الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقليمية الدفاعية وضروراتها في تصور الدولة اليهودية

خالد سليمان القرعان

2007 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لقد بادرت إسرائيل في أعقاب حملة كادش ضدّ مصر في عام 1956، إلى تشكيل تحالفٍ إقليمي يضمّ كل من إسرائيل، وتركيا، وإيران، والغرب، وإثيوبيا، من منطلق قاسمٍ مشترك يجمعها جميعاً، وهو الخوف من تصاعد قوة الزعيم المصري جمال عبد الناصر، فلقد أدركت هذه الدول أن كلّ واحدةٍ منها ستجد صعوبةً في مواجهة الناصرية المتعاظمة، وأن فرص نجاحها في الصراع ضدّها ستكون أكثر في حال وجود تعاونٍ مشتركٍ بينها، ويشار إلى أن هذا التحالف المذكور لم يكن تحالفاً رسمياً، وإنما قائماً على تفاهماتٍ سياسيةٍ استراتيجيةٍ بعيدة المدى، وتعاونٍ عسكري استخباري وثيق.
لقد مضى على هذا الحلف عقودٌ من الزمن، وكثير من هذه الدول شهدت تحولاتٍ مثيرة، فناصرية الخمسينات تمّ استبدالها الآن بـ "الإسلام المتطرف"، كما حلّ محلّ مصر في هذه الحقبة من الزمن إيران، وحلّ محلّ عبد الناصر أحمدي نجاد، إلا أنه ضمن أي مقارنة يمكن القول دون أي تردد بأن التهديد الحالي من جانب إيران و"الإسلام المتطرف" الذي يواجه أحادية النظام العالمي المستبد بشكلٍ عام، والانظمة العربية السيئة بشكلٍ خاص، يفوق الخطر الناصري إبّان أعوام الخمسينات بأضعافٍ مضاعفة.
لقد كان الخطر الناصري محدوداً ومقصوراً على الشرق الأوسط فقط، في حين أن "الإسلام المتطرف" يهدد العالم بأسره، عدا عن أن الإسلام المتطرف يملك الآن - أو ستكون بحوزته مستقبلاً- قدراتٍ على التحرك والعمل ضدّ القوى الغربية الكبرى عموماً، والشرق الأوسط خصوصاً صاحب العروش المهترئة، وهو الأمر الذي لم تملكه الناصرية في الماضي، والمقصود بذلك "سلاح الإرهاب" خاصة "الوسائل الانتحارية"، إضافةً إلى إمكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل.
لقد كشفت لنا حرب لبنان/ 2006 وبشكلٍ مؤلمٍ ووحشي ومصغرٍ نسبياً، التهديدات الخطيرة التي تضعها إيران و"الإسلام المتطرف" أمام الغرب والنظام العربي الخائن وإسرائيل؛ إذ أن حقيقة تواصل سقوط صواريخ الكاتيوشا دون توقف فوق المناطق الشمالية من إسرائيل، بل في العمق الإسرائيلي -على الرغم من النشاطات الجوية المكثّفة من جانب إسرائيل والعمليات البرية المحدودة غير المجدية- من شأنها أن تشكّل لنا إشارة مرورٍ تحمل تحذيراً خطيراً، إزاء تصاعد قوة إيران كقوةٍ إقليميةٍ في المنطقة؛ إذ أن هذا البلد الذي يملك قدراتٍ نووية سيشكل تهديداً خطيراً جداً ليس لإسرائيل فحسب، وإنما لمنطقة الشرق الأوسط بأسره، بل للدول الغربية أيضاً، مما يجعلنا نفكر ونوجّه الكثير من الأسئلة المتعلقة بكيفية استعداد هذه الدول لمواجهة مثل هذه الأخطار المحدقة بها.
الدولة اليهودية -ضمن الظروف الراهنة- تتوجه نحو تشكيل تحالفٍ دفاعي إقليمي واسع، بالتعاون مع الدول الغربية الكبرى، لاسيما الولايات المتحدة ويضم الدول التالية: إسرائيل، وتركيا، والسعودية، ومصر، والأردن، ودول الخليج، والولايات المتحدة، وبريطانيا، لكن مع الانتباه إلى ضرورة عدم جعله حلفاً رسمياً، بحيث أن لا توقع أي وثيقة تشير إلى وجوده؛ وذلك لسببٍ بسيط هو أن أطراف التحالف غير قادرةٍ على التعايش معاً ضمن حلف رسمي، إذ أن معظم هذه الدول ستفضل تعاوناً عسكرياً استراتيجياً وثيقاً بعيداً عن الأضواء.
هناك فرضيتان أساسيتان ينبغي أن تكونا مقبولتين لدى الدول الأعضاء في هذه التحالف الإقليمي الجديد:
الفرضية لأولى: هو أن "الإسلام " وإيران يشكلان خطراً وجودياً على واحدةٍ من هذه الدول أو أكثر، وأن إطاراً استراتيجياً وعسكرياً من التعاون بينها سيجعلها قادرةً على درء أو مواجهة مثل هذا الخطر؛ إذ أن صورة الأوضاع الراهنة تشير إلى أن كل دولةٍ من هذه الدول تعتقد أن إيران و"الإٍسلام " يشكلان خطراً وجودياً، ولكن من الناحية العملية نرى أن هناك توجهاً يشير إلى أن كل دولةٍ تقف في انتظار قيام الأخرى بإخراج حبات الكستناء من النار لصالحها، في حين تقف هي جانباً دون تدخل.
الدولة اليهودية تقول : ينبغي عدم مواصلة هذا الوضع الذي تتمكن إيران من خلاله من التملص من الأخطار، ومن ثم تصبح قوةً نوويةً خلال الأعوام القريبة القادمة، وبالتالي ينبغي على هذه الدول الاعتراف بأنها موجودةٌ معاً في قاربٍ واحد، ومهددة بلنسبة ذاتها، صحيح أن إيران تركز تهديدها على دولة إسرائيل لأسبابٍ معروفة، ولكن في نهاية المطاف سيطال هذا التهديد كل دولةٍ تنتمي لهذا الحلف، ومن غير المستبعد أن تختار إيران المواجهة مع دولةٍ أخرى في الحلف غير إسرائيل، وذلك لإدراك إيران لحقيقة قدرة إسرائيل على الرد بقوة حيال أي محاولةٍ للمسّ بها، وعلى كل حال يجب على جميع الدول الأعضاء في الحلف أن تدرك بأن سقوط دولةٍ واحدة، من شأنه أن يشكل تهديداً عليها جميعها ويقرب من نهايتها، مما يلزمها بالتعاون فيما بينها من أجل إبعاد هذا الخطر الذي يتهددها.
الفرضية الثانية: الفرضية الأساسية الأخرى التي ينبغي أن تكون مقبولةً لدى جميع الدول الأعضاء في الحلف حسب توجه الدولة العبرية ، هي أن مسألة التسوية الإسرائيلية- الفلسطينية من شأنها القضاء على استقرار الحلف، من منطلق أن تجميد العملية السياسية مع الفلسطينيين ليست خياراً واقعياً في الظروف الراهنة، ومن جهةٍ أخرى فإن التوجه نحو تسويةٍ إسرائيلية- فلسطينية دائمة ليست واقعية أيضاً، مما يقتضي بذل جهدٍ كبيرٍ من جانب دول الحلف على صعيد العمل على تحقيق تسويةٍ مرحليةٍ طويلة المدى بين إسرائيل والفلسطينيين؛ لأن مثل هذه التسوية ستؤدي إلى هدوءٍ نسبي على المدى البعيد، وذلك من خلال إرجاء المسائل الخلافية الحرجة إلى مستقبلٍ أبعد، ومع أن مثل هذا الخيار صعب التحقيق، إلا أن من الأفضل تفعيل العملية السياسية بوتيرةٍ حقيقةٍ وتدريجية من خلال الابتعاد عن أي خطواتٍ مثيرة.
من جهة أخرى ينبغي أن تكون الفرضية الأساسية لدى الحلف قائمةً على ذلك الجهد العام للتصدي للتهديد الإيراني و"الإسلام المتطرف"، من منطلق الاعتقاد والإيمان بأن الانتصار في هذه المواجهة سيفرز ظروفاً أكثر ملائمةً للقيام بتسويةٍ إسرائيلية - فلسطينية دائمة.
أن حلفاً واسعاً وبرعاية الولايات المتحدة فقط ، من شأنه أن يضع خطاً دفاعياً يقف في وجه إيران و"الإسلام " بالرؤى الدولية طبعا ، لأنه في حال عدم القيام بذلك على المدى القريب، فإنها ستجد دولاً كثيرة في منطقة الشرق الأوسط وبالاخص النظام الاردني ، تواجه أخطاراً يكون من الصعب عليها – أو مشكوك في قدرتها على- حماية نفسها بقواها الذاتية وحدها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح