الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابطال مفخخات الدستور العراقي

خالص عزمي

2007 / 8 / 11
دراسات وابحاث قانونية


في رسالة مطولة من الاستاذ الدكتور (ٍس . ن) بعثها اليَّ من غربته يقول فيها ( .... مع اني من المختصين في القانون ؛ ولكن ليس في الدستوري منه ؛ فقد وجدتني محتارا حقا في ذلك التشابك التفصيلي الواسع الذي جاءت به عشرات الدراسات والابحاث القانونية حول الدستور العراقي ؛ حيث اعتبر ت جلها ان أسس ومفخــــــخات البلاء تكمن في اكثر مواده الملغومة ؛ اذ على تلك الاسس السيئة ارتكزت كل هذه الفوضى الضاربة اطنابها في كيان الدولة ؛ ولكنني لم الاحظ ان هناك دراسة واحدة ؛ اعطت القاريء البسيط ؛ بل وحتـــــــــــــــــــــــى المتخصص في القانون ؛ موجزا واضحا عن اهم العيوب التي أدت الى هذا الانهيار ؛ وكيف السبيل الى تعديلها ان لم يمكن تبديلها ....) ويختتم رسالته بالقاء اللوم على القانونيين الذين لم يتصدوا لكل ذلك ؛ بيسر يوضح ذلك ( المعمي ) مما بحث ونشر .
لا أدري اذا كانت نسخة من هذه الرسالة الكريمة قد وصلت الى آخرين من الذين يعنيهم الامر ؛ ام انه خصني بها وحسب . وها انذا اجيب على اهم نقاطها بما يأتي :
سوف لن اصدع رأس الاستاذ الدكتور ( س . ن ) بعدد من الدراسات التي نشرتها حول الدستور في الصحف والمواقع الرصينة ؛ فقد لا تلبي ما هدف اليه في استفساره ؛ بل سأجتزأ من بحثي المعنون ( قانون ادارة الدولة الملغي وتعديل الدستور ) والمنشور بتاريخ 23 /10 /2006 ؛ بعض الفقرات الاساسية ( من البند ثانيا ) اذ فيها من التركيز والتحديد الواضح ما يجّب الغموض عن هذا المجال القانونيالذي عالجناه دستوريا : (.......
ثانيا ــ ان المطالبة بتعديل الدستور هي اقل مما يتوجب بالاستناد الى النص الدستوري في المادة ( 142 ) ؛ ولو رجعنا الى ركائزه المتهافتة ؛ ومواده المتناقضة الملغومة ؛ لوجب اعادة النظر بمجموعه وبنائه مجددا على قواعد الوحدة الوطنية ؛ واهمال كل ما أدى وسيؤدي الى الكوارث التي تحيط بالشعب من كل جانب ؛ اما اذا اتجهت النية الى التعديل وحسب ؛ فلعل النقاط التالية هي التي يستلزم ألاخذ بهاوتعديل الدستور على ضوئها :

أ ــ الهوية العربية : ـ ان الحديث عن عروبة العراق تأريخا ؛ وقومية ؛ وواقعا احصائيا ولغة ؛ ليس هنا موضعه ؛ فالتعامل مع النص غير التعامل مع الحقيقة التاأريخية ... وبالعودة الى نص المادة (2 اولا) من المشروع و التي اشير فيها الى ان العراق جزء من العالم الاسلامي نجد انفسنا امام مبدأ ديمقراطي سليم يؤكدعلى واقع لا جدال فيه حيث ان الاكثرية صاحبة القرار بهذا الشأن هي تلك التي تعتنق الدين الاسلامي ؛ وتأسيسا على ذلك واعتمادا على ذات المعيار فان العراق عربي الهوية ؛ اذان الاحصاء الرسمي المعلن يحدد نسبة 88 من المائة على الاقل من الشعب العراقي هو عربي ؛ وبالتالي فأن الدستور الذي اخذ بمعيار الاكثرية في الانتماء الديني ؛عليه ان يلتزم بذات المعيار فينص على ان العراق ( جزء من العالم العربي والاسلامي ) . اما القول بان اعتبار (العراق جزء من العالم الاسلامي ) فقط ؛ يعني بالضرورة ان هويته وصفته العربية مشمولة ضمنا؛ فهذا منطق لايصمد امام حقيقة ان الانتماء للاسلام لايعني بالضرورة الانتماء للعروبة ؛ ذلك ان ليس كل مسلم هو عربي ولا كل عربي هو مسلم . والامثلة على ذلك لا حد لها . ثم ان النص ذاته حينما اعتمد الاكثرية سندا فقد اهمل موقف الاقلية سواء قبلت به ام لا ؛ وهو ما يتوجب الاخذ به تجاه هوية العراق العربية ؛ والايكون ( وباء ) المعايير المزدوجة قد هيمن على الدستور .

ب ــ الفيدرالية : ــ لم تكن الفيدرالية غريبة عن القواعد الدستـــورية والقانون الدولي في صيغها التي استقرت كنمـــط هــادف الىتوحيد فئات الشعب في توليفة متجانسة منفتحة متسامحة ؛ تعتمد التكافل والترابط والوحدة الادارية تحت مظلة مركزية الدولة والولاء المطلق للوطن . على ضوء هذا المسار لنعد الى الدستور ونتفحصه مليا لنرىما هو سبب اخفاقه في تحقيق هذا المبدأ الواضح و لنأخذ على سبيل المثال الباب الخامس ( سلطات الاقاليم ـ المواد 113ــ131) فنجد انها ترسم معالم دولة مستقلة :
ففيها رئيس منتخب ومجلس وزراء ( المادة 120) ودستور ( المادة 119) وسلطة تشريعية متمثلة في البرلمان الاقليمي( المادة 117) وسلطة تنفيذية تتكون من رئيس الاقليم ومجلس الوزراء ( المادة 120) وسلطة قضائية ( المادة 130) اما بقية المواد فتتعلق بسبل تنفيذ تلك الاحكام . ومن هذا التقنين جاء التعارض والتناقض والتنافر حيث ضاعت النصوص ما بين صيغة حكومة اتحادية مركزية وبين سلطات اقليمية تقترب كثيرا من الاستقلال بكل المقاييس القانونية ؛ بل هناك نصوص في غاية الغرابة منها عدم جواز تعديل الدستور بما ينتقص من صلاحيات الاقليم التي لاتكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية ؛ الا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني وبموافقة اغلبية سكانه( وليس السكان ) باستفتاء عام . بمعنى ان نصوص تعديل الدستور في هذه الحالة معطلة الا بموافقة اكثرية ( الاقلية) . بل اكثر من ذلك فأن المادة (152) تستثني من احكام دستور دائم للبلاد نصوصا موقتة واردة في قانون ادارة الدولة للفترة ( الانتقالية ) يفترض ان ينتهي مفعولها لحظة الاستفتاء على الدستور ونشره في الجريدة الرسمية !!!!! لهذا وغيره اخفق الدستور في التوحيد وأنصرف الى التفريق ؛ فتناقضت وتضاربت وتباعدت نصوصه.
لقد ثبت بان الصيغة التي ترتكز عليها الرغبات المحمومة في اقامة هكذا فيدرالية شبه مستقلة ومنغلقة على الذات ستزرع بذور مكونات تدميرها بنفسها ؛ ذلك لانها تهمل جوهر العصر الذي اخذ بفتح النوافذ على كل اشكال التوحد والتعاون و التآزر وجلب الاستثمارات وتمتين الاواصر التربوية والثقاقية والاقتصادية ... الخ بخاصة ما بين ابناء الوطن الواحد .

ج ــ الثروات الوطنية : ـ من عجائب هذا الدستور ان اختزل ثروات العراق ( البشرية والطبيعية والحيوانية والمعدنية .. الخ )
بالنفط والغاز حيث نصت المادة (109) على انهما ( ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات ) ؛ ثم اوجب توزيع عائدياتهما بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد( المادة 110) ؛ اما باقي الثروات الاخرى التي لم ينص عليها( عمدا ) فلا توزع على السكان في جميع انحاء البلاد !!!!وفي هذه المادة بالذات لغم آخر اعتى واعمق غطت عليه عبارة ميسورة اللغة خبيثة الهدف تشير الى ان تطويرثروة النفط والغاز تعتمد على ( احدث تقنيات مباديء السوق وتشجيع الاستثمار ) وهذه العبارة في الدستور تعني الاباحة لغير العراقيين بالاسثمار المباشر وبلا قيودفي هذين القطاعين الاساسيين من الثروة الوطنية ومن خلال تشجيع مباديء السوق الحر ة وسيطرة الاسثمار الخارجي؛ ولا شك ان هذا النص( المرسوم مسبقا للنهب الاجنبي ) لا يخدم ابدا العراق ولا العراقيين لا الآن ولا في المستقبل المنظور ...
اماالمادة (128اولا) والتي تدور في ذات النطاق فانها تتحدث عن مسؤلية الدولة على منح الاقاليم حصة من ميزانيتها العامة في حين هي غير مسموح لها بمشاركة الاقاليم بما يدخل لها من عائدات او ايرادات سواء من الثروات الوطنية اوغيرها وذلك طبقا للنص ( تتكون ايرادات الاقليم من الحصة المقررة من الموازنة العامة للدولة ومن موارد الاقليم المحلية).وعليه فيتوجب تعديل النص بذكر جميع ثروات الوطن وتوزيعها بشكل منصف وعادل بما يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد.

د ــ حقوق المرأة ــ لم يأبه الدستور بحقوق المرأة في المساواة ؛ على الرغم من النص الذي يؤكد على ان العراقيين متساون امام القانون بغض النظر عن الجنس.... الخ وما وقعته الدولة من مواثيق ومنها وثيقة حقوق الانسان الصادرة عام 1948 والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة عام 1979 والاعلان العالمي الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة اضافة الى ما نص عليه الدستور نفسه في المادة (44) حينما اكد على ان ( لجميع الافراد الحق في التمتع بكل الحقوق الواردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان .... ) وكما وردت مبادؤها في قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والذي يمهد لالغائه . ان بعض النصوص البائسة المتناثرة بحياء بين مواد الدستور هنا وهناك تجاه حقوق المرأة دونما فصل يجمعها ويضيف عليها ويقوي سندها لكي تعبر بحق عن نصف المجتمع ــ كما يقال ــ كانت مخجلة ومتهافتة ؛ لم تمنح حقا ولم تبعد باطلا ؛ بل ارادت( ذكورية) لجنة اعداد الدستور( وخلفها المايسترو ) ان تكون نصوصا باهتة محجبة مهملة في تكايا وزوايا الماضي السحيق تطل بين حين اوآخر من ( شناشيل ) الحريم لتــعلن بأنها لاتمثل الا تلك المجموعة من النـــسوة الغارقات بسوادهن والقابعات بمساكنهن والمطيعات لاوامر بعولهن !!! . ان الواجب القانوني والاجتماعي يقضي بضرورة اعادة النظر جديا بتلك النصوص المتهافتة لكي تصاغ مجددا بروح العصرومداده لتمثل رغبات اكثرية الشعب العراقي لا اقلية هذه الطائفة او تلك ! ولكي تستتجيب بالتالي( وعلى الاقل) الى نص المادة (2 اولا ب؛ج)التي تؤكد على اانه ( لايجوز سن قانون يتعارض مع مباديء الديمقراطية؛ و لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور ( انتهى ).
وتأسيسا على كل ما اوردناه يتضح جليا ؛ ان التماسك الجدي وتفعيل المباديء الاهم المطروحة في اعلاه وهي ( تحديد الهوية ؛ والموقف الحاسم من الفيدرالية ؛ وتوزيع الثروة الوطنية وحمايتها من كل نهب ؛ وحصول المرأة على كامل حقوقها طبقا للمواثيق الدولية ) انما سيثبت من وحدة الوطن ؛وسيزيل عار ( الطائفية والعرقية والاثنية ... الخ ) لانها زبد عائم على السطح ؛ ولا يمكث بعدها الا الايمان بوحدة الوطن الموحد .
هكذا ثبتنا موقفنا وهكذا نؤكده دائما وابدا .
وختاما : معذرة للاستاذ الدكتور ( س . ن ) ان استشهدت ببيت للشاعر الكبير اسماعيل صبري يقول :

عبر كــُّلهـا الليالي ولـــــــكن
أين من يفتـح الكتاب َ ويقرا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليونيسف: لدينا نحو 100 مليون طفل وشاب في القارة الإفريقية م


.. شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على محيط خيام النازحين غربي م




.. اعتقال سائحة أميركية اقتحمت مسجدا في يافا.. واعتلت منبره


.. اليونيسف: الأمور ستصبح أسوأ إذا لم يتم وقف إطلاق النار في غز




.. اعتقال نشطاء مناخ اقتحموا بطولة جولف في أميركا