الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصريون لا يخدمون الوطن بل يقتلونه

محيي هادي

2003 / 10 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أسبانيا ، الأندلس سابقا، بلاد الآثار العربية و الإسلامية التي تنتشر  في الشمال و في الجنوب ، و  أكثرها في الجنوب . في هذا البلد حاول يحاول العنصريون أن يمحوا تاريخا امتد الى ثمانية قرون ، ففي عهد و أيام فرانكو كان يدرسون تاريخ بلدهم و لكن عندما يصلون الى تلك القرون الثمانية ، تراهم و قد ألغوا هذه القرون ،فقفزوا عليها و بخروها في غياهب الجهل و نكران التاريخ . تاريخهم. كان ينقطع لأنه كان يذكرهم بتلك الحضارة  التي سادت العالم لفترة طويلة ، حضارة عربية و إسلامية وضعت أسلافهم في مقدمة الدول المتحضرة آنئذ، وتركت لهم الكثير من العلم و الأدب و العمران ، تشهد عليها بنايات قائمة لحد الآن . فالحمراء  في غرناطة و المسجد الجامع في قرطبة و منارة الجامع الكبير في إشبيلية دلائل عمرانية على ذلك ، يستعملونها اليوم لجلب الملايين من السواح.
و إبن رشد يقدم لنا مثلا آخر كضوء منار لعشرات الأطباء و الفلاسفة الأندلسيين الذين اشتهروا في ذلك الوقت .
و اللغة الأسبانية لا زالت تحتوي على الكثير من الكلمات العربية ، فالمخدة التي نستشيرها و نسألها كل ليلة تـتكلم مع الأسبان بنفس الكلمة التي نتكلمها ، ِalmohada. كما و إن اللغة العربية كانت في ذلك الوقت لغة العلم و الأدب ، و كان أدباء قشتالة في ذلك الوقت  يستعملون الحروف العربية لكتابة لغتهم القشتالية.
و لكن المشكلة أن التاريخ الزاهر الأندلسي لا يعجب العنصريين الأسبان . لماذا ؟ لأن هذا التاريخ يذكرهم بالعرب ، أجدادهم، و هم ليسوا بعرب الآن . و يذكرهم بالإسلام ، وهم مسيحيو الديانة في الوقت الحاضر، و يذكرهم بتاريخهم . إذن ماذا عليهم أن يفعلوا ؟ لقد حاولوا نكران التاريخ و إن لم يستطيعوا فالتزوير يكون عملهم.
و في تركيا ، جارتنا ، قدمت اللغة العربية الى لغتهم الكثير من المفردات التي  يستمر في استعمالها الأتراك ، الا أن عنصرييهم يحاولون تبديل الكلمات العربية و حذفها ، مستبدلين بها كلمات فرنسية أو كلمات أخرى يقولون عنها أنها تركية الأصل . و في زمن كمال أتاتورك تم إلغاء استعمال الحروف العربية و تبديلها بأحرف لاتينية ، وما كان سبب أتاتورك في ذلك الا  معادات العرب و اشمئزازه من أحرفهم . و بهذا فقد قضى على تاريخ مجيد من تاريخ الأتراك.
و يصعب على كثير من الأتراك الآن التمييز بين اللغة العربية و بين لغتهم التركية القديمة ( أسكي ترك?ه ). إذ يتصورون أن كل شيء مكتوب بأحرف عربية هو عربي.
و أما بالنسبة للعنصريين من  فرس  إيران، فإنهم قد لا يعرفون ان لغتهم لم تكن تكتب ، إذ كان الفرس يكتبون بالآرامية أو الأغريقية، الى أن جاء العرب فقدموا لهم حروفهم ، والفرس  لا يزالون يستعملون الحروف العربية في كتابتهم الى وقتنا الحاضر ، و قدم العرب لهم أيضا الدين لتدين به الغالبية العظمى من شعبهم الفارسي ، و كذلك الغالبة العظمى من الشعوب التي تشترك معهم في تكوين الدولة الإيرانية.
ويحاول العنصريون الفرس ، شأنهم شان أقرانهم الأسبان و الأتراك و الأعراب ، تغيير و تزوير كل شيء له رائحة تدل على وجود حضارة أخرى غير التي يدَّعون بها. و العنصريون لهم عقدتين في نفوسهم: عقدة الإستعلاء فهم يستعملونها ضد القوميات المضطهدة في بلدانهم ، و عقدة النقص إذ هم من جماعة يس سير و وي مسيو.
و لم يكن العرب هم الوحيدون الذين قدموا الحضارة للشعوب التي ذكرتها ، كمثالا ، بل هم ، اي العرب قد استلموا من تلك الشعوب حضاراتهم أيضا . و إذا راجعنا تاريخنا و تراثنا فنجد المئات من العلماء و الأدباء و هم يقدمون أفضل أعمالهم لتزدهر بها الحضارة العربية.
مَن من العرب المتعلمين لا يعرف سيبويه ؟ إمام النحو العربي.
و من منهم لا يعرف إبن سينا ؟ ذلك الطبيب المشهور عالميا ، و لحد الآن.
و من المتديين ، من لا يعرف أبا حنيفة، صاحب المذهب الحنفي؟
و من الشيعة ، من لا يعرف زين العابدين (ع) . ألم تكن أمه إبنة كسرى الفرس؟ و علي بن الحسين ، زين العابدين، هو إبن خالة سالم بن عمر و إبن خالة محمد بن أبي بكر. إذ أن أمهات الثلاث هن أخوات فارسيات.
و للمتبع للتاريخ يجد الكثير من الخلفاء أولاد لنساء فارسيات أو تركيات ، ويجد الكثير من الوزراء غير العرب .
إن الحضارة هي بوتقة تنصهر فيها كل أعمال علماء العلم و علماء الأدب ، لا فرق بين أعجمي و عربي الا بعلمه و أدبه. و لا يعادي حضارة الغير الا ذلك الجاهل أو ذلك العنصري المتزمت.
و في الوقت الحاضر ، وأنا أكتب هذه الكلمات لأنشرها عبر الإنتريت ، أسأل و أتساءل :من الذي أخترع لنا الكوميوتر و الإنترنيت .. الخ؟

إن العراق قد ابتلي بالعنصريين البعثيين، بقيادة المجرم صدام ، الذين مثلوا خير تمثيل لكل ما للعنصرية من شوفينية و إرهاب و حروب. لم يسلم منهم شعبنا العراقي ، لا عربه و لا كرده و لا تركمانه و لا أية قومية أخرى . الكل ذاق المرارة والهوان. و خلق البعثيون في كل بيت نائحة ، بالضبط مثلما أراد الملك الأردني حسين، فلم يسلم أي بيت عراقي و قد وصل القتل الى بيت إبنتي المجرم صدام ، أيضا.
إن البعثيين لم يكتفوا بشن الحرب على الشعب العراقي بل و إنهم قد قد شنوا حربا شعواء على الجارة إيران ، و استخدموا كل ما لديهم من خداع لتبرير الحرب. إن البعثيين  بشنهم الحرب لم يغتالوا الشعب الإيراني بكافة قومياته فقط ، بل إغتالوا الشعب العراقي بكل قومياته أيضا. و قد نال الشعب العربي في الأهواز القسط الأكبر .
في خلال الحرب استعمل البعثيون عرب الأهواز للدعاية و النشر ، و قد خدع البعض من هذا الشعب بما قاله البعثيين ، و لكن البعثيين سابقا ، و في عام 1975 في الجزائر ، كانوا قد باعوا الأهواز و شعبها ، و باعوا  كذلك شط العرب .
لقد قلب البعثيون تلك الحكمة التي تقول : الأقربون أولى بالمعروف ، فحولوها الى : الأقربون أولى بالمكروه و بالحروب.
لقد دمر المجرمون البعثيون عربستان  و حرقوا  ارضها إذ حولوها الى ساحة حرب و نيران.و لم يسلم شعب هذه المنطقة العربية من غازات البعث القاتلة.
و غيَّر البعثيون إسم الأهواز ، ليزوروا الإسم التاريخي العربي لهذه المنطقة .لقد مزقوا الأهواز حينما نطقوا بها ، و مثلما  نطقوا بالوحدة و الحرية  فإنهم مزقوا الوحدة و عذبوا الحرية .لقد كانت وحدتهم تمزيق صفوف العرب و أثبتوا ذلك عند احتلالهم للكويت و نهبها. أما الحرية فقد ضاعت بزج مئات الآلاف من أبناء شعبنا في السجون و تعذيبهم و إغتبالهم فيها.
عندما أريد قراءة تاريخ الأهواز   كعراقي عربي، من هذا الطرف من شط العرب ، فإنني لا أجدها الا و هي مذكورة تحت هذا الإسم: الأهواز. و من لا يؤيد هذا الإسم يحتج لإعتقاده بأن الأدباء الفرس هم الذين نقلوه الى العرب . و بهذا فهم يعتمدون على ياقوت الحموي لتأكيد رأيهم في الإسم ، باعتبار الحموي عربي الأصل معتمدين على لقبه ،الحموي.
و لكن إذا بحثنا في مؤلفات الحموي نجده لا يذكر الأهواز الا بالأهواز. هذا من ناحية ومن ناحية فإن الحموي لم يكن عربي الأصل ، بل رومي ، إذ وكما يذكر كتاب المنجد أن تاجرا من حماة اشترى ياقوتا.
و لكن بالنسبة لي شخصيا فإن الحموي عربي الثقافة و المعيشة ، و هو قد أهدى الى التراث العربي مؤلفات نعتز بها  ، كمعجم البلدان و معجم الأدباء.
و قد أكد إسم الأهواز أدباء عرب ، أصلا و معيشة و ثقافة.
إن الذي يحاول تغيير إسم الأهواز يقوم بقبحين ، الأول هو الإعتداء على كلمة تاريخية نستعملها من زمن بعيد ، والقبح الثاني أن الذي يقول أنه  عربي يحاول قتل كلمة عربية.
و في نفس الوقت الذي أضم صوتي الى من يريد لشعبه الحرية و الإزدهار و التقدم ، فإنني  أناهض ذلك العنصري الذي يصفق لما قام به البعثيون ،و رأسهم الدموي صدام ، ضد شعبي العراقي ، وأناهض ذلك الذي يزغرد للإجرام البعثي و هي ينشر غازاته السامه و يقتل كردنا  في الشمال و عربنا في الجنوب ، و يجفف أهوارنا.و لا أصدق من لا يدين إرهاب البعث بأعلى صوته.

لكل شعب الحق و الحرية في إختيار طريق حياته . ينضم الى هذا أو ذاك من الشعوب لتكوين دولة يتعايش فيها الجميع . أو ينفصل ليقرر وحده ما يريد . و لا أعني هنا أن الإنفصال هو الطريق الوحيد إذ كُثرما يطالب به العنصريون الذين لا يحتقرون الشعوب الأخرى بل و أيضا يحتقرون و يزورون إرادة الشعب الذي يخرجون منه.

و على الرغم من عدم كوني سياسيا فإنني أؤيد القائلين بإن السياسة هي فن الممكن.

محيي هادي- أسبانيا

07/10/2003









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تقبل بمقترح أمريكي لبدء محادثات بشأن إطلاق سراح الرهائن


.. فوز الإصلاحي بيزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية




.. حرب وإهمال.. مياه الصرف الصحي تغمر أحد شوارع خان يونس في غزة


.. الاستيطان الإسرائيلي يتسارع بشكل محموم في الضفة الغربية




.. إصابات بسقوط ألعاب نارية وسط حشد من جماهير تحتفل بيوم الاستق