الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي في سوريا 3 مسؤولية الدين ؟

سلطان الرفاعي

2007 / 8 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كثيرة هي الأمثال والآيات والسور والحكم والمزامير ، التي تتحدث عن المقهورين والمسحوقين والفقراء ، والمهمشين في هذه الحياة .
ولكن أين هو موقع الدين من هذا الصراع ؟ أيقف مع الظام أم مع المظلوم ، مع القاهر أم مع المقهور ، مع المسؤول أم مع المواطن ؟
حتى موقف الحياد ، أمر غير مقبول من الدين ، وغير ممكن . فمسألة هذا الصراع ، لا تُطرح من جهة قبول أو إنكار واقع يفرض نفسه في هذا المجتمع ، فكما أسلفنا ؛ المطلوب هو معرفة الجهة التي ينحاز اليها الدين . وحينما يتجاهل الدين الاعتراف بوجود هذا الصراع ، فإنه يتصرف ، من الوجهة الموضوعية ، بصفته جزأً ، شريكاً، مع النظام الحاكم . ذلك لأن النظام يسعى فعلا الى الإبقاء على الصراع في الوقت الذي ينكر وجوده . كما أن استمرار الصراع يؤمن للنظام استمرار الانقسامات الاجتماعية التي عليها ترتكز الامتيازات التي تتمتع بها المافيات المسيطرة في المجتمع والمستفيدة من هذا الوضع . وهو موقف متناقض لكل نظام ، يُظهر اعتداده بالمساواة أمام القانون ، في حين يستمر في سعيه للاحتفاظ بامتيازاته .

أديان المحبة والرحمة والسلام :
لمن المحبة ،؟ لمن الرحمة ؟ لمن السلام؟
لا يستطيع الدين أبدا ، أن يتجاهل هذا الصراع الطبقي ، وهو يعيش في المجتمع أيضا ، ولا يقف خارجه . فهناك في كل دين ، جماعات ، ينتمون الى طبقات متصارعة ، فمنهم من ينتمي الى الطبقة الحاكمة ، ومنهم من ينتمي الى الطبقة المقهورة ، وهذا يعني أنه في كل دين هناك جماعات تخضع بالفعل للانقسامات الاجتماعية . فمن غير المعقول أن نتحدث عن وحدة الدين بدون أن نأخذ في الاعتبار هذا الصراع الملموس . ومما يؤسف له أن هذه الاعتبارات غير موجودة بالقدر الكافي في الطريقة التقليدية لمعالجة موضوع وحدة الدين ، أي دين ، ودليلنا هو غياب الاهتمام بالصراع الطبقي في الكثير من الخطب والندوات والنشرات ، والتي يُلقيها رجال الدين في أتباعهم .
إن محاولة تغطية الصراع الطبقي هذا في المجتمع ، وتجاهله ، داخل الكنيسة والجامع ، بالكلام ، عن الأجر السماوي للفقراء ، وعن المكافآت المجزية للمواطن المؤمن ، في دار النعيم فقط : يعني الانحياز النهائي الى الطبقة المسيطرة ، كما أنه محاولة لتزييف الواقع الحقيقي لهذا الصراع . وكل ذلك بحجة موقف روحي ديني ، يحاول أن يضع نفسه فوق امور الزمنية .
الاعتراف بواقع الصراع الطبقي ، وبالمهمشين والمواطنين المقهورين من أبناء الشعب ، والعمل الصادق والوجداني ، على إزالته ، لن يُحسبا لرجال الدين إنكارا للرسالات السماوية ، بل على العكس .
الهدف الأساسي لرجال الدين ، يجب أن يكون الإنسان المواطن المقهور ، لا المسؤول القاهر . مع اغفال كل الميزات ، التي يُقدمها القاهر ، من مآدب وولائم وسيارات ، وجاه و-----.
دخول الدين ممثلا برجالاته في هذا المعترك سيكون هو الوعاء الذي يكتشف من داخله الطريق الذي سيسمح له بالتحرر من (عطايا ) السلطة . كما سيصبح حقا علامة واضحة للمواطنة الحقة .
هناك الكثير ، الكثير ، مما يمكن قوله ، ولا يُسمح بنشره ، عن دور رجال الدين القاصر على الانحياز التام لصالح السلطة ، والتجاهل التام لصالح المواطن . وفيما لو فكرنا بتطبيق المبادئ السامية لكل الأديان ، من محبة الى رحمة الى سلام الى احترام الاخر الى العيش الكريم الى الحفاظ على الكرامة الإنسانية ، فإننا ، حتماً ، سنصطدم بالسلطة وبالطبقة الحاكمة .

الصراع الطبقي في سوريا موجود ، ولا ينفع أن ننكره ،: هناك طبقة فاحشة الثراء ، وأخرى مفهورة مهمشة . ولئن لامسنا أطراف الصراع الطبقي ، مع عدم امكانية الدخول في أعماق هذا الصراع ، فإننا قد نكون ، في صدد ازالة القشرة الخارجية لهذا الصراع ، في انتظار ، من يأتي ، ويكون أجرأ منا ، ويدخل في عمق هذا الصراع ، من أجل ازالته ، وتحقيق المساواة والمحبة والرحمة والتسامح والكرامة واحترام الآخر والعيش الكريم ، بين كل أفراد المجتمع السوري

الدين ، أي دين - وكما غيرت الأديان في السابق وجه البشرية - يستطيع ، بإبتعاده عن السلطة والسياسة ، واقترابه من المواطن الإنسان ، أن يُغير الكثير الكثير . ونحن في هذا لا نطلب منه ، الا ، العمل بمبادئه ، والغاية التي وجد من أجلها :: الإنسان المواطن .
دمشق
12-7-2007
انتهى









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -