الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوض الفلسطيني لايلتزم بالشرعية الدولية!!

عماد صلاح الدين

2007 / 8 / 15
القضية الفلسطينية


لا نريد أن ندخل في قضية ودور ما يسمى بالشرعية الدولية ، التي تقودها وتهيمن عليها الدول الاستعمارية الكبرى ،وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية ، في إحداث الجريمة التاريخية الكبرى بحق الشعب الفلسطيني المتمثلة في دعم ومساندة إقامة الكيان الصهيوني على ارض أصحابها الفلسطينيين الحقيقيين ، الذين جرى تهجيرهم من قراهم ومدنهم و أراضيهم بالجبر والقسر من اجل تحقيق هذه المهمة القذرة وغير الأخلاقية بحق الشعب الفلسطيني وبحق التاريخ الإنساني كله ، لكن دعونا نتحدث ،على الأقل، عن قضية الالتزام والامتثال بما ورد في هذه الشرعية بشأن القضية الفلسطينية، وبالتحديد من جانب المفاوض الفلسطيني الرسمي .

بالنسبة لأمريكا وإسرائيل ، نحن نعرف وندرك أنهما تتعاملان مع الشرعية الدولية وقراراتها، بشكل عام وبالتحديد فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالشعب الفلسطيني وقضيته،بصورة انتقائية، وحيثما تجدان أن التعامل أو عدمه معياره وحاكمه الأول والأخير مصالحهما المشتركة ، ولذلك فان أمريكا وإسرائيل تنتهكان الشرعية الدولية والقانون الدولي وتتجاوزان عنهما حينما يتعلق الأمر بتحقيق بعض من عدالة القضية الفلسطينية ،وعلى وجه الخصوص تلك القرارات التي تتحدث عن ضرورة عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها بالقوة والإكراه من قبل العصابات الصهيونية عام 48 ، 67. ولعل ابرز تلك القرارات القرار 194 لسنة1948، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والقرار327 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، والأمر كذلك ينصرف من حيث الموقف الأمريكي والإسرائيلي السابق نحو القرار 181 الصادر سنة1947 والمتعلق بتقسيم ارض فلسطين التاريخية بين دولة يهودية تقوم على 56 % من أراضيها ودولة للفلسطينيين العرب تقوم على 44 % منها .

حتى بالنسبة للقرارين 242 ، 338 ، واللذين يعتريانهما غموض كبير يعمل ضدا وسلبا تجاه حقوق الشعب الفلسطيني في سياق حدودها الدنيا ، هذا القراران هما الآخران رغم تمسك الجانب الأمريكي والإسرائيلي بهما سابقا ، ومن ثم فرض الاعتراف بهما من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ، أصبحا فيما بعد متجاوز عنهما من قبل أمريكا وإسرائيل ، لصالح مرجعية أخرى تخدم أهداف المذكورتين سابقا ، والمرجعية الأخرى المقصود بها هنا هي مرجعية التفاوض المباشر مع إسرائيل ، وهذا يعني في النهاية فرض الرؤية الأمريكية والإسرائيلية لأية تسوية ستكون ، وبالفعل هذا ما حدث على وجه التأكيد منذ مسيرة مدريد عام 1991 ومن ثم أوسلو عام 93 ، وان كان الحديث يجري أحيانا عن الشرعية الدولية وقراراتها ، إلا انه كان يحدث بشكل باهت وخافت ، وبرغم كل ذلك فإن الفترة الممتدة من التفاوض مع الجانب الإسرائيلي التي بدأت مع أوسلو وحتى كامب ديفيد الثانية 2000 ، كان يحكمها أن الراحل عرفات وضع في اعتباره في نهاية المطاف تحصيل الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة بالدولة المستقلة وبحل عادل لقضية اللاجئين ، وهذا الموقف دفع ثمنه ياسر عرفات اغتيالا بالسم .

لكن اللذين جاؤوا بعد الحقبة العرفاتية خرجوا من كل عباءة شرعية؛ الشرعية الفلسطينية وحتى الشرعية الدولية . فالرئيس عباس ومن حوله نظريا هم يقولون أننا نتمسك بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية المتفق عليها ، لكنهم على ارض الواقع يرحبون ويحثون على الاعتراف والتعامل بكل وثيقة أمريكية أو إسرائيلية من اجل التوصل إلى تسوية ، ولعل خارطة الطريق ووثيقة جنيف والترحيب بدعوة بوش للاجتماع الإقليمي وأخيرا بمبادرتي أولمرت وبيريز للسلام مؤخرا وغيرها ، اللاتي يقمن على فكرة التوصل إلى كيان فلسطيني مقطع الأوصال منقوصة منه السيادة الكاملة على الضفة من خلال المستوطنات الرئيسية ووجود الجدار وعزل الأغوار، بالإضافة إلى أن تكون القدس موحدة كعاصمة لإسرائيل وليس لنا في القدس أية سيادة سوى رفع علم عربي أو فلسطيني على الحرم القدسي الشريف كما في مبادرة بيريز واولمرت الأخيرة.

وأما بالنسبة للشرعية الدولية ؛ فأقطاب أوسلو ومنذ فوز حماس في انتخابات كانون الثاني 2006 ، ما برحوا موقف ضرورة اعتراف حماس بالشرعية الدولية وبقراراتها ، ولكن الجاري فعليا على الأرض أن دعاة الشرعية الدولية الاوسلويين هم أنفسهم من لا يحترمونها ولا يلتزمون ولا يعترفون بها عمليا ، فحتى القرارين 242 و338 اللذين كان كبير المفاوضين الفلسطينيين السيد صائب عريقات يرددهما في كل موقف ومناسبة ومحفل، يبدو الآن أنهما قد غيبا، بل اعدما وما عاد لهما ذكر ، أما إن أردنا الحديث عن القرار 194 المتعلق بعودة و- أو تعويض اللاجئين الفلسطينيين ، فان هذا القرار ملغي نهائيا من أجندة المفاوض الفلسطيني ، والمرجعية البديلة عنه هي الحلول الخلاقة التي تحدث عنها الرئيس عباس وأكدها من قبله رئيس حكومته في رام الله سلام فياض ، بان الحل يكمن فقط بالاتفاق مع الإسرائيليين وليس بالاستناد إلى ما قررته القرارات الدولية المعنية بهذا المجال .

وخلاصة القول؛ أن المفاوض الفلسطيني كما يبدو قد لحق بالركب الأمريكي والإسرائيلي في عدم احترام والاعتراف والالتزام بشرعية القرارات الدولية ومن ثم الالتزام بما جاءت به ، فديدنهم وطريقتهم باتت أمريكية إسرائيلية محضة ، فأمريكا مثلا كقدوة وأسوة هي أول من تنكرت لشرعية الأمم المتحدة حينما أعلنت الحرب على العراق ومن قبلها أفغانستان من دون تفويض من مجلس الأمن بهذا الخصوص ، وهي نفسها التي تريد اليوم تجيير الأمم المتحدة لخدمة مصالحها من خلال ضغطها باستصدار قرار من مجلس الأمن بضرورة عودة دور الأمم المتحدة إلى العراق بل وتوسيع هذا الدور ، وهي ورفيقة دربها إسرائيل من تقف في وجه استصدار أي قرار لإنصاف الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية ، وهما معا من لا تلتزمان ياية شرعية لا تخدم مطامعهما الاستعمارية والاستيطانية .

والمفاوض الفلسطيني صاحب رؤية التفاوض الاستراتيجي والتاريخي بالمعنى المجرد من كل رؤية لمقاومة أو حتى لدفاع عن النفس في وجه الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية حتما سيكون بهذا التوجه والمعنى قابلا وراضخا لكل رؤية وتوجه أمريكي وإسرائيلي ، وبالتالي هذا يعني التجرد والتحلل من كل التزام ومرجعية سواء كانت وطنية أو دولية من خلال ما ورد من قرارات وتوصيات أممية تتعلق بملف الصراع العربي الإسرائيلي؛ وفي الأخص منه الجانب الفلسطيني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن