر لا ينقطع بانقطاعها ، أما الجنس عند المرأة فهو ليس الا تمظهر من تمظهرات الحب وتعبير مادي عن شعور روحي دائم ومستمر.

وفي (إمرأة متوحدة) تختصر رحاب هذه الفكرة بصيغة المتكلم:

((........
أنت امرأة لست كالنساء
حين تحبين
تتألقين
تتوجعين
تتأوهين
تهربين راضيه
إلى منصة الإعدام
لأن من أحببت
نصب لك مشنقة
وكان القاضي والجلاد
حكم عليك
بالحب قتلا
والعشق قتلا
حين استسلمت
في أحضان الحب
كان هو رجلا ككل الرجال !!!!))

فالمرأة المتكلمة هنا تعرض نفسها على انها مختلفة عن النساء والقصد هنا هو تميزها بالإنسانية، أما الرجل فيظهر في النص (ككل الرجال).
والمفارقة التي تعرضها نصوص رحاب هي أنها في الوقت الذي تصور الرجال بأنهم مستغلون لا يتعمق الحب في نفوسهم ولا ينظرون الى المرأة الا بوصفها أنثى، فهي أيضا لا تنظر الى الرجل الا بوصفه فردا من جنس الرجال ويبدو كل الرجال ذوي شخصية نمطية واحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر