الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرعي الجائر

عبد الجبار خضير عباس

2007 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يبدأ بريمر كتابه عن فترة بقائه في العراق، بابراز امكانات الشخصيات التي اختارها لتصحبه في ادارة العراق بعد انتهاء العمليات العسكرية واول تبرير يمرره بشكل خفي عن استمرار التدهور الامني الى قلة الجيش وانه اتصل لمرات عديدة مع كبار المسؤولين وعلى رأسهم بوش ولكن البنتاغون كان متحمساً لخفض القوات، الا ان بريمر لم يخبرنا لماذا يصر البنتاغون على خفض القوات، ثم يشير بعد ذلك الى حاجة كل 1000 نسمة من البلد المحتل الى عشرين جندياً من جيش الاحتلال، وكأن دولة مثل الولايات المتحدة الاميركية والتي تصف اوروبا ” بالعجوز“ بهذه السذاجة وهي التي وضعت خططها الاستراتيجية للقرن الجديد، وكيف انها اختارت العراق الذي يشكل قلب العالم الاسلامي والعربي فضلاً عن الاهمية النفطية والموارد البشرية، اي انه شعب مؤهل لبناء حضارة ليكون نموذجاً للشرق الاوسط الكبير الذي تسعى لبنائه ويكون منطقة اشعاع ديمقراطية
فعلى سبيل المثال لو جرى ذلك في ليبيا او اليمن او موريتانيا، فانه لايحدث مايحدثه في العراق ثم يحاول السيد بريمر اقناعنا وعن لسان مساعده الذي ارتفع صوته:” نهب المقدرات الصناعية بعد سلب اي مكان يقومون باشعال النيران فيه، هنالك العديد من الثارات التي يجب اخذها “ وكأن قوات التحالف لم تسمح للرعاع والحواسم بنهبها.ويشهد على ذلك الكثير من المواقع بدءاً من البصرة والى شمال العراق اذ قام جنود التحالف بكسر المخازن لهم قال سكوتي:ـ انهم نهابون وتدعوهم النشرات الحكومية بدافعي العربات اذ لا يملكون سيارة في العادة.
ـ هززت رأسي لهذه السخرية وتذكرت النهب والحرق في لوس انجلس اثناء شغب اودني كنغ سنة 1992 عندما عجزت دائرة الشرطة في تلك المدينة عن وقف الفوضى او عدم رغبتها في ذلك، صدرت دعوات لكي تعيد القوات المسلحة فرض النظام بالقوة، يبدو انه لم تكن لدى الجنود الاميركيين الذين يزيد عددهم على 40 الفاً اوامر لوقف النهابين ! وكأن بريمر لايعلم ان القوات البريطانية قد كسرت المخازن للنهابين. وكذلك فعلت بعض قوات التحالف في بغداد والمناطق الاخرى ثم راح بريمر يصف المشهد” كان يمكن ان تدمر طلقة واحدة من مدفع دبابة ابرامز 120 ملم تلك البيك آب الى جانب النهابين!
واسهب في وصف مشاهد النهب والفوضى العارمة لنهب الوزارات وحرق المباني الحكومية. وكيف تحولت وسائل الاعلام العربية والعالمية” سبحان الله “ الى التغطية الدائمة لاعمال النهب بدلاً من الدبابات الاميركية.في جانب آخر من الكتاب ـ شددت على ان إقرار القانون والنظام سيكون اولى اولوياتنا فتغطية وسائل الاعلام لاعمال النهب التي تجري دون رادع تجعلنا نبدو عاجزين فتوقفت قليلاً ثم اردفت” عندما احتلت القوات التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية هاييتي “ سنة 1994 قتلت قواتنا ستة نهابين خرقوا منع التجوال” فتوقف النهب
السؤال الكبير لماذا لم يقتل الاميركان النهابين العراقيين؟! ولو قارنا معاملة الاميركان في البدء مع الارهابيين وماقامت به الشرطة في معالجة النهب والعنف التي قامت به مجاميع من اللصوص اثناء اعصار كاترينا، فعالجوا الفوضى بالرمي الحي على اللصوص دون الاكتراث لحقوق الانسان ومايحدث عندنا من كوارث فالفارق واضح ولايحتاج لذكاء شديد. فقيام جنود التحالف بكسر المخازن لهم، لاتاحة الفرصة للسراق والقوى المعارضة للتغيير ان تعيث في الارض فساداً، وماهذه الا الخطوة الاولى لاستقطاب الارهاب العالمي المتمثل بالقاعدة والزرقاوي وجعل العراق مقبرة لهم، بعد انتفاء الحاجة منهم واداء دورهم على اكمل وجه في افغانستان ابان وجود الاتحاد السوفياتي، اذ أكد بوش في اكثر من خطاب بأنه يعمل على محاربة الارهاب في ارضه بدلاً” من ان يأتي الينا “ وجعل العراق الساحة المتقدمة لمحاربة الارهاب، وتهيئة الظروف المؤاتية، لدخول اكثر من ثلاثين الفاً من الارهابيين عبر سوريا ودول الجوار الاخرى. وفي البدء كانت القوات الاميركية تطلق سراحهم بسهولة بحجة حقوق الانسان وعلى الرغم من ان بعضهم يمسك ومعه افلام قد صورت ماقام به من تفجيرات. فكانت الاجراءات القضائية بشأنهم بطيئة وان صدر حكم بحقهم فيكون مخففاً اذ يسجن اشهراً من ضبطت معه معدات او اسلحة ثقيلة ودخل الحدود العراقية بشكل غير رسمي. ويحمل جنسية اجنبية فيمكن عند الضرورة رمي لصوص في الولايات المتحدة الاميركية بالرصاص في حالة الطوارئ.
وهذا والاجراءات لايفهم منها سوى تسهيل مهمة من يريد ان يحظى بوليمة سماوية. فلو ارادت اميركا حقاً منع هؤلاء من دخول العراق لمنعتهم . وضربتهم وهم في المعسكرات السورية، الا انها قامت بقتل اعداد كبيرة منهم بعد ما اغرتهم بالمجيء وجعلت في العراق فخاً كبيراً لصيد الفئران، وبعد مسك الالاف منهم تمكنوا من معرفة اماكن تنظيمهم واعدادهم ومعسكرات تدريبهم والجهات التي تمولهم واستطاعت ان تجفف الكثير من منابعها.ولم يعطنا تبريراً مقنعاً لحمايتهم وزارة النفط فقط وتركوا المتحف العراقي تحت رحمة السراق والمافيات العالمية او ربما جهات مشبوهة اخرى. وهذه الجريمة تعتبر من جرائم العصر الكبرى الا انها لم يسلط عليها اعلامياً بحجمها الكارثي. وهكذا سمحوا للحواسم العبث بالمتحف العراقي والراعي الجائر في المرتكزات الحيوية. لمعرفتهم ان تدمير البنى التحتية سيرافقه تخريب للقيم والاخلاق. فضلاً عن الفوضى .. الخ وعند الحديث عن النفط يمر عليه مرور الكرام، وكأن مسالة النفط قضية عابرة لم يجر التخطيط لها من زمن بعيد، منذ قانون الاحتواء المزدوج للعراق وايران. وكأن بريمر لم يعلم بمناورات النجم الساطع التي كانت تمهد لاحتلال منابع النفط اذا دعت الضرورة وفي الحالات القصوى فانهم غير معنيين حتى بتوفير الكارت الاخضر من الامم المتحدة اذ يقول أحد المفكرين الاميركان ان الحق هو القدرة على احتلال الشعوب الاخرى. وعندما سئل الرئيس الاميركي جيرالد دفورد في مؤتمر صحفي في 21 كانون الثاني عام 1975 سيدي الرئيس لقد قلتم انت والوزير هنري كيسنجر انه في حالة تعرض الغرب الى الضائقة من قبل منتجي النفط فانكم قد تضطرون لاستخدام القوة العسكرية، ويريد الشعب الاميركي ان يعرف ما اذا كان ذلك يتطلب اعلاناً في الكونجرس بالحرب او يمكنكم تجاوز هذا الاجراء الدستوري كما فعل بعض اسلافكم؟. فأجابه: استطيع ان اؤكد لكم بانه في حالة تطلب التزام من الادارة العسكرية للولايات المتحدة الاميركية بالتدخل فاننا سنستعمل الاجراء الكامل المطلوب من الرئيس. وثمة دراسة اعدت عام 1975 لاحتلال منابع النفط واعدت خريطة تؤشر عدد السكان في الميل المربع الواحد ونسبة المناطق المأهولة وطبيعة حياتهم وعدد السكان قرب الحقول النفطية وشبكة الانابيب وتفاصيل دقيقة اخرى عن نوعية النفط وطرق المواصلات والتهديدات المضادة، وكم تحتاج بئر النفط اذا ما تعرضت للتفجير من الخبراء والفنيين وعدد رجال الاطفاء للبئر الواحدة. ولكن بعد سرد كل هذه التفاصيل لماذا لم تتم معالجة ما يجري من تخريب لانابيب النفط شمال العراق وهو انبوب واحد لم تتم السيطرة عليه في حين ان اميركا قد اعدت خطة لحماية نفط المنطقة وهي في حالة حرب مفترضة مع الاتحاد السوفياتي فضلاً عن صد الهجمات التخريبية من قبل السكان المحليين!! وكتب بريمر عن لقائه بأحد رجال الدين الذي عبر عن سعادته واعجابه بالديمقراطية كثيراً كما قال يجب ان يكون العراق الولاية الاميركية الثالثة والخمسين “ لم يكن هذا الشيخ وحده غارقاً في احلامه بل كل من احب العراق. ويستدرك بريمر فيقول ـ تساءلت عما سيحدث لحلم الشيخ، سيكون من دواعي سروري العظيم زيارة الشيخ ثانية في آخر يوم لي في العراق بعد اربعة عشر شهراً لمعرفة ذلك!
الا يؤكد ذلك ان السيد بريمر كان على يقين ان احلام الشيخ والعراقيين ذاهبة ادراج الرياح في المستقبل المنظور لان حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر ومن اولويات الاميركان جعل العراق مسرحا لاستقطاب الارهاب وساحة معركة مع الارهاب العالمي لجرهم اليها بدلاً من مقاتلتهم في اوروبا واميركا اما الديمقراطية في العراق فهي في الحسابات الاستراتيجية الوصول اليها يمر عبر حسابات اخرى وثمة اولويات يجب انجازها والسقف الزمني يحدد في دوائر لايعرفها حتى بريمر نفسه. والحقيقة الوحيدة التي نعرفها ان خطط السياسيين لاتراعي الجوانب الانسانية وما يمكن ان تخلفه من دماء ودموع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي