الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقايضة المستوطنين بالفلسطينيين

برهوم جرايسي

2007 / 8 / 10
القضية الفلسطينية


صدرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قبل ايام تحمل عنوانا رئيسيا، مخادعا، يدعي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، ورئيس الدولة الإسرائيلية، شمعون بيرس، يؤيدان إقامة دولة فلسطينية على 100% من مساحة الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها في العام 1967.
وفي الأسطر الأولى لهذا التقرير تتكشف حقيقة مغايرة كليا، إذ في طيات هذا المخطط العودة إلى واحد من أخطر المخططات التي تبلورها جهات صهيونية في إسرائيل وخارجها، وفي مركزه إجراء عملية تبادل سكاني مع الأرض بين الكتل الاستيطانية والمستوطنين في الضفة الغربية، وبين مناطق فلسطينية في مناطق 1948، محاذية للضفة الغربية المحتلة، وهنا يجري الحديث عن منطقة "المثلث".
وهذا مخطط ظهر لأول مرّة على العلن قبل نحو ثماني سنوات، إلا أنه اتضح لاحقا ان هذا مخطط سري كان يدور في الأساس في أروقة حزب "العمل"، بتسمياته المختلفة السابقة، وقبل ثماني سنوات ظهر المخطط على لسان عضوي الكنيست أفرايم سنيه، ويوسي بيلين، إلا أن الأخير حاول التنصل منه، ولكن هناك عدة دلائل تؤكد انه تبنى هذه الفكرة.
ولاحقا انتقلت الفكرة إلى المعسكر اليميني العنصري المتطرف، ليلوح بها الوزير العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان، وبادر إلى حملة إعلامية وإعلانية ضخمة، تحت عنوان: "مع السلامة يا أم الفحم"، وهي أكبر مدينة في منطقة المثلث.
ويقضي المخطط بأن تحتفظ إسرائيل بكامل الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وبالمقابل فإن إسرائيل تضم إلى الضفة الغربية مناطق سكانية فلسطينية في مناطق 1948، بشكل يجعل بيد الدولة الفلسطينية العتيدة مساحة أرض بنفس القدر الذي تم احتلاله في العام 1967.
للوهلة الأولى قد يقع البعض في شرك المخطط ليقول: "حسنا فإن الحديث يجري في نهاية المطاف عن أراض فلسطينية"، ولكن هذه هي الخدعة التي تغلف المشروع الصهيوني، علما انه مرفوض من حيث المبدأ.
بداية، هناك ضرورة للتأكيد على رفض المنطق والمبدأ الذي يرتكز عليه هذا المخطط وهو شرعنة الاستيطان والمستوطنين، حيث هم في الضفة الغربية، وجعلهم بنفس مرتبة الفلسطينيين في وطنهم، بمن فيهم فلسطينيو 48.
إلا أن المخطط لا يهدف فقط للاحتفاظ بالكتل الاستيطانية، بل هو يسعى وبشكل مواز إلى التغلب على مشكلة إسرائيل الديمغرافية، من خلال "التخلص"، حسب المفاهيم الإسرائيلية الصهيونية، من حوالي 400 ألف فلسطيني، من فلسطينيي 48، علما ان المسألة الديمغرافية تقف في صلب كل المخططات الإسرائيلية الحالية والمستقبلية.
وهذا في ظل معطيات إسرائيلية وصهيونية رسمية، تؤكد أن عدد فلسطينيي 48 سيساوي عدد اليهود في إسرائيل مع حلول العام 2050، وأنه في العام 2035 ستكون نسبة فلسطينيي 48 في إسرائيل 40%،
علما ان نسبة المواليد الفلسطينيين من مجمل المواليد في إسرائيل في هذه المرحلة هي ما بين 26% إلى 27%، بعد اختزال مواليد القدس المحتلة، الذين يجري ضمهم إلى سجلات إسرائيل بفعل قانون الضم الاحتلالي للمدينة، في حين ان نسبة فلسطينيي 48 من مجمل السكان في إسرائيل اليوم هي في حدود 17%، وليس كما تنشره دائرة الإحصاء المركزية 20%، لأنها تضم فلسطينيي القدس والسوريين في هضبة الجولان المحتلة.
المنطق الآخر الذي يقف في صلب هذا المخطط هو أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الواقعة عمليا في أكثر المناطق استراتيجية في الضفة الغربية، بما في ذلك الأراضي الخصبة، مثل منطقة غور الأردن، ومعها أراض للتوسع المستقبلي على حساب أراضي الضفة الغربية.
وفي المقابل فإن المناطق التي يريد المخطط ضمها للضفة الغربية هي مناطق مكتظة بالسكان بشكل كبير، كما أنها محرومة من فرص التوسع الطبيعي باتجاه الغرب، بمعنى مناطق نفوذها في داخل مناطق 1948، خاصة وانه من يعرف جغرافية المكان يدرك انه لا يمكن لتلك البلدات، في منطقة المثلث، التوسع باتجاه الشرق، كون الأراضي هناك تابعة لبلدات فلسطينية قائمة في الضفة الغربية.
إلى جانب كل هذا، وبدرجة عالية من الأهمية هناك الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، والتواصل بين مختلف أجزاء مناطق 1948، وبين القسم المستهدف من هذه المؤامرة، وهذه جوانب لا يمكنها شطبها من خلال حدود مصطنعة.
لقد سارع مكتب رئيس الحكومة، أولمرت، إلى نفي علمه بمخطط كهذا، مدعيا انه لم يطرح عليه أي شيء من هذا القبيل، في حين أن مكتب رئيس الدولة بيرس احتفظ بالصمت، ولكن يجب الانتباه إلى أن الصحافي الذي نشر هذه المعطيات، عقيبا إلدار، معروف بقربه الوثيق من أوساط اليسار الصهيوني، بمن فيهم أوساط شمعون بيرس، وهو ليس من نوعية الصحافيين الذين بالإمكان الايقاع بهم، بمعنى ان معلوماته موثوقة، عدا عن أن الكثير من المعطيات تدعم ما يقول.
فأولمرت لا يستطيع النفي، وهو يعرف أن هذا المخطط يجول حول طاولة حكومته، وأن الوزير ليبرمان يلوح بهذا المخطط من حين إلى آخر، أضف إلى هذا فإن أولمرت وبيرس معروفان بمعارضتهما الشديدة لانسحاب كامل بنسبة 100% من جميع الأراضي التي تم احتلالها في العام 1967، ويكفي ان نذكر أن بيرس كان على رأس مهاجمي رئيس الحكومة الأسبق إيهود براك، خلال قمة كامب ديفيد في العام 2000، وما تبعها من محادثات طابا، وجرى فيها الحديث عن انسحاب بنسبة 96% من الضفة الغربية، وقال بيرس بشكل صريح أنه ليس على استعداد للانسحاب من أكثر من 70% إلى 80% من الضفة الغربية.
كذلك يجب ألا يغيب عن بال أحد، أن الحكومة الإسرائيلية التي تسارع لإجراء مفاوضات واتصالات مع الجانب الفلسطيني والعرب بشكل عام، تقوم على ارض الواقع بفرض حدود من جانب واحد مع الضفة الغربية، من خلال جدار الفصل العنصري، الذي يضم عمليا حوالي 50% من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، ومن المفترض ان توشك إسرائيل على إنهاء بناء هذا الجدار مع نهاية العام الحالي، لتنهي بذلك جدارا بطول 735 كيلومترا، وكلّف حوالي بليوني دولار، وهناك من يتوقع وصول التكلفة إلى ثلاثة بلايين دولار.
إن المطلوب حاليا الإعلان عن موقف فلسطيني عربي رافضا لهذا المخطط، وبشكل غير قابل للتأويل لإغلاق الباب عليه قبل حتى أن تحاول إسرائيل طرحه، إن ظهور هذا الموقف الصريح من شأنه أن يسحب البساط من تحت الكثير من القوى السياسية الإسرائيلية، التي تحاول تجميل نفسها من وراء هذا المخطط الصهيوني الاحتلالي الخطير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا