الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخادعون والمخدوعون

صلاح عبد العاطي

2007 / 8 / 15
حقوق الانسان


ينتمي المؤمنون بأولويّة الحزب علي الوطن أو المصلحة الخاصة علي العامة إلى فريق المخادعين، الذين يحدون ويحيدون عن المصالح العليا ، وممارستهم تشير إلى عكس خطابهم، إما المخدوعون الذين يجب أن نتوجّه إليهم بالحديث هم الضحايا الذين يعتنقوا مبادئ تتنافى مع مصلحتهم بشكل يجعلهم جلاّدي ذاتهم يتعهّدوا بأنفسهم قيود وأغلال يرسفوا فيها.

وهنا يقتضي العمل السياسي الفكري للتحرّر مواصلة كشف الخديعة التي هي حجر الزاوية في فهم العمل العام والسياسي وذلك بتفكيك مفهوم "المصلحة العليا "التي تنتهك باسمها حقوقنا وكرامتنا.
فعمليّة التفكيك التي نراها في الطبّ يجب أن تتواصل في الميدان السياسي مثبّتة أن " المصلحة العليا" للوطن التي يبرّر بها التعذيب والتعدي علي حقوق الإنسان ليست إلا غطاء مصلحة لفئات عنيفة فاسدة وطغمة من الأفراد يمارسون الإجرام القانوني.
نعرف أيضا أن تطبيق أحكام القانون أو الشريعة بالقوة باسم المصلحة العليا لا يقع إلاّ على الفقراء والضعفاء وأنّ كبار أسماك القرش لا تعرف الجلد وبتر الأطراف لأنّها هي التي تفرضه.
لا جدال أنّ تعريف "المصلحة العليا " في غياب الشفافية والحرّية يعني التسليم بهذه المصلحة لتكون الغطاء النظري للمصالح الحقيرة التي تشكّل في الواقع والفعل النقيض الأقصى للمصلحة العليا الحقيقية.
لأنّه بقدر ما يكون تحديد المصلحة العليا مبنيّا على الحوار الحرّ والمسئول بين كلّ أطراف المجتمع بقدر ما يحصل عليها الوفاق ويسهّل قبولها والدّفاع عنها.

لنذكّر المخدوعون المقتنعون بأنّ المجتمع لا يستقيم إلاّ إذا أخضع الفرد لمجموعة بعينها؛ انه بقدر ما تكون الثقافة السّائدة والممارسة السياسية مرتكزة على تقديس المجموعة عبر أيّ شكل من أشكالها بقدر ما يكون الحكم فردانيا استبداديا، وبقدر ما تكون الثقافة السّائدة والممارسة السياسية مرتكزة على قيمة الإنسان بقدر ما يكون الحكم شفّافا وجماعيا.

إنّ ضرب صورة النظام السياسي وتهشيمه وإطلاق أحطّ الغرائز وتعفين العلاقات السياسية والاجتماعية وتغذية الحقد وما يترتب عنه من عنف وعنف مضادّ ظواهر نعايشها يوميّا ولا تحتاج لشرح مطوّل، ولكن علينا أن لا ننسى دوما أنها ليس إلاّ جزءا من كلّ حضاري ثقافي و سياسي واجتماعي.

إنّ ضعف الأمّة هو ضعف الإنسان والمواطن داخلها، لقد كان الخطأ والخطيئة في الأيديولوجيات الفئوية الحزبية الفلسطينية أنّها اعتبرت أن الوطن شيء أخر غير جملة المواطنين الذين يكوّنونه، وأنّها اعتقدت أن حقوق الشعب لا تعني ضرورة تمكين الأشخاص الذين يكوّنونه من حقوقهم وحرّياتهم الفرديّة والجماعية، هو ما يعني أن معركة الاستقلال الأولي من الاحتلال والتي لم نتخطاها بعد والتي لها الأولوية والتي تحتاج إلى الكل الوطني، مضافا إليها مرحلة استقلال ديمقراطي ثاني يجب خوضها لمحاربة مظاهر انتهاك حقوق الإنسان والعنف السياسي والانقسام والفوضي بكل صورها، باعتبارهاّ معركة لبلورة المواطن الحقيقي والإنسان كون لا حرمة للوطن ألاّ عبر حرمة كلّ مواطن.

إنّ الفكرة الثانية التي يجب تدميرها في ذهنية المخدوعين هي أنّ الإنسان اسم جديد نغلّف به البضاعة القديمة للفردانية التي تضع المصالح الأنانية أو الفئوية فوق مصالح المجموع الوطني، وهو الأمر الذي لا يمكن لعاقل أن يقبل به لما يتضمّنه من أخطار على التماسك الاجتماعي الذي يعد الدرع الواقي للفرد والمجموعة على حدّ السّواء.

فالإنسان في الرّؤيا الجديدة ليس الفرد أي هذا" السوبرمان "أو ذاك الناجي من المذبحة الجماعية للذات وكرامتها وقدراتها والذي أطلقت لنرجسيته العنان، وإنّما هو كلّ شخص تشكّل حقوقه واجبات كلّ شخص آخر وتشكّل واجباته حقوق كلّ شخص آخر. وهو الممثّل الشرعي والوحيد للإنسانية والوطن في كلّ لحظة ومكان ويشكّل التعدّي على حرمته تعدّ على حرمة الوطن والإنسانية نفسها. لأن حرمة الإنسانية وقداستها لا تتجسّم إلاّ في احترامها في كلّ ممثّل لها فالإنسان الفلسطيني جزء في كلّ وكلّ في جزء .

تختفي داخل الرّؤيا الجديدة الإشكالية التفاضلية المغلوطة أيّا كان الطرف الغالب فيها لندخل علاقة أخرى ليس فيها أولوية وهرميّة وإنّما ارتباط وثيق وتشابك والتحام أفقي ودائري تستمدّ المجموعة فيها قوّتها من قوّة الإنسان ويستمد فيها الإنسان قوّته من قوّة المجموعة التي يغذّيها بدوره لكي تغذّيه وهكذا دواليك .إنّ هذا الحلم مشروعنا للمستقبل المقبل نواصل به من أجل أطفالنا حلم كلّ من حلموا لنا طوال أجيال الألم والنضال وطنا لا نستحي منه ولا يستحي منّا...هل يستحي المخادعون وهلي يفيق المخدوعون!؟؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار