الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هو عصر قمع الصحفيين في المغرب؟

عبد الحق لشهب

2007 / 8 / 11
الصحافة والاعلام


تشهد الساحة المغربية تصعيدات جديدة ضد حرية الرأي والتعبير؛ رغم الحديث المتواصل حول مطالب الصحفيين بصيغة قانونية تكفل منع حبس الصحفيين في قضايا النشر.
ويبدو أن الحكومة المغربية لا ترغب في الكف عن ممارساتها هذه التي ينتقدها الجميع تجاه الصحافة والصحفيين وحرية الرأي، بالرغم من تأكيدات الملك محمد السادس المستمرة على مبدأ حرية التعبير وحرية الصحافة، وهو ما تناقضه الاعتقالات والأحكام الصادرة بحق صحفيين مغاربة في قضايا نشر.
حرية الصحافيين أصبحت مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى . فالزميل مصطفى حرمة الله ما يزال يقبع وراء القضبان بسبب تهمة " اخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة " ، أما الزميل عبد الرحيم أريري مهدد في كل لحظة بالعودة الى السجن متى صدرت الأوامر بذلك. والزميل رضا بنشمسي مهدد هو الآخر بالسجن فقد تم حجز مجلتيه "نيشان" الصادرة بالعربية بسبب نشرها "افتتاحية و جملة من المقالات تضمنت عبارات تتنافى مع الأخلاق و الآداب العامة ، و تمس بمشاعر المسلمين و بالحياء. كما تشكل علاوة على ذلك اخلالا بالاحترام الواجب بالملك." "تيل كيل " الصادرة بالفرنسية لنشرها " أقوالا تشكل اخلالا بالاحترام الواجب للملك " حسب ما قاله وزير الداخلية المغربي.
أما قيدوم الصحافة المغربية مصطفى العلوي يتابع بابتدائية الرباط أمام الغرفة الجنحية من أجل تهم "نشر بسوء نية نبأ زائف ووقائع غير صحيحة و مستندات مدلس فيها منسوبة للغير ".
ان مانراه اليوم ، من حرب ضارية بين النخبة المؤثرة بأسلوبها الجديد في الوسط الصحافي و بين أجهزة الدولة ، وضع مريب و استثنائي .قد يدفع من جديد إلى هجرة الصحفيين. مما يمكن أن يعاد معه تكرار مآسي الذاكرة السياسية التي عرفها المغرب في مراحل تاريخية عصيبة و مظلمة . و بالتالي فتح المجال أمام تبني و تشكل جبهة رفض في المحيط الخارجي للمغرب خاصة في فرنسا و اسبانيا ، كرد فعل على تقليص هامش الحرية محليا. و استنادا إلى الدور الخطير والدقيق الذي تلعبه الصحافة الوطنية النوعية (صحافة الرأي ) كآلية ضرورية توفر للمواطن عبر المعطيات الواردة في صفحاتها الأرضية التمهيدية لبناء مواقفه، فانه من غير اللائق أن تحاول الدولة احتواء هذه الصحوة الصحافية و إفراغها من محتواها التأطيري و التوعوي و منعها من أداء رسالتها .
صحيح أن المتتبع للممارسة الصحافية الوطنية يقتنع بحتمية مراجعة واقع القطاع و ضرورة هيكلته في إطار تكريس أخلاق المهنة ، و إيقاف تسلل المتطفلين و المنتفعين الذين لا هم لهم سوى مراكمة الامتيازات على حساب الحد الأدنى من أسس المهنة .إنما شعار المراجعة الذي سمعناه ولمسناه في النقاشات المستديرة و المدارة بشكل رسمي ، تريد أن تحتفظ لنفسها بالسلطة الاحتكارية الأحادية لما يسمى بقواعد تنظيم القطاع ، و هذه الرؤية المغلقة هي مؤشرات عن عملية التصفية التي تهيأ ضد نوعية من الصحفيين بسبب توجهاتهم الإعلامية.
و هنا نستغرب كون طبيعة هذا الإسرار الرسمي ، يريد التعامل مع هذا القطاع كأنه مشكل من و كالات عمومية ملزمة بتعاقدات نظامية تفرض على الصحفيين (كتابة و تحريرا و إخراجا) وفق الضوابط و اللوائح المرسومة لها سلفا ، حتى تصل إلى درجة التعبير الصحفي التقريري الذي يبتعد عن أي تفاعل نمطي مع الأحداث المواكبة و هموم الناس و مشاغلهم . إن هذه الرغبة الرسمية الجامحة في إحاطة العمل الصحفي وكل العاملين فيه بسياج الإخضاع، ستؤكد الأيام بأنه حلم أسطوري ، وفهم غير سليم لطبيعة الجنس الفكري الذي تنتمي إليه اللغة الصحافية المكتوبة ، و ذلك لسبب بسيط جدا ، هو أن هؤلاء العاملين على تدمير هذا الخط التحريري ، و ترويضه داخل إسطبل المدجنين اكتشفوا أن التاريخ هزم أكثر من مرة و كذب في أغلب المحطات أن تسخير السلطة للصحافة بشكل مطلق أمر غير متاح لا في الماضي و لا في الحاضر و لا المستقبل.
لهذا ﻔﺇن من قدر لهم تسيير شؤوننا مدعوون بالتخلي عن أنانية الحكم ، و بالتالي النظر بشكل تركيبي للفعل الصحافي الوطني المتجدد ، وفهم نسق حركيته الكمية و الكيفية ، و معرفة مخاضاته و تقلبات مفاهيمه خارجيا و داخليا، و بذلك يمكن أن تنمو لديهم قناعات هادئة و حكيمة ، تبتعد عن ردود الأفعال و تنخرط في مشروع عصري حداثي لإصلاح منظومة الإعلام الوطني لكن عبر بوابة المهنيين و باقي الفاعلين ثانيا.
إن المخزن البئيس بالمغرب يريد أن يبين عن (حنة يديه) في قمع الصحفيين . لما فشل فشلا ذريعا في حل مشاكل العباد، مضى يخفي فشله وبؤسه وارتجاله بممارسات قمعية يستعمل فيها الاعتقال و المحاكمات الآليات التنموية الوحيدة التي يتقنها ويعرف استعمالها.
لقد رحل ادريس البصري (وزير الداخلية المخلوع) و بقيت أساليبه في وزارة الداخلية التي لا تنتمي إلى العهد الجديد الذي يقوده ملك شاب أعطى إشارات قوية لإحداث قطيعة مع ممارسات الماضي التي لا تشرف بلادنا. لكن لا حياة لمن تنادي بوزارة الداخلية التي مازال الحنين يراودها للرجوع إلى أساليب الماضي وتوريط بلادنا في مسائل هو في غنى عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة