الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الطبقة الجديدة- مدفنة المباديء ... والشعارات سيد الموقف

هفال زاخويي

2007 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ينتابني شعور بين الحين والآخر ان الكتابة حول "الطبقة الجديدة " تعد ضرورة قصوى ... ولطالما تطرقت فيما مضى الى هذه الطبقة التي تظهر بعد كل ثورة او حركة سياسية او انقلابية ... كان ميلوفان جيلاس اليوغسلافي يعيش صدمة حقيقية وهو يرى تحول الثوار الشيوعيين في بلده الى طبقة منتفعة وبافراط مما شكل ذلك تناقضاً فظيعاً بين النظرية والتطبيق ، كتابه " the new class " أحدث صرخة مدوية بصفحاته القليلة ، فلم يكن هذا الثوري العتيد- والذي ساهم في قيادة حرب الأنصار ضد الاحتلال الألماني الى جانب صديقه ورفيقه الثوري العتيد "جوزيف بروس تيتو"- ليقبل او يتحمل رؤية رفاق الأمس الثوريين يتحولون الى تجار يحتكرون مقدرات البلد ، لم يكونوا يتقنون فن التجارة بل اتقنوا فن الاستحواذ على مقدرات البلد من خلال صعودهم الى دفة الحكم واعتقدوا ان الثورة شركة تجارية مساهمة وكل ثائر عتيد يخرج سالما بعد انتهاء الثورة يحق له الحصول على حصته مع الأرباح ، أما الذين لقوا حتفهم فكانوا أدوات وآلات ووسائل لوصول الباقين على قيد الحياة الى الحصول على أرباحهم ، وكانت الظاهرة تتفشى بين القياديين من الخط الأول والثاني والثالث في حين ظلت الطبقات الدنيا التي تشبعت بروح الثورة تتفانى من أجل المباديء ولا ضير ان يحرم من كل وسائل الراحة ولا ضير ان يبقى معوزاً تتقاذف به أمواج الفقر حيثما تشاء.

الظاهرة قديمة جديدة ، انتعشت في تاريخنا الإسلامي بعد استلام الخليفة الراشد الثالث مقاليد الأمور بعد عشر سنوات من حكم حازم حاسم للخليفة الثاني الذي أدرك ان قريشاً لو خرجت من مربعها وانتشرت في اقاليم الأرض فإنها ستستبد وستسمن لذا وقف سداً منيعاً كي لاتتحول قريش الى دولة في الأرض ، وبعد ظهور الارستقراطية الجديدة او احيائها من جديد في عصر الخليفة الثالث جاء الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب ليقف أيضاً سداً منيعاً يحد من انتعاش الطبقة الجديدة بشكل انشطاري والتي مثلها معاوية بن ابي سفيان ، كان صراع الأخير على السلطة وصراع الأول من أجل احقاق الحق ونشر العدل وصون كرامة الإنسان وبمثالية فريدة من نوعها لاتنسجم مع معطيات السياسة وفنونها القذرة فذهب الرجل ضحية افكاره وتوجهاته الإنسانية الشاملة غير المؤطرة باطار ديني او قومي .

الظاهرة تتجدد في العراق حيث بروز " طبقة جديدة" بأسم المباديء وبأسم الثورية ومن خلال شعارات براقة ، هذه الطبقة تنتشر وتتكاثر بشكل مثير للجدل فمعظم الثوار تحولوا الى تجار وقد تكون قناعاتهم في اللاوعي تملي عليهم بأن ما يحصلون عليه حق مشروع ومكافاءة لسنوات الثورة التي لم تفلح في إزاحة الطاغية صدام حسين ونظامه بل أزاحته أميريكا من خلال لعبة ذكية في أيام معدودات ، لا ننكر الدماء التي سالت من اجل الحرية وليس بمقدور احد –باستثناء الطبقة الجديدة- انكار دور الضحايا الذين سقطوا على مذابح الحرية شهداء طاهرين...لكن لازال اطفالهم ايتاماً ، فماذا لو قام الشهداء من مدافنهم بمعجزة الهية وواجهوا الطبقة الجديدة فقط بالحوار أو حتى بلغة العيون...؟!

الظاهرة اجتماعية اكثر مما تكون سياسية لكن وسيلة انتعاش هذه الطبقة سياسية ، ولا اشك في ان امثال ابن خلدون والدكتور علي الوردي سيقفون منذهلين ومندهشين امام هذه الحالة الفريدة من نوعها.

الأهالي في بلدنا لايطلبون شيئاً يشبه المعجزة من الطبقة الجديدة بل كل ما يطلبونه هي حقوق المواطنة الحقيقية ... لكن المطالبة بحقوق المواطنة ورعاية المصالح وتحقيق العدل وصون الحقوق والحريات في المجتمعات المتدهورة -التي لازالت تعيش في وهم الامجاد التاريخية وتؤمن بتأليه القادة والزعماء- تعد خيانة عظمى...!

*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة- | #مراسلو_سكاي


.. استشهاد الصحفي بهاء عكاشة بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم ج




.. شهداء ومصابون جراء غارات إسرائيلية استهدفت مربعا سكنيا بمخيم


.. نشطاء يرفعون علم عملاق لفلسطين على أحد بنايات مدينة ليون الف




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تحقق مطالبها في أكثر من جامع