الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الملاحقات القضائية ضد صحافيي -الوطن الآن : لو كان أريري و حرمة الله في ألمانيا ؟

محمد نبيل

2007 / 8 / 14
الصحافة والاعلام


تسجل الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام الدولية خلال الأسابيع الأخيرة، مواجهة علنية بين السلطات المغربية و الصحافة وخاصة جرائد "الوطن الآن" ، "نيشان"، و "تيل كيل" التي تصدر باللغة الفرنسية ، حيث تمت متابعة الصحافيين المشرفين على هذه الصحف ،وأحيل الصحفيان المغربيان مصطفى حرمة الله عضو هيئة تحرير أسبوعية "الوطن الآن" وعبد الرحيم أريري مدير النشر على القضاء بعد اعتقالهما يوم 17 يوليو المنصرم بتهمة "نشر وثائق تمسّ بالدفاع الوطني" ،مع إبقاء الصحافي حرمة الله رهن الاعتقال لحدود الساعة. لكن ما يهمني في هذا المقال، هو قضية أسبوعية "الوطن الآن"، نظرا لتشابه بعضا من أطوارها مع قضية وقعت بألمانيا عام 2005، ووجهت فيها تهمة إفشاء أسرار المخابرات الألمانية إلى مجلة ألمانية تدعى "سيسرو"، لذلك كان طرحي للسؤال:
لو كان مدير "الوطن الآن" عبدالرحيم أريري و الصحافي مصطفى حرمة الله بألمانيا ؟

الصحافة بين الفعل و القوة
شخصيا ،أتفادى كثيرا إجراء المقارنات بين مجتمعات متطورة و حداثية ،و أخرى يحضر فيها فقط الفرد ويغيب المواطن ، إلا أن فصول محنة صحيفة "الوطن الآن" المغربية وكيف تعاملت السلطات الألمانية مع قضية مجلة "سيسرو" ،أجبرني على ركوب صهوة هذه المغامرة .

في شهر سبتمبر عام 2005 ،قررت النيابة العامة بمدينة بوتسدام إصدار قرار يسمح للشرطة الألمانية بتفتيش مقر مجلة "سيسرو" في شباط/فبراير الماضي،و ذلك بعد مقال نشرته المجلة يتضمن أسرارا نقلت عن تقرير للمخابرات الألمانية يدور حول قضية زعيم القاعدة السابق في العراق أبو مصعب الزرقاوي. وبعد رفع رئيس تحرير مجلة "سيسرو" لشكوى في الموضوع أمام المحاكم الألمانية ،ضد أجهزة الشرطة التي اقتحمت مقر المجلة وصادرت بعض أجهزة الكمبيوتر، أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارا بشأن الخلاف حول تفتيش مقر المجلة ،وأكدت فيه أن اقتحام الشرطة لبعض إدارات الصحف في ألمانيا يعد خرقا للدستور .

لكن سيناريو قضية ما أصبح يعرف "بالوطن الآن"، مغاير تماما. فإذا كانت كلمة الفصل في ألمانيا تعود للعدالة و القضاء المستقل ،فإن الكلمة الحاسمة في مغرب اليوم ،تأتي من خارج لغة القانون ، ويكفي أن نستدل بكون خبر الإفراج عن مدير "الوطن الآن" و اعتقال الصحافي مصطفى حرمة الله تمت إذاعته من طرف الإعلام الحكومي المغربي قبل أن تنطق به المحكمة !

وبين ثنايا قضية مجلة "سيسرو" و محنة "الوطن الآن"،نكتشف غياب المؤسسات و دولة الحق والقانون ،التي دونها لا يمكن لا الحديث عن الصحافة كسلطة رابعة أو عن مشاكل الصحافة المهنية أو حتى عن تحصين مهنة المتاعب من الهفوات و المزا لق ،في عالم تتطور فيه تقنيات ولغة الإعلام بسرعة فائقة .

فمحاكمة "الوطن الآن" أو "نيشان" و "تيل كيل" ـ بغض النظر عن مضامين المقالات والتحقيقات التي نشرتها هذه الصحف ـ يعد خرقا سافرا لحرية الصحافة و التعبير ،وضربا لكل ما تقول عنه السلطات المغربية بأنه عهد جديد، بل ممارسة تعيد المغرب عقودا إلى الوراء و تفقد الدولة مصداقيتها في ظل احتجاج دولي من طرف المنظمات الحقوقية على كل المتابعات القضائية ضد هذه الصحف.

وبالعودة إلى سؤالنا الأساسي : لو كان أريري و حرمة الله بألمانيا ؟ يمكن أن نقول ببساطة : لو حدث هذا الانتقال ،لما اعتقل كل من أريري وحرمة الله على يد الألمان و لا تم ابتزاز هذا الأخير باستحضار طفله الرضيع إلى مخفر الشرطة و لا وصلنا حتى إلى محنة تدعى "الوطن الآن" ، وشتان بين الهنا و الهناك !

* صحافي وكاتب مقيم بألمانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت