الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقابة للصحفيين أم جهة إدارية

رمضان متولي

2007 / 8 / 13
الحركة العمالية والنقابية


العمل النقابي مسئولية كبيرة أثبت أعضاء مجلس نقابة الصحفيين المصريين أنهم غير مؤهلين لتحملها، بل أنهم صرحوا بذلك علنا ضمن المبررات التي يسوقونها لرفض انضمام الصحفيين العاملين في صحف تصدر بتراخيص أجنبية في مصر.

فمسئولية العمل النقابي تفترض في أي مؤسسة نقابية أنها تنظيم طوعي للعاملين في المهنة الواحدة مهمته الدفاع عن مصالح هؤلاء العاملين وتحسين شروط عملهم في المقام الأول والوقوف بجانبهم عند محاولة أصحاب العمل العصف بحقوقهم بغض النظر عن هوية صاحب العمل أو اللافتة التي يعمل تحتها.

ومع ذلك، يرفض مجلس نقابة الصحفيين الحالي بقيادة الأستاذ جلال عارف أن يتحمل مسئوليته في الدفاع عن الصحفيين، ويحاول التخلص من هذه المسئولية برفض انضمامهم إلى النقابة من الأساس بدعوى أن صحفيي جرائد المال ونهضة مصر والعالم اليوم يعملون في صحف تصدر بتراخيص أجنبية.

إن هذه الحجة الكوميدية لا تستطيع أن تخفي تخاذل مجلس النقابة تجاه مسئولياته. فكيف نتصور مثلا أن يقرر مجلس نقابة عمالية رفض انضمام العمال الذين يعملون لدى فرع لأحد الشركات الأجنبية في مصر على أساس هوية الشركة! هذا الموقف يصل إلى حد الخيانة للعمال ويمثل تواطؤا من مجلس النقابة مع ملاك المصنع أو الشركة لحرمان هؤلاء العمال من مظلة الحماية النقابية.

هذا بالضبط ما فعله مجلس نقابة الصحفيين الحالي الذي تخاذل عن مواجهة كل ما يتعرض له الصحفيون من عصف بحقوقهم وحرياتهم، من أول التوسع في القوانين التي تجيز سجن الصحفيين إلى الغرامات الكبيرة التي فرضت عليهم في جرائم النشر، علاوة على إهانة الصحفيات أمام نقابتهن على أيدي الأمن وبلطجية الحزب الوطني، وتحول إلى جهة إدارية عملها الأساسي هو الإشراف على أموال النقابة وإنفاقها ومواردها علاوة على إصدار تراخيص مزاولة المهنة التي أضاف لها بدعا لا أصل لها في القانون ولا في مبادئ العمل النقابي حتى يستبعد صحفيين مصريين يعملون في صحف تصدر في مصر من عضوية النقابة.

عندما خرج الزملاء في جريدة المال وقاموا بوقفة احتجاجية أمام مبنى النقابة يوم الثلاثاء الماضي عند الاحتفال بيوم الصحفي، تحرك رجال الأمن في البداية لمحاصرة مدخل النقابة كالعادة عند مشاهدتهم لأي تجمع، وبعد دقائق قليلة أدرك رجال الأمن عبثية الموقف الكافكاوي الذي وجدوا أنفسهم فيه، فلم تكن الوقفة الاحتجاجية هنا ضد الحكومة التي تسجن الصحفيين وتصادر الحريات، بل كانت ضد مجلس النقابة الذي يفترض فيه الدفاع عن الصحفيين وعن حرية التعبير، بالذات لأن مجلس النقابة يرفض تحمل هذه المسئولية، فانصرفوا وفضوا حصارهم شامتين.

وهناك، للأسف الشديد، زملاء يكملون الدور الذي يلعبه مجلس النقابة، ويساندون موقفه الغريب، حيث كتب الأستاذ سعد هجرس في جريدة العالم اليوم يوم الأربعاء الماضي قصيدة مدح في مجلس النقابة، وتجاوز عن مبادئ العمل النقابي لينقل المشكلة إلى القانون، ويطالب بتعديل القانون.

هذا الموقف شديد الغرابة من الأستاذ سعد، حيث يعاني زملاء في جريدة العالم اليوم وجريدة نهضة مصر من نفس المشكلة، وبدلا من أن يستميت في الدفاع عن حقنا وحق هؤلاء الزملاء في الانضمام إلى النقابة، وحق الصحفيين المصريين في أن يكون لهم نقابة حقيقية وليست جهة إدارية أو جمعية خيرية لإدارة صندوق الرعاية الاجتماعية للصحفيين، بدلا من ذلك كله، يفخر الأستاذ سعد بأنه لعب دور كاسري الإضراب ووجه الزملاء في نهضة مصر إلى عدم إعلان احتجاجهم في يوم الاحتفال، وفي نفس الوقت كال المديح لأعضاء المجلس الذين تجاهلوا دورهم كنقابيين وتجاوزوا عن مبادئ العمل النقابي حتى لا يتحملون المسئولية التي انتخبهم الصحفيون من أجلها.

لابد أن نؤكد على تضامننا في جريدة المال مع زملائنا في جريدتي العالم اليوم ونهضة مصر بغض النظر عن محاولة البعض استمالة مجلس النقابة أو عقد صفقات جانبية مع أعضائه لتجزئة موقفنا أو إضعافه. إننا نؤكد لهؤلاء الزملاء على استعدادنا لأن نسير معهم حتى النهاية من أجل أن ننتصر لنقابتنا ضد نقابتهم، لأن نقابتهم هم تختصر العمل النقابي في أعمال إدارية تختص بجمعية منتفعين وتبتعد عن المسئولية الأساسية في حماية ورعاية حقوق الصحفيين سواء العاملين في جرائد مصرية أو جرائد أجنبية تصدر في مصر.
قانون النقابة الحالي بكل تأكيد تجاوزه العصر، ومع ذلك مازال هذا القانون أفضل كثيرا من اللائحة غير القانونية التي يعمل على أساسها مجلس النقابة، ورغم بعض البنود التي وردت في القانون والتي تربط النقابة بالنظام السلطوي الذي ساد في الستينيات والسبعينيات، إلا أنه في مجمله أكثر ديمقراطية بكثير من لائحة المجلس الحالي، التي يعمل على أساسها رغم عدم عرضها على الجمعية العمومية. فهذا القانون يسمح للصحفيين العرب والأجانب الذين يعملون في مصر بالانضمام إلى نقابة الصحفيين المصريين، أما لائحتهم فإنها ترفض الصحفيين المصريين الذين يعملون في مصر لمجرد أنهم يعملون في صحف تصدر بترخيص أجنبي، ورحم الله قوما كانوا يعقلون ويدركون مغزى العمل النقابي ومبادئه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسبانيا تستدعي سفيرتها من الأرجنتين احتجاجا على إهانة من رئي


.. المرشد الإيراني: المسؤولون يتعاملون بشكل جدي ولن تتعطل شؤون




.. بعد إلغاء إسرائيل تصاريح عمليهم.. آلاف العمال يفقدون مصدر رز


.. ما انعكاسات البطالة في قطاع غزة؟




.. إضراب شامل في جنين حدادا على اغتيال القيادي إسلام خمايسي