الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي في سوريا 2 دور السلطة

سلطان الرفاعي

2007 / 8 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إن الوعي لوجود هذا الصراع الطبقي في سوريا ، والحديث عنه ، لا يعنيان ( كما وصلني من العديد من الأصدقاء والأخوة ) تغذية هذا الصراع أو خلقه من العدم ، فهو موجود ومستشري ومخيف ، ويضم بين دفتيه : رجال أمن ، ورجال حكومة ، ورجال حزب ، وموظفين كبار ، وضباط جيش . وهؤلاء ، موجود منهم أيضا ، في الطرف الآخر ، المسحوق والمسلوب .
ونحن في سعينا الى الكشف عن هذه الظاهرة الخطرة لا نفعل أكثر من رصد هذا الواقع والتوعية لمخاطره . ويستطيع أي طفل صغير ، أن يذكر لك كمية الأموال التي خرج بها كل من الشهابي والرفعت والخدام ، والكمية التي يتداولها بعض رموز الأمن من المرحلة السابقة ، والحياة السماوية التي يعيشها أولاد بعض الوزراء ورؤساء الحكومات والمديرين العامين . ناهيك عن عمليات تبييض الأموال ، تحت مسمى المطاعم الفخمة وشراء الأراضي . بينما يقبع المواطن المسحوق في الدرك الأسفل من الحياة ، محروما ، من أغلب وسائل الترفيه والحضارة .
إن تجاهل الواقع هو مغالطة للنفس ومغالطة للتاريخ ، ومغالطة للآخرين . أضف الى ذلك ما ينتج عن هذه المغالطات من حرمان الشرفاء في السلطة ، من اتخاذ الوسائل الضرورية للقضاء الجذري على مثل هذه المواقف اللاأخلاقية ، والتوجه نحو مجتمع سوري غير طبقي . وحينما تسمي العصابات المسيطرة على مقدرات المجتمع السوري هذا الواقع بالشطارة والفهلوة وانتهاز الفرص ، فإنها تعبر عن عدم رغبتها في هدم الأسباب التي تؤدي الى ظهور هذا الصراع .
قد نكون نعرف ، ولا نستطيع أن نقول ، وقد نكون لا نعرف ، كيف ظهرت هذه الطبقة ، بهذه السرعة ، وبهذا الفحش . ولكن الواقع يقول أنها أصبحت موجودة ، ولن تقبل بأن تتراجع ، عن المكاسب التي خطفتها من فم الشعب المقهور والمسحوق . بل هي مستعدة ، في سبيل زيادة جشعها ، الى استعمال كل الوسائل الممكنة من أجل تضخيم ومضاعفة ثرواتها .
لقد أشار كارل ماركس نفسه الى هذه القضية ، في رسالة قد أرسلها الى (جوزيف وايدماير ) ، بما معناه أنه لم يكتشف هو وجود الصراع الطبقي ، بل هم الاقتصاديون والبرجوازيون أنفسهم الذين تحدثوا عنه . وإنه لم يقم بأكثر من تحليل أسباب هذا الصراع القائم ورسم الطريق الى مجتمع بلا طبقات---
فعندما نكتب اليوم ، عن هذا الظلم الكبير ، والهوة العميقة ، التي تفصل بين أبناء الشعب الواحد . وتجعل ساكن القبر يحسد ساكن القصر ، على كل النعم ، التي وصل اليها ، بسبب علاقته مع السلطة ، وشراكته مع بعض رجالها . نكون في صدد العمل على إزالة أسباب هذا الصراع ، لا إخفاؤه ، وهذا يعني في الواقع العملي ، فضح كل أشكال الشراكة والفساد والسلب ، والقضاء عليها ، كونها أحد السباب الرئيسية لوجود هذا الصراع الطبقي في سوريا .
وأيضا يتمثل ذلك في ((ملكية)) بعض أفراد السلطة والمجتمع ، وهم السارقون لتعب وكفاح الشعب . وحتى تستقيم الأمور ، وجب أن يكون هناك توزيعا عادلا لكل ثروات الوطن : النفط ، الماء ، الأرض ، الرمل ، البحص ، الحجر -----
إن القضاء على أسباب هذا الصراع المرير ، لا يمكن أن يتم ، بالخطب ، والشعارات ، والندوات ، والأماني . بل بوضع الأصبع على الجرح .
في البدء ، نحتاج ، الى مجتمع أكثر عدالة ، وأكثر حرية ، وأكثر انسانية . وفي الحقيقة ، نحن نفتقد الى كل ذلك اليوم .
العدالة والحرية والانسانية . المثلث الذي يغيب عن المجتمع السوري اليوم . والذي بغيابه ، يبقى هناك : طغاة ومقهورين .
واقع يقسم المجتمع السوري ، وبقسوة ، الى قسمين , ويؤدي الى تخلفه ، وتراجعه ، وضموره حتى .
وعوضا عن الشراكة القائمة ، بين بعض رموز السلطة ، وبعض رموز الفساد ، فلتكن شراكة بين أبناء الشعب وبين السلطة ، وليكن هناك توزيع عادل للثروة الوطنية ، مما يؤدي في مرحلة لاحقة الى بناء مجتمع سوري انساني . وهذا المجتمع يجب أن يمر من خلال الاشتراك الواعي والفعال في تحطيم سلاسل هذا الصراع الطبقي الذي يكاد يُحطم الوطن والمواطن .

التوزيع العادل للثروة الوطنية:

واقعيا يتحقق السعي إلى التوزيع العادل للثروة الوطنية في أنه يسمح لأكبر عدد من البشر بالوصول إليها وبالاستفادة من الخدمات المطروحة - من صحة وتعليم وسكن ووسائل اتصال - وبتوفير عمل لمن هم في سن العمل، وعدم تمييز فئة على حساب فئات، والحفاظ على علاقة عادلة بين المرتبات والأسعار.

ويراد أيضا بالتوزيع العادل للثروة الوطنية أن تؤمن الاستثمارات بشكل متوازن بين قطاعات الإنتاج المختلفة - من زراعة وصناعة وخدمات - وأن يحافظ على التوازن بين الثروات وتطور الخدمات العامة الأساسية.

ويفيد التوزيع العادل بالتالي التصدي لأشكال التمييز بين شرائح المجتمع المختلفة, وتنمية المساواة بين أفراده, فلا يتنعم القليلون بالخيرات ويرزح كثيرون تحت وطأة الفقر.

ويعني التوزيع العادل للثروة، على مستوى الجماعات، أن لا تحددها إيديولوجية أو نظرية بحتة, بل أن تؤخذ في الاعتبار حاجات الجماعات التي تكون المجتمع, وتقدير حقوق الأشخاص والمجموعات الدينية والعرقية التي تساهم في تكوين النسيج الاجتماعي.وبالتالي فعلى الأشخاص والجماعات من خلال الأطر والنظم السياسية أن يشاركوا في تحديد ماهية التوزيع العادل للثروة الوطنية وأولويته تحديدا عادلا ومنصفا.

هدف السياسة هنا أن تعمل من أجل تحقيق التوزيع العادل, بل أكثر من ذلك فإن السياسة تستمد سبب وجودها من عملها من أجل كرامة كل أنسأن والتوزيع العادل للثروة فالسياسة تعمل على توجيه قوى جميع التيارات داخل المجتمع نحو تحقيق توزيع عادل للثروة.فالتوزيع العادل للثروة الوطنية يمتد إلى أبعاد الإنسان جميعها من مادية ونفسية, فلا يخفى الواحد منها على حساب الآخر أو ينقر أحدها الآخر, وهذا يعني أن يراعى ترتيب القيم بحسب أهميتها ترتيبا يوازن بين أبعاد الإنسان المختلفة وحاجاته المتعددة وبالتالي يجب أن يهدف النظام الاجتماعي وتقدمه دوما إلى خير الأفراد لأن نظام الأشياء يجب أن يخضع لنظام الأشخاص وليس العكس وتقوم بذلك وتسهر عليه تلك السلطة التي تقدر على توجيه قوى الجميع نحو توزيع عادل للثروة الوطنية وتحول دون تفكيك الجماعة السياسية, لا بالاستبداد ولا بالقمع, بل تعمل كقوة أدبية تجد في الليبرالية ومعنى المسؤولية سندا لها.

وهذا يتطلب من رجال السياسة أن يضعوا نصب أعينهم الغاية التي من اجلها تولوا مسؤولياتهم، إلا وهي خدمة حقوق الأفراد وخير جميع المواطنين، ويعني ذلك احترمهم الدستور والقانون والسلطات التشريعية والقضائية، ولا تتحول سلطتهم السياسية إلى خدمة مصالحهم الخاصة أو مصالح فئة بعينها على حساب سائر الفئات.وإذا وعى رجل السياسة دوره الأساسي داخل مجتمعه, فعليه أن يولي اهتماما خاصا للشرائح الفقيرة والمحرومة والمهمشة لأي سبب كان.

يتبع
دور الدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا