الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقفون خارج التأريخ

طلال الغوّار

2007 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



نعيش اليوم واقعا في غاية الصعوبة والتعقيد عن كل ما مضى، ونمر بتحديات كبيرة لا تكفي الوسائل المعرفية، على كل ما لها من دور وأهمية، لمواجهة ما يتم تخطيطه ضدنا كوطن وأمة. فقد كان المشروع الأمريكي - الصهيوني وبكل ما يمتلك من إمكانيات مادية ووسائل إعلامية متطورة أصبح اليوم احد ابرز الحقائق التي تواجه وجودنا وكل مقوماته، فالإنسان العربي مستهدف وتجري مصادرته توجها ودورا وصولا إلى تفريغه من قيم وجوده ورؤيته الإنسانية وذاكرته الوطنية والقومية.
ان المخطط الأمريكي بقوته وطغيانه وأساليبه التدميرية والذي يشكل الجانب الثقافي فيه بعدا رئيسا، قد أصبح عملا إجرائيا يمارس على ارض الواقعوكل هذا يتم للحد من قدرات الإنسان وتحجيم طاقاته الإبداعية. هذه الطغيانية تشكل اعتى وأشرس سلوكية على مر التاريخ والغريب في الأمر ان أمريكا تعتمد أسلوب الرفض للأخر والعمل على إبقائه في حالة التبعية التي تجرده من أرادته الإنسانية.
وإمام هذا الواقع الصعب يقف المثقف أديبا كان أم كابتا ومفكرا بتساؤله، هل ينزع عن نفسه وأفكاره الكثير من الرؤى والمسلمات من سابقة أم ابتكر طرائق مواجهة جديدة منسجمة مع معطيات الواقع ومتغيراته، أم يصبح إنسانا مسالما وطيعا، لا صوت له معبرا عن احتجاجه على الواقع وفي هذا الموقف الأخير وهو ما ينشده المخطط العولمي الأمريكي، ليجعل من المثقف حالة امتثالية له وتدخله في المأزق الصعب لتصادر منه حتى عالمه الذي يبتكر، ليبدأ الانحراف عن مساره الحقيقي ويدخل في حالة الوهم وتعطل كل حالاته الإبداعية وقدرات التجاوز.
فالأديب بطبيعته يمتنع عن الخضوع للقوى التي تواجه إرادة الإنسان، وفي هذا الموقف فانه بذالك يساهم في حالة الاكتمال الإنساني ويتحدى الخواء الروحي والرضا عن ألذات.
وإذا كان هناك مثقف أو أديب أو مفكر كان من يبرر توا طأه مع هذا الواقع، وخصوصاً واقع الاحتلال في العراق وينزع عن نفسه حالة التحدي وقدرة الاستشراف للمستقبل، فانه بذالك أساء إلى حاضر الثقافة ومستقبلها ناهيك عن أساءته للموقف الإنساني الذي يجب ان يكون له الدور الريادي في ذالك.
ان المثقف والأديب إذا كان يعيش في واقع تسيجه سلطة الأخر وتحدد مساره كيفما تريد، فان الأمر الغريب في ذالك هو القبول به والخضوع له... تحت ذريعة الأمر الواقع والعقلانية فإذا به ينشر روح المسكنة ليلقي بضلالها على الحياة وهنك من وضعوا أنفسهم أبواقا مأجورة لقوى الاحتلال، ليطلوا علينا في هذه الصفحة أو في تلك الفضائية، وهم يسوقون لثقافة المحتل التخريبية باسم هذه الفئة أو الطائفة أو تلك ويطالبون ﺒ(حقوقها) وكأن لا وطن لهم خارج هذا الانتماء إلى هذه (الفئة) أو هذه (الطائفة) ونسو أو تناسوا ان لهم وطن جريح تحت حراب الاحتلال..
ان النتاجات الثقافية الإبداعية لن يكتبها أناس يغمضون عيونهم عن ما يجري في الواقع ولا يمتلكوا الشجاعة في الكشف عن ما يخفية هذا الواقع فالخوف لا ينتج فعلا مؤثراً في الحياة. ان من يسلك هذا الطريق سيظل حالة هامشية في الحياة بل سيصبحون خارج التاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا