الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نص كلمة بعد الكلمة و النصف

محيي هادي

2003 / 10 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أرجعتَ الى ذاكرتي ، يا أخي نوري العلي ، النشيد الذي كنا ننشده و نحن تلاميذ صغار.

موطني ، موطني
الجلال و الجمال
و السناء و البهاء
في رباك
و الحياة و النجاة
و الهناء و الرجاء
في هواك
هل أراك
سالما منعما
و غانما مكرما؟

ذكرتني بالنشيد ، و ذكرني النشيد بطفولتي و بمدرستي الإبتدائية، فمرت أ مام عينيَّ و في مخيلتي صور لوجوه زملائي . لا أدري أين -ذبَّهم- الدهر و الى أين أصبح مصيرهم ؟
هل هجَّرهم البعث و رماهم خارح الحدود بدون وقاء يحميهم من برد الشتاء و من قيظ الصيف؟
هل سجنوا؟
هل عذبوا ؟
هل أعدمهم الحكم الدموي؟  مثلما أعدم صديقي و قريبي صفاء الحريري الذي أختطفته عصابات الإرهاب البعثية في بداية الثمانينات المشؤومة ، ولم يعرف أهله أنه أعدم، الا قبل ثلاثة أشهر ، ولحد الآن لم يعرف اين موضع جثته الطاهرة!! و هل حظ زميل من  الزملاء صار  مثل حظ ذلك الصديق هادي العطار الذي قيل عنه أن البعثيين تركوه مقطعا الأعضاء موضوعا في كيس و تركوه أمام بيت داره ؟!
هل تغير الزملاء فأصبحوا بعثيين ؟ طوعا  يؤذون الناس أم إجبارا ؟
هل بلعتهم أجواف البحار و المحيطات و هم يعبرونها بحثا عن ملجأ آمن ؟
أم تحولوا الى طعام لذئاب و حيوانات الجبال ، عندما أرادوا التخلص من غدر البعث، و أصبحوا  في خبر كان ؟

لم يذكرني النشيد بوطني ، إذ أنني لم أنسى الوطن أبدا ،و لم أفارقه  يوما ولو أن جسدي أصبح بعيدا عنه . إن القلب ينبض به و الروح تتحرك بأناشيده الحزينة ، والعقل يفكر به ، و كان ذلك النبض و  الحزن و  التفكير يقرب لي المسافات البعيدة  التي تحجز بيني وبين الوطن.

ذهب اللئام و هربوا الى مجاري الفضلات ، إنهم لا يستحقون أي شيء ، و لا حتى الفضلات .

لقد أصبح الصغار ينشدون للوطن ، للأرض و للشعب ، و تنظفت أفواههم من اسم جلاد العراق ، الإسم الذي - ين?ـس - فم كل ناطق به . لم يعدوا يغنون مجبرين للمجرم إبن صبحة.
و رجعنا نمشي، ورؤوسنا فوق أكتافنا، بدون أن نتلفت شمالا و يمينا أو الى الوراء خوفا من أن تقتنصنا أيادي مخابرات المجرمين.
و بدأنا نحلم حلما سعيدا منعشا. نحلم من جديد و بهدوء بدون أن يزعجنا طرق أبواب بيوتنا في منتصف الليل وهو يوقظنا ليشعرنا  بأن يد الموت البعثي تقترب منا تريد اختطافنا و القبض على أرواحنا.
و عادت تلك النسمات العذبة التي تنبعث من شمالك يا وطني الحبيب  لتنتشر صافية بدون الغازات السامة التي أطلقها عليك البعثيون ، عديمو المروءة و الشرف و عديمو الإنسانية و الرحمة . و تنتشر النسمات الحلوة لتغطي العراق من الشمال و تصل الى الجنوب حيث تتفتح أزهار أهوارنا ، الأهوار التي جففها البعثيون بحقدهم و كراهيتهم لسكان هذه الأهوار ، الأهوار التي نسميها فينيسيا الشرق.

لقد عدت أغني أغنية فاضل رشيد :
مِن تـِهب نسمات عذبة من الشمال
عل ضفاف الهور تتفتح زهور
لو عزف عل الناي راعي من الشمال
عل الربابة يجاوبه راعي الجنوب

و أسأل نفسي : ما حصل لفاضل رشيد ، و أين رمى به القدر؟

ما أجملك يا وطني ، بجبالك الشاهقة و بصحاريك الواسعة ، بأنهارك  الغزيرة و بنخيلك الشامخ !!
ما أحلاك حتى بـ - عجاجك - الذي يعمي العيون  والذي  إذا امتزج بعرق الوجه يتحول الى طين، طين لا يزال طعمه عالقا بفمي يذكرني طعم ترابنا الخالد.
ما أجمل دجلة بمائها - الخابط- الذي كنا نسبح فيه. دجلة التي حاول البعثيون - تجييف - مياهها و هم يعبرونها بأجسادهم العفنة.

أراك يا وطني ، يا موطني ، خاليا من حقد البعث و من إجرامه الدموي و من أفكاره الهمجية .
فهل أراك أيضا، يا وطني ، خاليا من التطرف و التشنج ، الذي لا يسمح للفكر الآخر بالتحرك و لا يحترم حرية الآخر؟!

نعم يا وطني ، سأراك سالما منعما رغم عمليات إرهاب الوهابيين و البعثيين الدمويين.
و سأراك غانما مكرما رغم أنوف مسؤولي المُـفـرِّقَـة الأعرابية.
و إن الحياة و النجاة لن تكونا الا في هواك.
يا موطني

محيي هادي - أسبانيا

06/10/2003









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تقبل بمقترح أمريكي لبدء محادثات بشأن إطلاق سراح الرهائن


.. فوز الإصلاحي بيزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية




.. حرب وإهمال.. مياه الصرف الصحي تغمر أحد شوارع خان يونس في غزة


.. الاستيطان الإسرائيلي يتسارع بشكل محموم في الضفة الغربية




.. إصابات بسقوط ألعاب نارية وسط حشد من جماهير تحتفل بيوم الاستق