الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراهقة ( 4 ) الرعاية لابد أن تشمل الجميع

أحمد نصار

2003 / 10 / 7
العلاقات الجنسية والاسرية


 

ينبغي أن نؤكد أولا على مبدأ أن المجتمع مسئول عن جميع أفراده مسئولية متساوية لايفرق بين فرد وآخر على أساس من الجنس أو اللون أو الدين ، وينبغي أن تمتد هذه المسئولية أيضا لتشمل الأفراد المحسوبين -  تجاوزا – خارجين على النسق الأخلاقي للمجتمع ، حيث أن هذا الخروج لأعداد متزايدة من الأفراد هو دليل أزمة هذا النسق ودليل عور ظاهر لايمكن غض النظر عنه ، ولما كان البقاء تحت مظلة النسق الأخلاقي للمجتمع لم يعد يضمن الصحة النفسية والجنسية والإنجابية للأفراد ، حيث يقضي هذا النسق بمصادرة النشاط الجنسي للفرد وعدم السماح به إلا من خلال شكل إجتماعي وحيد صعب المنال غالي التكلفة ( الزواج ) ، وينفق المجتمع من جهده وطاقاته وإهتمامه الكثير من أجل ترسيخ قيمة المصادرة ، ويجند في سبيل ذلك كل أجهزته المسئولة عن تشكيل الوعي ، وهذا الإصرار المجتمعي على إحكام القبضة وتدعيم المصادرة لايخفف من الأزمة بل يدفع بها نحو النقطة الحرجة –critical point  - وهي النقطة التي ببلوغها يحدث تغيرا حتميا لايمكن منع حدوثه ، أى أن المجتمع المصري يدفع أفراده في إتجاه معاكس تماما لما يدعى أنه حريص علي منع حدوثه ،
ومن منطلق أن المجتمع مسئول مسئولية كاملة عن كل أفراده الملتزمين منهم والغير ملتزمين ، وينبغي عليه توفير الحياة الآمنة لكل أفراده وحمايتهم من الأخطار ، بل وتقديم الرعاية الكاملة للفئات الأكثر تعرضا للخطر –high risk – على أن تشمل هذه الرعاية الخدمات الوقائية وكذلك الخدمات العلاجية ، والمراهقون والمراهقات وكل من هم في سن النضج الجنسي وعاجزين لأسباب إقتصادية عن الزواج هم من الhigh risk التي ينبغي شمولها بالرعاية ، مثلهم في ذلك مثل غيرهم من الفئات الأخرى التي يوليها المجتمع إهتماما خاصا ، بل ينبغي أن يكون هذا الإهتمام متناسبا مع حجم هذه الفئة وأهميتها بإعتبارها تمثل نصف الحاضر وكل المستقبل – كما يقولون دائما - ، ومن أهم المخاطر التي تقترن بالنشاط الجنسي لهؤلاء :-

1. الحمل غير المرغوب

 والذي يمثل جريمة أخلاقية قد تدفع الفتاة حياتها ثمنا لها بسبب العنف الأسري من جانب الأب أو الأخ أو أحد أفراد العائلة – ومن غير المستبعد أن يكون قاتلها هو ذاته شريكها في الفعل الجنسي – ولكي تتجنب الفتاة هذه العواقب تلجأ للإجهاض والذي غالبا مايتم في ظروف غير آمنة طبيا وصحيا وبمساعدة ممن لايملكون الدراية والمعرفة اللازمة فينجم عن ذلك الكثير من المضاعفات الصحية الخطيرة والتي قد تبلغ حد الوفاة ، ولنا أن نتصور بشاعة الأمر فالقتل ينتظر هذه الفتاة إما بيدها عن طريق الإجهاض غير الآمن أو بيد آخر يعتقد أنه يغسل العار ، ويحدث الحمل غير المرغوب عادة نتيجة لعدم إمكانية الحصول على المعلومات والخدمات ، وكذلك نتيجة الإتصال الجنسي المباغت وغير المخطط والمقترن دائما بشبهة الإغتصاب أو العنوة أو إستغلال النفوذ ، أو الإتصال الجنسي العشوائى دون حماية – not safe sex - ، وأخيرا قد يكون بسبب عدم فاعلية وسيلة منع الحمل المستخدمة ، إن هذه العوامل المؤدية إلى حدوث الحمل غير المرغوب ينبغي مواجهتها عن طريق إرساء الأطر القانونية لحماية الشابات من العنف والإيذاء الجنسي وينبغي للجهود التعليمية أن ترسخ لدى الشباب والشابات على السواء مبادئ إحترام الحرية الشخصية لشركائهم المحتملين والتوعية بمخاطر الإتصال الجنسي العشوائى أو المباغت ، وكذلك توفير المعلومات عن خدمات منع الحمل وتلبية إحتياجات طالبي الخدمة من وسائل ومشورة وتدريب مقدمي الخدمة علي إحترام رغبة العملاء ، إننا مطالبون بتنمية الشعور بالمسئولية في النشاط الجنسى لدى الشباب ودفعهم إلى تأخيره من خلال برامج التوعية وتشجيع الأنشطة المختلفة ، ولكننا في ذات الوقت مطالبون بتوفير الحماية اللازمة للناشطين جنسيا

2. الأمراض المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي

 وهي مجموعة من الأمراض تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الإتصال الجنسي ، وغالبية هذه الأمراض بسيطة وسهلة التشخيص والعلاج ، ولكن بعضها الآخر خطير جدا وله مضاعفات جسيمة يمكن أن تهدد المرأة بالعقم أو الحمل خارج الرحم ، ومن هذه الأمراض الزهري والسيلان والكلاميديا والهربس والسنطة والإلتهابات الفطرية والقرحة الرخوية وقمل العانة والجرب والإلتهاب الكبدي الفيروسي ب وأخيرا الإيدز .
ويبلغ إنتشار الأمراض المنقولة جنسيا أوجه بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما والشابات عموما أكثر تضررا من هذه الأمراض وأكثر عرضة للمضاعفات حيث تحول ثقافة المجتمع بينهن وبين الشكوى وتلقي العلاج ، والفتيات الأكثر فقرا هن الضحية الأكبر حيث يتعرضن أكثر من غيرهن لتجارب الجنس العشوائى والغير مخطط ، كما يتعرضن لإغراء مقايضة الجنس بمزايا إقتصادية وإجتماعية ، ولا يملكن قوة التفاوض مع شركائهن في الإتصال الجنسى حول ضرورة إتباع الشروط الصحية لمنع إنتقال المرض ، وأخيرا هن الأكثر عرضة لتبدل وتغير الشركاء في فترة نشاطهن الجنسي الممتدة بحكم نقص سن البلوغ وإرتفاع سن الزواج ،
إن تثقيف الشباب والشابات بضرورة اللجوء إلي طبيب فور ظهور أحد أعراض الأمراض المنقولة جنسيا مثل إفرازات تناسلية ذات لون أورائحة غير طبيعية ، أو ظهور آلام أسفل البطن أو الحوض مع إرتفاع درجة الحرارة ، أو ظهور حبوب أو قرح أو أورام على الأعضاء التناسلية ، أو وجود هرش أو حكة في المنطقة التناسلية ، أو حرقان أو عسر التبول ، أوضعف عام وتكرار الإصابة بالإلتهابات والأمراض ، ويصاحب تثقيف الشباب والشابات عملية إعداد للأطباء ومقدمي الخدمة تعتمد أساسا على أن الدور المناط بهم هو تقديم المشورة والعلاج والرعاية اللازمة لطالبي الخدمة ، وليس تقديم الوعظ والإرشاد وإبداء الإمتعاض والإستنكار، فهناك مؤسسات أخري في المجتمع تقوم بهذه الأدوار ، وليس من المفيد أن ننافسها جميعا في أدوارها ونترك واجبنا الرئيسي الذي يصعب ويستحيل أن يقوم به غير الأطباء ومقدمي الخدمة إن الإبتعاد عن الإتصال الجنسي العشوائى أوالمباغت أوالغير مخطط يساعد كثيرا في الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا ، وإن إستخدام الواقي الذكري يمنع الإصابة ، والإتصال الجنسي بأكثر من شريك /شريكة يزيد من فرص الإصابة ،
 هذه القضايا ينبغي توعية الشباب والشابات بها حتى نضمن سلامتهم وصحتهم الجنسية والإنجابية التي أصبحت اليوم من حقوق الإنسان التي يكفلها له المجتمع من خلال تطوير ثقافته وإطاره القانوني ونسقه الأخلاقي ، لامن خلال التغافل وعدم الإكتراث وترك النار تشتعل تحت الرماد ، ولابد للرعاية أن تشمل الجميع دون أستثناء ودون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو الوضع الإقتصادي والإجتماعي .

                                                         د/ أحمد نصـــــار









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهرب من الزواج.. ينتشر بقوة.. وقد يستدعي تدخل طبيب!


.. 16 امرأة يتهمن الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد باعتداءات جنسية




.. لا تشكو المهر وغلاء الأسعار قد تكون مصابا بفوبيا الزواج | #ا


.. مصر.. سائق يحاول اغتصاب فتاة في القاهرة • فرانس 24 / FRANCE




.. يارا لابيدوس: قصّة امرأة عبّرت الموسيقى عن حنينها وعن جذورها