الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقر في العراق .. بين الأمس واليوم

حسن طبرة

2007 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مرت على المجتمع العراقي سنوات طويلة من الحروب والويلات وعدم الإستقرار من جميع النواحي الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ، والتي بدورها لعبت دوراً مهما في بروز مشاكل عديدة ومتنوعة لايزال المجتمع العراقي يعاني منها أو من آثارها إلى يومنا هذا ، ومن هذه المخلفات إنتشار ظاهرة الفقر وإستفحالها بصورة كبيرة ، حيث إنتكست المستويات المعاشية للعائلة العراقية وخاصة في فترة الحصار الإقتصادي بعدما كانت العائلة العراقية تتمتع بشيء من الرفاهية والمستوى الإقتصادي الجيد وخاصة في أوساط الطبقة الوسطى في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، وإستمرت معدلات الفقر في تزايد مستمر بسبب السياسة العرجاء إلتي إتخذها رئيس النظام المخلوع لبناء دولته الشمولية وجعل نفسه الزعيم الوحد في البلاد .
بالإضافة إلى الحصار الإقتصادي الذي أثقل كاهل المواطن العراقي عمل النظام السابق على تطبيق سياسة التجويع فضلاً عن سياسة الحكم بالحديد والنار لقمع أي محاولة لقلب نظام الحكم في بغداد ، حيث عن طريق هذا الإسلوب يتم نقل تركيز المواطن العراقي من التفكير في الإمور السياسية إلى التفكير في الحاجات الأساسية من أمور المعيشة وصعوبة الحصول على الغذاء والدواء والحاجات الأخرى الضرورية لكل إنسان على وجه البسيطة .
ومن مصاديق سياسة التجويع إستخدام وسيلة تقليل رواتب الموظفين إلى حدود دنيا بحيث إصبح لايسد حتى تكاليف النقل للموظف من وإلى الدائرة التي يعمل فيها ، وكذلك السيطرة الكاملة على إقتصاد البلد .
أما الآن وبعد مرور أربع سنوات على سقوط النظام ولنكون منصفين يمكن أن نقول إن بعض التحسنات قد طرأت على المستوى المعاشي للفرد العراقي وخاصة بعض الموظفين الذين تم تعديل رواتبهم وتحسينها ، إلا أنه ماتزال هنالك فئآت كبيرة من المجتمع العراقي تعاني من سطوة الفقر والجوع والحرمان ، وقد يعود ذلك للأسباب التالية :
أولاً : بعد بروز ظاهر التهجير الطائفي والذي شمل عدد كبير من العوائل العراقية من شتى الطوائف وفي مناطق مختلفة من العراق تسبب ذلك بمعانات كبيرة وقاسية لتلك العوائل ، وبالتالي زيادة نسبة الفقر وذلك لأن أغلب العوائل الهاربة من العنف الطائفي الذي حصد الكثير من أبناء البلد تركوا كل مايملكونه من أموال ومساكن وحاجيات ومصادر للعيش وفروا بأنفسهم وأهاليهم خشية على البقية الباقية منهم من القتل ، فإستوطنوا بذلك الخيام التي نصبت لهم في الأماكن المقفره من ضواحي المدن بعيدين عن كل مصادر الخدمات ومستلزمات العيش مما أوجد كوارث إنسانية تتهدد تلك العوائل .
ثانياً : إنتشار الجهل والأمية الذي شمل قطاعات واسعة من الشباب والنساء الذين تركوا الدراسة أما لغرض إكمال الخدمة العسكرية والولوج في ميدان العمل بالنسبة للشباب وعدم القدرة على تغطية تكاليف الدراسة بالنسبة للفتيات ، وكذلك سيادة النظرة الخاطئة من عدم جدوائية الدراسة ونيل الشهادات العلمية مما أفرز العديد من الشباب الذين لايمتلكون الشهادات العلمية التي تمكنهم من الحصول على الوظائف وتأمين مصادر العيش لهم ولعوائلهم .
ثالثاً : تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي الذي بات يزعزع كيان الدولة من النواحي الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ، والتي تتمثل بالإختلاسات الضخمة التي تأخذ من المال العام وتذهب إلى الحسابات الشخصية للمسؤولين الحكوميين ، وبالتالي تركز الأموال الضخمة في أيد فئة قليلة من المجتمع ، وحرمان الأكثرية من الناس من الخدمات الضرورية من الماء والكهرباء والمشتقات النفطية على أنواعها وبالتالي إثقال كاهل المواطن العراقي في سبيل الحصول على تلك المستلزمات بأسعار باهضة مما أضاف أعباءً جديدة على أعبائه كأعتماد أغلب العوائل على كهرباء المولدات وشراء المشتقات النفطية بأعلى الأثمان.
رابعاً : الرواتب الضخمة التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون ونواب البرلمان بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التي تصرف على الحمايات الشخصية لهم وتكاليف الإيفادات التي أخذت حيزاً كبيرا من الميزانية العراقية ، في حين يعاني الكثر من موظفي دوائر الدولة والمؤسسات الحكومية كالمعلمين على سبيل المثال من قلة الرواتب وعدم كفايتها لسد حاجات عوائلهم .
خامساً : تركيز الحكومة العراقية الذي بات منصباً على النواحي الأمنية والعسكرية الذي دعى إلى إهمال المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها المجتمع من غلاء الأسعار بصورة عامة وصعوبة الحصول على الوظائف ، وكذلك أنهيار الصناعة الوطنية الذي أصاب الكثير من المصانع و المعامل بالشلل نتيجة منافسة الكثير من البضائع الأجنبية التي غزت الأسواق العراقية .
هذه وغيرها من الأسباب التي لايسع المجال لذكرها لتعددها وتنوعها والتي أدت إلى زيادة نسبة الفقر في العراق ، وتحتاج هذه الظاهرة لغرض علاجها والحد منها إلى تظافر الجهود من قبل المسؤولين الحكوميين وتعاونهم في سبيل ذلك والعمل بجد ومصداقية في سبيل إيجاد حلول ناجعة لها ، لذا ينبغي على الأجهزة التنفيذية في الحكومة العراقية أن تقوم بالأمور التالية :
أولاً : الإلتفات إلى العوائل المهجرة ومساعدتهم في تخطي محنتهم بتوفير المساكن والخدمات اللازمة لهم وتوفير فرص العمل للعاطلين منهم لتأمين مصادر رزقهم والعمل على بسط الأمن في كافة المناطق المتوترة لإيقاف عمليات القتل والتشريد والتهجير القسري .
ثانياً : إعادة تأهيل الشرائح الإجتماعية التي حرمت من فرص التعليم ووقعت فريسة للجهل والأمية وذلك لغرض نيل فرص العمل المناسبة .
ثالثاً : العمل على مكافحة الفساد الإداري والمالي الذي إستشرى في المؤسسات الحكومية عن طريق تعزيز دور مؤسسات مكافحة الفساد في العراق ألا وهي هيئة النزاهة العامة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات المختلفة ودعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل في هذا السياق .
رابعاً : العمل على تعديل رواتب المسؤولين التي بلغت حدوداً فاحشة وكذلك رواتب البرلمانيين الذي يأخذون مبالغ مالية كبيرة لاتتناسب مع الجهود المبذولة من قبلهم ، علماً إن عدد كبير من النواب في تغيب مستمر عن جلسات البرلمان .
خامساً : تفعيل قانون الضمان الإجتماعي والإهتمام بالفئآت الإجتماعية المحرومة من مصادر العيش الجيدة كالأيتام والأرامل والمعوقين والمشردين وغيرهم ممن هم بحاجة إلى المساعدة لكي يعيشوا حياة كريمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر